في مشهد سياسي واقتصادي معقّد، تتقاطع طموحات التكنولوجيا والهجرة مع الحسابات الشعبوية في الولايات المتحدة، ما يعيد صياغة معادلة العلاقة بين واشنطن ونيودلهي.
صحيفة "ذا إيكونوميك تايمز" الهندية اعتبرت أن القرارات التي يعلن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب عن اتخاذها بمجرد توليه، ومواقف الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، إيلون ماسك، تشير إلى تحولات كبرى في سياسة التأشيرات والهجرة قد تحمل بوادر أمل لملايين المهنيين الهنود.
مصالح متداخلة
أثار دعم ترامب لمواقف ماسك حول تأشيرات H-1B موجة من الجدل داخل قاعدة "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، حيث اعتبره بعض أتباع الحركة تناقضًا مع شعاراتها المناهضة للهجرة، فـ"ماسك"، الذي دافع بشدة عن البرنامج كوسيلة ضرورية لجذب المهارات العالمية إلى الولايات المتحدة، وجد نفسه هدفًا لانتقادات شعبوية.
ورغم معارضة بعض أنصار ترامب، فإن الأخير دافع عن أهمية البرنامج، مشيدًا بفوائده الاقتصادية، وقال في مقابلة مع صحيفة "نيويورك بوست": "لقد كنت دائمًا مؤيدًا لتأشيرات H-1B، هذا البرنامج يساعدنا في الحفاظ على تفوقنا".
وتسمح تأشيرات H-1B لأصحاب العمل في الولايات المتحدة بتوظيف مواطنين غير أمريكيين بشكل مؤقت، إذ يقول المؤيدون إن هذه التأشيرات تحافظ على القدرة التنافسية للولايات المتحدة، لكن المنتقدين يرون مخاطر تتعلق بالأجور، فيما ذهبت وزارة الأمن الداخلي الأمريكي للقول بإن معظم طلبات الحصول على تأشيرة H-1B تأتي من الهند والصين.
الهند في قلب الاهتمام الأمريكي
تزامن دعم ترامب وماسك للمواهب الهندية مع تعيين شخصيات بارزة مؤيدة للهند في مناصب رفيعة داخل الإدارة الأمريكية. ومن بين هذه الشخصيات مايكل والتز كمستشار للأمن القومي، وتولسي جابارد كمديرة للاستخبارات الوطنية، ما يعزّز فكرة أن النظام الجديد أكثر ميلًا نحو تعزيز العلاقات مع الهند، وهي التطورات التي تشير إلى احتمالية مكاسب كبيرة للهند في مجالات التعاون التكنولوجي والاستثماري والجيوسياسي.
كشفت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية عن تفاصيل مثيرة لمواجهة حادة اندلعت بين معسكرين داخل المعسكر الجمهوري، إذ أثار تعيين الرئيس المنتخب دونالد ترامب رجل الأعمال المولود في الهند سريرام كريشنان، الشريك السابق في شركة أندريسن هوروفيتز للاستثمار، مستشارًا للذكاء الاصطناعي، موجة من الانتقادات الحادة من قِبل المتشددين في قضايا الهجرة.
معضلة تأشيرة H-1B والهنود
تواجه الهند عقبة كبيرة بسبب سياسات الهجرة الأمريكية، لا سيما ما يتعلق بتأشيرات H-1B والبطاقات الخضراء. أحد أبرز المشكلات هو الحد الأقصى للتأشيرات والبطاقات الخضراء المخصص لكل دولة، الذي يبلغ 7٪ من إجمالي الحصة السنوية، بغض النظر عن حجم سكان الدولة أو عدد المتقدمين منها.
هذا النظام يعيق بشكل خاص آلاف المهنيين الهنود، الذين يمثلون نسبة كبيرة من المتقدمين بسبب تفوقهم في مجالات التكنولوجيا والهندسة. في المقابل، دول ذات تعداد سكان أقل تواجه وقت انتظار أقل بكثير.
رؤية جديدة للتعاون الأمريكي الهند
وحسب "ذا إيكونوميك تايمز"، فإن مواقف ترامب وماسك، على الرغم من التناقضات التي تثيرها بين القاعدة الشعبوية، تمثل بارقة أمل لتخفيف القيود التي يواجهها المهنيون الهنود في الولايات المتحدة. إذا أضيفت هذه المواقف إلى تعيين شخصيات بارزة داعمة للهند، فإنها قد تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الوثيق بين البلدين.