حذّر وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس مواطنيه من الحرب الهجين التي تشنها روسيا ضد ألمانيا، مؤكدًا أن بلاده تحظى بشكل خاص باهتمام من قِبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، محذرًا من تجاهل التهديدات، بحسب موقع "إن تي في" الألماني.
واستشهد "بيستوريوس" بالهجمات على البنية التحتية وإمدادات الطاقة، إضافة إلى أنشطة مثل التخريب في بحر الشمال وبحر البلطيق وانتهاك القواعد في المجال الجوي كأمثلة، قائلة" إنه يعرفنا جيدًا، ويعرف كيف يخترقنا".
التدخل في الانتخابات
وعن الانتخابات الألمانية المرتقبة والمزمع عقدها في فبراير المقبل، قال وزير الدفاع الألماني للموقع: "هناك حملات على وسائل التواصل الاجتماعي، تؤثر على الحملات الانتخابية وتمويل الأصوات، لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا، كل هذا جزء من استراتيجية بوتين لزعزعة مجتمعنا وتفريقه".
وتزايد قلق الحكومة الألمانية من الهجمات الإلكترونية والذكاء اصطناعي التي تهدد الانتخابات، حيث تواجه برلين تهديدات رقمية في الفترة التي تسبق الانتخابات العامة، بحسب موقع "دويتش فيله".
وبينما من المتوقع أن تنتخب البلاد برلمانًا جديدًا في 23 فبراير المقبل، أثارت السلطات والباحثون مخاوف بشأن التأثير المحتمل لعمليات الاختراق والتسريب وحملات التضليل التي تهدف إلى التأثير على الرأي العام أو بث الانقسام قبل التصويت.
يقول خبراء لـ "دويتش فيله"، إن الهجمات الإلكترونية على الأفراد والمنظمات البارزة تشكل تهديدًا كبيرًا للانتخابات، فبمجرد الحصول عليها، يمكن استخدام البيانات الحساسة في عمليات "اختراق وتسريب" منسقة، حيث يتم نشر المواد المسروقة، التي غالبًا ما يتم تغييرها أو إخراجها من سياقها، لتقويض مصداقية المرشحين أو الأحزاب السياسية.
مهاجمة الناتو
ومن غير المتوقع حاليًا أن تشن روسيا هجومًا عسكريًا على حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وقال بيستوريوس: "لكن لا يمكننا أن نستبعد أن تهاجم روسيا أراضي الناتو في غضون سنوات قليلة، إذ تنتج روسيا من الأسلحة والذخائر في بضعة أشهر فقط ما يفوق ما تنتجه جميع دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة في عام واحد، وبحلول عام 2029 أو 2030، كان بإمكان بوتين تسليح نفسه إلى حد أن روسيا ستكون قادرة على مهاجمة الناتو".
وحذّر الوزير قائلًا: "علينا أن نتوقع أيضًا أنه في السنوات القليلة المقبلة يمكن لبوتين أن يختبر مدى توحيد الناتو حقًا من خلال تحقيق تقدم في مكان أو آخر في أراضي الحلف".
التكتم العسكري
وأضاف وزير الدفاع أيضًا أنه يجب أن تكون هناك مناقشات أقل تفصيلًا حول الأسلحة التي تزودها ألمانيا لأوكرانيا، بهدف النقاش العام حول صاروخ كروز توروس، "ليس لأسباب سياسية، بل لأسباب عسكرية".
كان شولتس قرر عدم إرسال صواريخ "توروس" إلى أوكرانيا في الوقت الحالي، لكنه لم يوضح الأسباب علنًا بالتفصيل، وتكمن شكوكه في إمكان ضرب الأراضي الروسية وجر ألمانيا إلى الحرب، إذ يصل مدى الأسلحة الدقيقة إلى 500 كيلومتر.
تؤيد أغلب الأحزاب المزيد من الدعم لأوكرانيا، باستثناء حزب البديل من أجل ألمانيا، وهي أحد الموضوعات السائدة مع بدء الحملات الانتخابية، وما إذا كان ينبغي لألمانيا أن تستمر في دعم أوكرانيا في الحرب ضد روسيا.
