في خطوة وصفها مراقبون بأنها انتقامية تجاه شركات الأدوية الكبرى، أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، تعيين روبرت كينيدي جونيور، وزيرًا للصحة في إدارته الجديدة، إذ كشفت صحيفة التليجراف البريطانية أن هذا القرار، الذي جاء بعد أيام قليلة من فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية، أحدث هزة عنيفة في أسواق المال العالمية، وأثار مخاوف جدية في الأوساط الطبية والصحية حول مستقبل برامج التطعيم العالمية.
انهيار أسهم عمالقة الدواء
شهدت أسواق المال العالمية اضطرابات غير مسبوقة في قطاع شركات الأدوية عقب الإعلان عن تعيين كينيدي جونيور، وأوضحت التليجراف أن الخسائر كانت فادحة، إذ تكبدت شركة فايزر، عملاق صناعة الأدوية الأمريكي، خسائر تجاوزت 8.7 مليار دولار في يوم واحد فقط، مع هبوط حاد في أسهمها بنسبة 2.6%.
ولم تكن شركة موديرنا بأفضل حالًا، إذ تراجعت أسهمها بنسبة 5.6%، ما أدى إلى خسارة مليار دولار من قيمتها السوقية.
وامتد تأثير القرار إلى أوروبا، حيث تعرضت شركة استرازينيكا البريطانية لضربة موجعة أدت إلى تراجع قيمتها السوقية بمقدار 5.2 مليار جنيه إسترليني، في حين سجلت أسهم شركة جلاكسو سميث كلاين أدنى مستوياتها في عامين بعد خسارة 2.9 مليار جنيه إسترليني من قيمتها السوقية.
كينيدي وتاريخ طويل من الجدل
وعُرف روبرت كينيدي جونيور، ابن أخ الرئيس الأمريكي الراحل جون كينيدي،بمواقفه المتشددة ضد اللقاحات، إذ أثار كينيدي جونيور جدلًا واسعًا في الأوساط العلمية والطبية بتصريحاته المتكررة حول عدم وجود لقاحات آمنة وفعالة، وادعاءاته المستمرة حول الآثار السلبية لمادة الفلورايد على معدل ذكاء الأطفال.
وأشارت الصحيفة إلى أن تقريرًا حكوميًا أمريكيًا حديثًا أيد جزئيًا نظريته حول الفلورايد، لافتة إلى أن العديد من الدول الأوروبية اتخذت خطوات للحد من استخدام هذه المادة في مياه الشرب.
وربط المراقبون بين هذا التعيين وتصريحات ترامب السابقة التي اتهم فيها شركات الأدوية بالتآمر ضده في انتخابات 2020، حيث ادعى أنها تعمدت تأخير الإعلان عن نتائج اختبارات لقاح كورونا حتى ما بعد الانتخابات.
تحذيرات من كارثة صحية
أثار تعيين كينيدي موجة من القلق في الأوساط الطبية العالمية، إذ حذر أندرو بولارد، رئيس اللجنة المشتركة للتطعيم والتحصين في بريطانيا، من التداعيات الخطيرة المحتملة لهذا التعيين على برامج التطعيم العالمية.
ونقلت التليجراف عن بولارد تحذيره من أن ما بين 3.5 و5 ملايين طفل قد يفقدون حياتهم سنويًا في حال تقويض برامج التحصين الحالية.
وأشار التقرير إلى سابقة مأساوية في ساموا عام 2019، حيث أدت حملة قادها كينيدي ضد لقاح الحصبة إلى وفاة 83 شخصًا، معظمهم من الأطفال، بعد تعليق برنامج التطعيم في البلاد.
ووصفت هيلين بيتوسيس-هاريس، عالمة اللقاحات النيوزيلندية، كينيدي بأنه يقف "على رأس سلسلة مصادر المعلومات المضللة" في مجال اللقاحات.
العنوان
كشفت التليجراف عن تفاصيل حول العلاقة بين ترامب وكينيدي، إذ نقلت عن الرئيس المنتخب تصريحات تشير إلى منحه صلاحيات واسعة لوزير صحته المرتقب.
وخلال تجمع انتخابي في ماديسون سكوير جاردن، صرح ترامب قائلًا: "سأتركه يتصرف بحرية مطلقة في مجالات الصحة والغذاء والأدوية.. يمكنه أن يفعل ما يريد".
ومع ذلك، يبقى مصير هذا التعيين معلقًا على موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي، حيث وصف أحد أعضاء المجلس الديمقراطيين كينيدي بأنه "منظّر مؤامرة هامشي"، في حين انتقد مايك بنس، نائب الرئيس السابق، مواقفه المتعلقة بالإجهاض.