أغلقت آلاف الصيدليات أبوابها؛ في الولايات المتحدة الأمريكية، بسبب الخسائر الفادحة التي تعاني منها، حيث دفع ذلك شركات كبرى إلى إعلان إفلاسها، بينما تسعى أخرى جاهدة لإعادة تصحيح المسار، مرجعين السبب إلى خروج ملايين المواطنين من مظلة التأمين الصحي.
منذ عام 2019 وحتى الآن، أغلقت 7 آلاف صيدلية أبوابها في مختلف أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، بحسب شبكة "سي بي إس نيوز"، وكان ما يقرب من نصفها صيدليات تابعة للقطاع المستقل، بينما يعود النصف الآخر إلى الشركات التي تعمل في مجال سلاسل الصيدليات.
الملاذ الآمن
ويأتي إغلاق الصيدليات، سواء كانت مستقلة أو تابعة لسلاسل تجزئة، وسط موجة من انخفاض معدلات سداد تكاليف الرعاية للصيدليات، بالإضافة إلى انخفاض رسوم الصرف للأمريكيين المسجلين في برامج "ميديكيت" التابع لإدارة بايدن.
وحذر خبراء الصحة العامة من أن الجزء الأكبر من عمليات الإغلاق تحدث في الأحياء ذات الدخل المنخفض، حيث توجد الكثير من هذه الصيدليات في مناطق تعاني من نقص الخدمات، مما جعلها الملاذ الآمن لسكان تلك المناطق.
على سبيل المثال، سلطت الشبكة الضوء على إحدى الصيدليات العتيقة في منطقة نائية بولاية كارولينا الشمالية، التي تم إنشاؤها عام 1905، وتُمثل أهمية كبيرة لسكان البلدة البالغ عددهم 3200 نسمة، حيث يقع أقرب مستشفى على بُعد نصف ساعة منهم.
تعديلات وتغييرات
وقال صاحب الصيدلية إنه خلال السنوات الماضية واجه العديد من الأزمات التي اضطرته إلى تقليص ساعات العمل وإجراء تعديلات وتغييرات في المنتجات التي يبيعها. وشدد على أنه بذل كل ما في وسعه للبقاء على قيد الحياة وإبقاء أبواب متجره مفتوحة أمام السكان.
وأشار إلى أن هوامش الأرباح انخفضت إلى ما بين 3 و5%، مؤكدًا أن الأدوية ذات العلامات التجارية باهظة الثمن تُمثل مشكلة كبيرة عندما لا يتم بيعها ولا يتم تعويض ثمنها، مما يجعلها نفقات تؤثر على نمو أعمالهم.
تصحر الصيدليات
ولم تسلم سلاسل الصيدليات الكبرى من موجة الإغلاق أيضًا، وكان على رأسها شركة Walgreens التي خسرت ما يقدر بـ8 مليارات دولار في العام المالي الماضي وحده، وهي الظاهرة التي وصفها الخبراء بـ"تصحر الصيدليات".
الإنفاق الاستهلاكي
وخططت الشركة الشهيرة والرائدة في مجال سلاسل الصيدليات لإغلاق 1200 صيدلية خلال السنوات الثلاث المقبلة، منها 500 خلال العام المقبل، مرجعين ذلك إلى انخفاض معدلات سداد ثمن الأدوية وتباطؤ الإنفاق الاستهلاكي.
وكشف مدير الشركة أن إغلاق هذا العدد الكبير يرمز إلى المشاكل التي تواجهها الشركة، مؤكدًا أنهم في مرحلة تصحيح المسار، بعدما أمضى رؤساء الشركة السابقون سنوات عملهم في بناء المتاجر وعمليات الاستحواذ، وأهملوا أساسيات المتاجر وعمليات بيع التجزئة، مما دفعهم إلى تبني برامج خفض التكاليف بقيمة مليار دولار على الأقل.
وأكد الخبراء أن إغلاق الصيدليات يشكل أزمة في الولايات المتحدة، مشيرين إلى أن أخطر تلك العمليات تتمثل في إغلاق تلك المنشآت في المجتمعات الريفية، والتي بسببها يفقد السكان في القرى القدرة على الوصول إلى جميع الخدمات الصحية.
الرعاية الصحية
كذلك أعلنت شركة Rite Aid أنها تخطط لإغلاق 154 صيدلية على مستوى الولايات المتحدة كجزء من إعلان إفلاسها، الذي جاء وسط انخفاض المبيعات وتزايد الدعاوى القضائية المتعلقة بالمواد الأفيونية. وأشار المسؤولون إلى أنهم بدأوا خطة لخفض 2900 وظيفة كجزء من الجهود المبذولة لتقليل التكاليف بمقدار ملياري دولار.
وشدد الخبراء على أن أحد الأسباب الجوهرية لهذه الأزمة هو فقدان ملايين الأمريكيين للتأمين الصحي الخاص بهم بعد انتهاء سياسة وباء كوفيد-19، التي كانت تضمن تغطية تكاليف الطوارئ الصحية، بما في ذلك صرف الأدوية بتخفيضات كبيرة أو مجانًا في بعض الأحيان.
ويُعزى ذلك إلى أنه بعد انتهاء فترة الوباء، تم نقل الملايين من برنامج الرعاية الصحية، ولم يتمكنوا من الحصول على تغطية تأمينية بديلة، مما أثر بالسلب على قطاع الصيدليات والأدوية. وفي عام 2024، أغلقت صيدلية خاصة واحدة في المتوسط يوميًا، وفق الجمعية الوطنية لصيادلة المجتمع.