ويقال إن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب يخطط للتوصل إلى اتفاق من شأنه إنهاء الحرب الجارية حاليًا، على الرغم من أن هذا الاتفاق من المرجح أن يستلزم تنازل أوكرانيا عن بعض الأراضي لروسيا.
ووفقًا للموقع الإخباري، يعتقد نحو 39% من الألمان أن ألمانيا ترسل كميات كبيرة من الأسلحة إلى أوكرانيا، رغم أن أغلبية كبيرة تعتقد أيضًا أن أوكرانيا لابد وأن تقرر بنفسها ما إذا كانت مستعدة للتفاوض مع روسيا لإنهاء الحرب.
مخاوف الشارع
وتتوافق تحذيرات وزير الدفاع الألماني مع مخاوف مواطنيه أن يهاجم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دولاً أخرى بعد أوكرانيا، حسبما أظهر استطلاع جديد للرأي، بحسب "دويتش فيله".
وكشف الاستطلاع عن أكثر ما يقلق الألمان في الوقت الحالي، واستنادًا إلى مقابلات أجريت مع نحو 1350 مواطنًا كان الخوف من أن يهاجم الرئيس الروسي فلاديمير بوتن دولًا أوروبية أخرى في المستقبل يمثل نسبة 65%.
وبالمقارنة بالاستطلاع الذي أجري قبل الانتخابات الفيدرالية الأخيرة في عام 2021، ارتفع عدد الأشخاص الذين يخشون استمرار حالة عدم اليقين السياسي بشكل حاد، كما انخفضت الثقة في السياسيين.
رياح التغيير
ويحكم ألمانيا حاليًا حكومة أقلية من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر بعد تفكك الائتلاف مع الحزب الديمقراطي الحر في أوائل نوفمبر الماضي، وأضر هذا بموقف الأحزاب الثلاثة في استطلاعات الرأي، ورغم أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة أولاف شولتس تعافى قليلًا في الأسابيع الأخيرة، فإن كل الدلائل تشير إلى أن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ، بقيادة مرشح المستشار فريدريش ميرز ، سوف يفوز في انتخابات العام المقبل.
تحالف جديد
والنتيجة الأكثر ترجيحًا لهذا هي حكومة ائتلافية من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحزبه الشقيق البافاري الاتحاد الاجتماعي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي.
ويعد حزب البديل ثاني أقوى قوة في السياسة الألمانية حاليا من أجل ألمانيا، الذي تعتبر وكالات الاستخبارات أجزاء منه متطرفة إلى الحد الذي يجعلها تشكل تهديدًا للنظام الدستوري في ألمانيا.
وانهارت حكومة شولتس الثلاثية من يسار الوسط، 6 نوفمبر، المكونة من أحزاب الديمقراطي الاجتماعي، والديمقراطي الحرب، وحزب الخضر، ما مهّد الطريق لإجراء انتخابات فيدرالية مبكرة، من المتوقع أن تجرى 23 فبراير 2025.
سخرية من ألمانيا
في حديثة السنوي قبل نهاية العام، سخر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من ألمانيا، بعد إشارته إلى نمو اقتصاد بلاده بشكل مطرد، على عكس بقية العالم، حيث أظهر أكبر اقتصاد في أوروبا، ألمانيا، نموًا صفريًا.
ثم واصل بوتين، خلال لقائه الصحفي السنوي، شرح أسباب الركود الاقتصادي في ألمانيا قائلاً: "السيادة مفهوم مهم للغاية، فبعد الحرب العالمية الثانية، لم يعد الألمان يشعرون بفخرهم الوطني بكونهم ألمانًا، إنهم ينظرون إلى أنفسهم كأوروبيين أولاً ثم كألمان فقط"، على حد قوله.
وبحسب بوتين، فإن هذا يترجم إلى ازدهار اقتصادي أو غيابه، وعلى النقيض فإن الاقتصاد والشركات الروسية تمكنت من "التحرك" حتى بعد أن غادرت العديد من الشركات الغربية روسيا.