في خطوة اعتبرها كثيرون غير تقليدية، أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب اختياره للناشط روبرت ف. كينيدي جونيور لتولي منصب وزير الصحة والخدمات الإنسانية.
ويعد هذا القرار جزءًا من سلسلة تعيينات ترامب التي يصفها محللون بالاستفزازية، إذ يُعرف كينيدي بانتقاداته الصريحة للقاحات ومواقفه الجدلية بشأن الصحة العامة، ما قد يثير تحديات في مجلس الشيوخ في أثناء جلسات تأكيد تعيينه.
مسؤولية الصحة العامة في عهد كينيدي
أكد "ترامب"، في منشور على منصة "إكس"، أن حماية صحة وسلامة المواطنين ستكون من أولويات الإدارة الجديدة، مشيرًا إلى دور وزارة الصحة والخدمات الإنسانية في حماية الأمريكيين من المخاطر الكيميائية والملوثات البيئية.
وقال "ترامب" إن كينيدي سيسعى لإعادة الوكالات الصحية إلى جذورها العلمية بمعايير دقيقة تتسم بالشفافية، مشددًا على ضرورة التصدي لوباء الأمراض المزمنة في الولايات المتحدة.
وبحسب تصريحاته، وعد "كينيدي" بالعمل على "تطهير" الوزارة من التأثيرات الخارجية وتوفير الشفافية للمواطنين، مؤكدًا أنه سيعمل مع أكثر من 80 ألف موظف في الوزارة لتحقيق هدفه في جعل الأمريكيين "أكثر شعوب الأرض صحة".
وجاء هذا الإعلان على خلفية تصريحات كينيدي الأخيرة، التي أشار فيها إلى ضرورة الحد من "السيطرة الشركاتية" على الوكالات الصحية، مؤكدًا عزمه تحقيق الإصلاحات الهيكلية التي يرى أنها ضرورية.
جدل حول مواقف كينيدي المناهضة للقاحات
على مدى سنوات، كان كينيدي من أبرز الأصوات المناهضة للقاحات، إذ نشر مرارا نظريات حول سلامتها وفعاليتها. وفي بيانه الأخير، قال "كينيدي" إنه يعتزم الشروع فورًا في دراسة مستقلةٍ حول سلامة اللقاحات وفاعليتها، إلا أنه طمأن المواطنين بأن هذا التقييم لن يؤدي إلى فرض قيود على اللقاحات الحالية.
ولاقت تصريحاته ردود فعل متباينة، إذ تراجعت أسهم شركات الأدوية المنتجة للقاحات مثل "فايزر" و"موديرنا" و"نوفافاكس" بعد الإعلان عن تعيينه.
وبينما يشكك العديد من الجمهوريين في مواقف كينيدي، أشار ترامب إلى أن "النهج الجديد" الذي سيتبعه كينيدي يمكن أن يكون أساسيًا لتحقيق أهداف الصحة العامة الطموحة.
وصرح النائب الجمهوري دان نيوهاوس بأنه لو كان في مجلس الشيوخ، لكانت لديه "تساؤلات كبيرة" حول موقف كينيدي من اللقاحات، في حين يرى آخرون أن للرئيس حرية اختيار فريقه.
ردود الأفعال بين الجمهوريين والديمقراطيين
أثار تعيين كينيدي ردود فعل واسعة بين السياسيين من كلا الحزبين، وأعربت السيناتورة باتي موراي من ولاية واشنطن عن قلقها الشديد، واصفةً اختيار كينيدي بأنه "خطير"، وترى أن تعيين شخصية بآراء معادية للقاحات قد يعيد أمريكا سنوات إلى الوراء في مجال الصحة العامة. كما حذرت من تداعيات هذا القرار على قضايا مثل حقوق الصحة الإنجابية والبحوث الطبية.
من جهة أخرى، أبدى رئيس مجلس النواب مايك جونسون تفاؤله، قائلًا إن كينيدي "يجلب الكثير إلى الطاولة"، فيما أكد السيناتور جون كورنين أنّ آراءه بشأن اللقاحات قد تكون موضوع نقاش خلال جلسات التأكيد في مجلس الشيوخ.
أما السيناتور جيم بانكس، فأشار إلى أن ترامب خاض حملته بناءً على وعود بتقديم كينيدي دورًا كبيرًا في الحكومة، وأضاف أن هذا "التفويض الشعبي" يسمح بفتح نقاشات جادة حول سياسات الصحة العامة، خصوصًا في ما يتعلق بالتطعيمات.
أولويات كينيدي في منصبه المرتقب
كشف كينيدي عن أولويات العمل في منصبه، وتعهد بإجراء إصلاحات شاملة للسياسات الصحية. وقال في بيان إنه يطمح إلى إحداث "ثورة صحية"، تبدأ بإعادة المعايير الذهبية للعلم والطب، التي تعد الأساس في اتخاذ القرارات التنظيمية، كما أكد نيته زيادة الشفافية وإتاحة المعلومات للجمهور كي يتمكنوا من اتخاذ قرارات واعية بشأن صحتهم.
ومن بين أولويات كينيدي الأخرى، السعي لإزالة الفلوريد من مياه الشرب العامة، وزيادة عدد الموظفين في الوكالات الصحية، خصوصًا إدارة الغذاء والدواء الأمريكية. وأكد كينيدي أيضًا عزمه استبدال 600 موظف في المعاهد الوطنية للصحة بآخرين "مؤهلين" لتحقيق أهداف الصحة العامة.
اختبار جديد للجمهوريين
ويتوقع المحللون أن تعيين كينيدي سيواجه تحديات كبيرة في مجلس الشيوخ. فيما دعت النائبة الجمهورية مارجوري تايلور جرين إلى ضرورة تمرير تعيينه، محذرة من "رد فعل عنيف" إذا تم رفضه.
وقالت لشبكة CNN إن عدم تأكيد مجلس الشيوخ لكينيدي يعني مواجهة من ترامب وداعميه، مؤكدة أن الشعب الأمريكي أيّد أجندة "جعل أمريكا صحية مرة أخرى" التي يحملها كينيدي وترامب.
يُذكر أن تعيين كينيدي، وهو شخصية مثيرة للجدل، يعكس توجه ترامب نحو اعتماد نهج جديد في وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، قد يتطلب وقتاً لإثبات فاعليته وتأكيده على الساحة السياسية. ومن الواضح أن هذا التعيين سيشكل اختبارًا جديدًا ليس فقط للحزب الجمهوري، بل للأمة بأكملها في رحلتها نحو نظام صحي مستدام وفعّال.