الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

أبرزها الأمن والهجرة.. ماسك يتحدى الحكومة البريطانية في قضايا سياسية شائكة

  • مشاركة :
post-title
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والملياردير الأمريكي إيلون ماسك

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تصاعدت حدة التوترات بشكلٍ حادٍ بين الحكومة البريطانية العمالية ورجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك، في خلاف يكشف عن تداخل معقد بين السياسة والتكنولوجيا والقضايا الاجتماعية الحساسة، وقد تجلى هذا الصراع في سلسلة من التصريحات النارية المُتبادلة بين الطرفين، مما دفع وزير الصحة البريطاني أندرو جوين، إلى توجيه تحذير صريح لماسك بضرورة الابتعاد عن التدخل في الشؤون البريطانية الداخلية.

صراع القوى والنفوذ

في تطورٍ لافتٍ للأحداث، كشفت مصادر مطلعة لصحيفة بوليتيكو، أن الخلاف يتجاوز مجرد تبادل التصريحات ليعكس صراعًا أعمق حول النفوذ والسلطة في العصر الرقمي، إذ إن ماسك، الذي يعد من أقوى حلفاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العائد حديثًا إلى البيت الأبيض بعد فوزه في انتخابات نوفمبر 2024، وجه انتقادات لاذعة ومتكررة لرئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر.

وقد تناولت هذه الانتقادات مجموعة واسعة من القضايا، بدءًا من سياسات الأمن والنظام العام، مرورًا بالسياسة الاقتصادية، ووصولًا إلى قضايا حرية التعبير، مما أثار حفيظة أعضاء حزب العمال الحاكم وأشعل أزمة دبلوماسية غير معلنة.

وفي تصعيدٍ غيرٍ مسبوق للموقف، أثار ماسك عاصفة من الجدل عندما طالب بالإفراج عن الناشط اليميني المتطرف تومي روبنسون، الذي سُجن في أكتوبر الماضي لانتهاكه أمرًا قضائيًا يتعلق بادعاءات تشهيرية أطلقها ضد طالب لاجئ سوري.

وقد استخدم ماسك منصته "إكس" (تويتر سابقًا) لتوجيه اتهامات خطيرة لستارمر، الذي شغل سابقًا منصب رئيس النيابة العامة في بريطانيا، واصفًا إياه بأنه "متواطئ في اغتصاب بريطانيا"، في إشارة إلى ما اعتبره ماسك فشلًا في التصدي لقضايا الاستغلال الجنسي للأطفال.

انقسامات عميقة

وتكشف هذه المواجهة، وفقًا لتحليل موسع أجرته بوليتيكو، عن انقسامات عميقة في المجتمع البريطاني حول قضايا الهجرة والهوية والأمن، إذ أشار تقرير حكومي صدر عام 2014، عُرف باسم تقرير أليكسيس جاي، إلى تعرض ما يقرب من 1400 طفل للاستغلال والاعتداء الجنسي في مدينة روثرهام وحدها بين عامي 1997 و2013.

وكشف التقرير عن "إخفاقات جماعية" في نظام الرعاية، موضحًا أن السُلطات المحلية ترددت في مواجهة المعتدين من أصول باكستانية، خشية اتهامها بالعنصرية.

وقد تحول هذا الموضوع إلى نقطة محورية في الخطاب السياسي البريطاني، خاصة مع تبني شخصيات يمينية بارزة مثل نايجل فاراج، زعيم حزب الإصلاح البريطاني، لهذه القضية.

محاولات التهدئة والمستقبل

وفي محاولة لاحتواء الأزمة المتصاعدة، قدم وزير الصحة ويس ستريتنج، مقاربة أكثر دبلوماسية، حيث أكد في تصريحات خاصة لبوليتيكو استعداد الحكومة البريطانية للتعاون مع شركات التكنولوجيا العملاقة، بما فيها منصة "إكس" التي يملكها ماسك، لمعالجة قضية الاستغلال الجنسي للأطفال.

وأشار ستريتنج إلى أن انتقادات ماسك، رغم كونها "غير مدروسة وغير مستندة إلى معلومات صحيحة"، لا ينبغي أن تمنع التعاون المشترك لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة.

وتأتي هذه التطورات في وقت حساس بالنسبة للسياسة البريطانية، حيث يواجه حزب العمال الحاكم تحديات متزايدة من المعارضة المحافظة التي خسرت السلطة في يوليو الماضي بعد أربعة عشر عامًا من الحكم.

وقد استغل حزب المحافظين هذه القضية للضغط على الحكومة العمالية، مطالبًا بإجراء تحقيق وطني شامل في قضايا الاستغلال الجنسي، رغم أن الحزب نفسه كان قد رفض مثل هذه المطالب خلال فترة حكمه.

كما أكدت الحكومة البريطانية، في دفاعها عن موقفها، أنه تم بالفعل إجراء سلسلة من التحقيقات المحلية الشاملة، بالإضافة إلى تحقيق وطني واسع النطاق صدرت نتائجه في عام 2022.

وشدد الوزير جوين على أن المزيد من التحقيقات قد لا يكون ضروريًا، مشيرًا إلى أن ماسك ربما لم يكن على دراية كافية بالإجراءات التي اتخذتها بريطانيا بالفعل لمعالجة هذه القضية الحساسة.