تحمل المرحلة الجديدة للمشهد السياسي الأمريكي في طياتها تحولات جذرية، بعد عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بعد فوزه بانتخابات نوفمبر الماضي، على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، نائبة الرئيس الحالي جو بايدن.
واستعرضت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية خمسة ملفات رئيسية ستشكل ملامح السياسة الأمريكية في العام الجاري (2025)، في ظل سيطرة الجمهوريين على مجلسي الكونجرس وتصاعد التوترات داخل الحزب الواحد.
صراع الأجنحة
لم تمض سوى أسابيع قليلة على انتصار الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية والتشريعية، حتى بدأت بوادر الخلافات تلوح في الأفق بين أجنحة الحزب، وأشارت "ذا هيل" إلى انقسامات عميقة في مجلس الشيوخ حول ترشيحات ترامب للمناصب العليا
ويواجه بيت هيجسيث، مرشح وزارة الدفاع، انتقادات حادة بسبب اتهامات سابقة بالتحرش الجنسي، رغم نفيه لها ووصفه للواقعة بأنها كانت بالتراضي.
وفي السياق ذاته، أثار ترشيح النائبة السابقة تولسي جابارد لمنصب مدير الاستخبارات الوطنية مخاوف كبيرة في مجلس الشيوخ، نظرًا للقائها بالرئيس السوري السابق بشار الأسد، ومواقفها المتعاطفة مع روسيا، ودعوتها السابقة ترامب للعفو عن إدوارد سنودن، الموظف السابق في وكالة الاستخبارات الأمريكية والمتهم بتسريب وثائق سرية.
وبحسب الصحيفة، قد يجد أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، خاصة من سيخوضون انتخابات 2026، أنفسهم في موقف صعب بين رفض مرشحي ترامب ومواجهة تحديات في الانتخابات التمهيدية.
أما في مجلس النواب، فيواجه رئيس المجلس مايك جونسون تحديًا كبيرًا للاحتفاظ بمنصبه، بعد رفض مشروع قانون تمويل الحكومة الذي تقدم به عقب اعتراضات من ترامب وإيلون ماسك.
ورغم تجنب إغلاق حكومي قبل العطلات، إلا أن عددًا من النواب عبروا عن استيائهم من طريقة تعامل قيادة الحزب مع مشروع القانون، الذي تم تمريره في نسخة ثالثة مخففة، دون طلب ترامب برفع سقف الدين.
إيلون ماسك
رسمت الصحيفة صورة مفصلة لصعود رجل الأعمال إيلون ماسك كقوة سياسية مؤثرة في واشنطن، إذ ساهم الملياردير الأمريكي بمبلغ غير مسبوق قدره 250 مليون دولار لدعم حملة ترامب الانتخابية، ليصبح أحد أكبر الداعمين الماليين في تاريخ السياسة الأمريكية.
وازداد نفوذ ماسك بعد فوز ترامب، إذ عينه الرئيس المنتخب مع فيفيك راماسوامي لقيادة مجموعة استشارية أطلق عليها اسم "إدارة كفاءة الحكومة" (DOGE). وتهدف المجموعة إلى تفكيك البيروقراطية الحكومية وخفض اللوائح الزائدة وإعادة هيكلة الوكالات الفيدرالية.
وأدى هذا التعيين إلى تشكيل تجمعات برلمانية داعمة في مجلسي النواب والشيوخ، غير أن علاقة ماسك بترامب لا تخلو من التوتر، إذ حرص الرئيس المنتخب على وضع حدود واضحة لطموحات رجل الأعمال المولود في جنوب إفريقيا.
وخلال مؤتمر لمنظمة "تيرننج بوينت" في أريزونا، أكد ترامب أن ماسك "لن يكون رئيسًا" لأنه لم يولد في الولايات المتحدة.
أزمة هوية
ونقلت "ذا هيل" صورة قاتمة لحال الحزب الديمقراطي بعد هزيمته المدوية في الانتخابات، وخسارته جميع الولايات المتأرجحة وفقد مقاعد حاسمة في مجلس الشيوخ، من بينها مقعدي جون تيستر في مونتانا وشيرود براون في أوهايو، ما أفقده الأغلبية في المجلس.
وأقرَّ كين مارتن، رئيس الحزب الديمقراطي في مينيسوتا والمرشح لرئاسة اللجنة الوطنية الديمقراطية، بأن صورة الحزب تعاني من أزمة غير مسبوقة.
وأشار إلى تحول تاريخي في إدراك الناخبين، إذ يرى غالبية الأمريكيين لأول مرة في التاريخ الحديث أن الحزب الجمهوري هو من يمثل مصالح الطبقة العاملة والفقراء، بينما بات الديمقراطيون يُنظر إليهم كممثلين للأثرياء والنخبة.
الملفات الدولية
واختتمت الصحيفة بتسليط الضوء على تأثير الأزمات الدولية في تعميق الانقسامات السياسية داخل الولايات المتحدة، فمثلًا أثارت الحرب الروسية الأوكرانية خلافات حادة داخل الحزب الجمهوري بين التيار الانعزالي الذي يسعى للحد من التدخل الأمريكي، والتيار التدخلي الذي يطالب بتقديم المزيد من الدعم لأوكرانيا، وأيضًا شكَّلت الحرب على غزة نقطة خلاف رئيسية في الانتخابات التمهيدية للحزبين.
وعلى الصعيد الدولي، أثار ترامب توترات في أمريكا اللاتينية بدعواته لاستعادة السيطرة على قناة بنما، كما أشعل أزمة دبلوماسية مع الدنمارك بسبب تصريحاته المتكررة حول رغبته في شراء جزيرة جرينلاند.