الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

صراع الولاءات.. ماسك بين طموحات ترامب ومصالحه في الصين

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الصيني شي جين بينج ونظيره الأمريكي دونالد ترامب وإيلون ماسك

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

يُواجه إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، وأحد أبرز رجال الأعمال في العالم، تحديًا غير مسبوق في مسيرته المهنية، بعد فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر الماضي، إذ إن الرجل الذي طالما اعتُبر رمزًا للنجاح التكنولوجي والابتكار في الصين، وجد نفسه في موقع حساس كمستشار غير رسمي للرئيس المنتخب، في وقت تتصاعد فيه التوترات بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، فإن هذا الوضع الجديد قد يضع ماسك في مواجهة معادلة صعبة بين ولائه لبلده وحماية مصالحه التجارية في الصين.

العلاقة المميزة مع التنين الصيني

في عمق المشهد الصيني المعقد، نجح إيلون ماسك، في نسج علاقة استثنائية مع القيادة الصينية والشعب على حدٍ سواءٍ، وفي هذا الصدد تكشف نيويورك تايمز عن مدى عمق هذه العلاقة، حيث يعد ماسك من النخبة القليلة من المسؤولين التنفيذيين الغربيين الذين حظوا بلقاءات متعددة مع الرئيس الصيني، شي جين بينج.

وخلال زيارته الأخيرة لبكين، لم يتردد ماسك في التعبير عن إعجابه بالصين، مصرحًا بأن لديه "الكثير من المعجبين" هناك، وأن المشاعر متبادلة، في حين لم يكن هذا الموقف مجرد مجاملة دبلوماسية، بل انعكس في حقائق ملموسة على أرض الواقع، حيث يمتلك مصنعًا ضخمًا في شنجهاي يُعد من أهم منشآت تسلا في العالم.

ويمتد تأثير ماسك في الصين إلى ما هو أبعد من مجرد العلاقات التجارية، إذ أصبح نموذجًا يحتذى به للشباب الصيني الطموح، وملهمًا للجيل الجديد من رواد الأعمال.

ويروي ليانج كايلاي، الرئيس التنفيذي لشركة استشارات تسويقية في ووهان، كيف أسس ناديًا لمعجبي ماسك في عام 2021، والذي نما ليشمل فعاليات في أكثر من عشرين مدينة صينية، كما أصبحت حسابات النادي على وسائل التواصل الاجتماعي تجذب عشرات الآلاف من المتابعين المتحمسين.

المعادلة الاقتصادية المعقدة

تكشف الأرقام والإحصائيات عن حجم المصالح الاقتصادية المتشابكة بين ماسك والصين، إذ إن السوق الصيني يمثل ثاني أكبر سوق لشركة تسلا بعد الولايات المتحدة، وقد حقق مصنع الشركة في شنجهاي إنجازًا لافتًا بإنتاج سيارته رقم ثلاثة ملايين في أكتوبر الماضي.

لكن الطموحات تمتد إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ ينتظر ماسك موافقة السلطات الصينية لإطلاق أنظمة القيادة الذاتية الكاملة في البلاد، في خطوة من شأنها أن تعزز موقع الشركة في سوق السيارات الكهربائية الصيني شديد التنافسية.

ويرى محللون، وفقًا لنيويورك تايمز، أن نجاح ماسك في الصين يعود إلى قدرته على فهم وتبني القيم التي يقدرها المجتمع الصيني، إذ إن أسلوبه في العمل، المعروف بالجدية والمثابرة، يتماشى مع ثقافة العمل الصينية المعروفة باسم "996"، حيث يعمل الموظفون من الساعة التاسعة صباحًا حتى التاسعة مساءً، ستة أيام في الأسبوع، كما أن هذا التوافق الثقافي، إلى جانب إنجازاته التقنية، جعل منه شخصية محبوبة في الأوساط الصينية.

تحديات المستقبل وصراع المصالح

لكن المشهد قد يتغير بشكل جذري مع تولي ترامب الرئاسة، خاصة مع سياساته المتشددة تجاه الصين، وقد بدأت بوادر التوتر تظهر بالفعل، عندما أعلن ترامب عن نيته فرض تعريفات جمركية إضافية بنسبة 10% على البضائع الصينية؛ مما دفع بكين إلى الرد بإجراءات انتقامية ضد شركات التكنولوجيا والدفاع الأمريكية.

هذا الوضع يضع ماسك في موقف صعب، خاصة وأن شركته سبيس إكس، تعد مقاولًا رئيسيًا للجيش الأمريكي.

وتبرز شركة ستارلينك، إحدى شركات ماسك، كنقطة خلاف محتملة في علاقته مع الصين، إذ وصفت وسائل الإعلام العسكرية الصينية الشركة، التي تتعاون مع "البنتاجون" وتقدم خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية لأوكرانيا في حربها ضد روسيا، بأنها "أداة للهيمنة الأمريكية في الفضاء".

ورغم هذه الانتقادات، تحافظ وسائل الإعلام الرسمية الصينية على نبرة إيجابية في تغطيتها لماسك وأنشطته، مُتجنبة الإشارة إلى تغريداته المثيرة للجدل على منصة إكس (تويتر سابقًا) التي تخضع للرقابة في الصين.

وفي الختام تنقل نيويورك تايمز عن محللين، تحذيرهم من أن مستقبل العلاقة بين ماسك والصين سيعتمد بشكل كبير على تطور العلاقات الأمريكية الصينية في ظل إدارة ترامب، إذ يشير، جوني بي، مهندس برمجيات صيني، إلى أن ماسك قد لا يمتلك المهارات السياسية الكافية للتعامل مع هذا الوضع المعقد، مما قد يجعله عُرضة لتقلبات العلاقات بين البلدين.