مع استعداد دونالد ترامب للعودة مرة أخرى إلى البيت الأبيض في غضون أسابيع قليلة، يعد الأساس الذي يرتكز عليه ازدهار أوروبا مُعرض لخطر الانهيار، بحسب "بوليتيكو".
وتهدد الرياح الاقتصادية المعاكسة التي تجتاح القارة العجوز بالتحول إلى عاصفة كاملة في العام المقبل، مع توجيه ترامب أنظاره على أوروبا.
وإضافة إلى فرض تعريفات جمركية جديدة، يستعد ترامب لتعزيز مطلبه بأن تدفع دول حلف شمال الأطلسي المزيد من الأموال للدفاع عن نفسها أو تخسر الحماية الأمريكية.
ضعف القدرة التنافسية
بعد أن كانت أوروبا في مقدمة تكنولوجيا السيارات، لم يعد لديها اليوم أي سيارة كهربائية واحدة من بين أفضل 15 سيارة كهربائية مبيعًا، ما يعكس ضعف القدرة التنافسية.
وأشار رئيس الوزراء الإيطالي السابق، محافظ البنك المركزي ماريو دراجي، في تقريره الأخير عن ضعف القدرة التنافسية لأوروبا، فإن أربع شركات فقط من أكبر 50 شركة تكنولوجية بالعالم هي شركات أوروبية.
وقال دراجي: "إذا ظلت أوروبا على مسارها الحالي، فإن مستقبلها سيكون إيطاليًا أيضًا، ومستقبل متحف مفتوح في الهواء الطلق للسياح الأمريكيين والصينيين، لكنه متهالك، وإن كان جميلًا".
ضعف الاقتصاد الأقوى
ويواجه الاقتصاد الألماني صعوبات كبيرة، إذ كانت الحكومة الفيدرالية أيضًا متشائمة في تقريرها الخريفي، إذ توقعت انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.2% للعام بأكمله، وستكون هذه هي السنة الثانية من الركود.
ولا يفترض البنك المركزي الألماني أن أكبر اقتصاد في أوروبا سيكون قادرًا على تحرير نفسه من الركود الاقتصادي العنيد، نهاية العام.
وتتعرض القطاعات الرئيسية مثل صناعة السيارات الألمانية لضغوط كبيرة على سبيل المثال، اضطرت شركة فولكس فاجن إلى قبول انخفاض حاد في الأرباح، لكن كان هناك بالفعل بصيص أمل صغير بالنسبة للاقتصاد، الأسبوع الماضي، بعد ارتفاع مؤشر إيفو لمناخ الأعمال، وهو المؤشر الرئيسي الأكثر أهمية للاقتصاد المحلي للمرة الأولى، أكتوبر الماضي، بعد أربعة انخفاضات متتالية.
ضغوط مالية كبيرة
وتكافح العواصم الأوروبية، بالفعل للسيطرة على العجز المتزايد في ظل تضاؤل العائدات الضريبية، وستواجه ضغوطًا مالية أعظم، وهو ما قد يؤدي إلى المزيد من الاضطرابات السياسية والاجتماعية.
وقالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد، نوفمبر الماضي: "إننا نعيش فترة من التغير التكنولوجي السريع، مدفوعًا على وجه الخصوص بالتقدم في الابتكار الرقمي، وعلى عكس الماضي، لم تعد أوروبا في طليعة التقدم".
بنية تحتية رديئة
وتواجه أوروبا سوء البنية التحتية الاقتصادية، ومع وجود دونالد ترامب في البيت الأبيض وسيطرة حزبه الجمهوري على مجلسي الكونجرس، قد تواجه أوروبا السياسة التجارية الأمريكية.
وإذا نفذ ترامب تهديده بفرض رسوم جمركية تصل إلى 20% على الواردات من القارة، فستتعرض الصناعة الأوروبية لضربة موجعة، فمع أكثر من 500 مليار يورو من الصادرات السنوية إلى الولايات المتحدة من الاتحاد الأوروبي، تُعد أمريكا الوجهة الأكثر أهمية للسلع الأوروبية.
ولاية ترامب الثانية
ولسبب ما، يبدو أن أوروبا لم تفعل الكثير للاستعداد لعودة ترامب، وكان رد فعل رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الأول على إعادة انتخابه، اقتراح شراء أوروبا المزيد من الغاز الطبيعي المُسال من الولايات المتحدة، وقد يرضي هذا ترامب لبعض الوقت، لكنه ليس استراتيجية بأي حال من الأحوال.
وقد يكون ترامب منفتحًا أيضًا على إجراء مفاوضات تجارية أوسع نطاقًا مع أوروبا لتجنب جولة جديدة من التعريفات الجمركية تمامًا.
التضخم في أمريكا
ويقول كليمنس فوست، رئيس معهد إيفو في ميونيخ - مؤسسة بحثية اقتصادية رائدة -: "إن فشل زعماء أوروبا في استخلاص الدروس من رئاسة ترامب الأخيرة يعود الآن ليطاردنا".
ويحذّر فوست من أن ترامب قد لا يكون خبرًا سيئًا تمامًا بالنسبة للاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، خططه لتجديد التخفيضات الضريبية الضخمة للأثرياء وفرض تعريفات جمركية جديدة، فقد ترتفع معدلات التضخم في الولايات المتحدة، ما يجبر أسعار الفائدة على الارتفاع، وهذا من شأنه أن يعزز الدولار ويفيد المصدرين الأوروبيين عندما يحولون عائداتهم الأمريكية إلى اليورو.