بين دهاليز السياسة وأروقة الأمن، لا تزال تتصاعد أزمة تسريب وثائق سرية من مكتب رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو. وفي خطوة أثارت الجدل، تسعى حكومة الاحتلال لمناقشة "قانون فيلدشتاين" لتوفير حصانة لأعضاء المؤسسة الأمنية الذين ينقلون معلومات سرية لرئيس الوزراء.
هذه المبادرة، وفق "يديعوت أحرنوت" العبرية، تثير تساؤلات حول التوازن بين الشفافية وحماية الأمن القومي، خاصة في ظل تداعيات قضية التسريبات الأخيرة.
قانون فيلدشتاين
من المُقرر أن تناقش اللجنة الوزارية للشؤون التشريعية الأسبوع المقبل مشروع قانون "فيلدشتاين"، الذي يهدف إلى منح الحصانة لأعضاء المؤسسة الأمنية التابعة لدولة الاحتلال حال نقلهم معلومات سرية لرئيس الوزراء.
يأتي هذا القانون استجابة لضغوط سياسية عقب توجيه اتهامات لإيلي فيلدشتاين، المتحدث الأمني السابق باسم نتنياهو، بتسريب وثائق سرية بهدف التأثير على النقاش العام حول الأمن الإسرائيلي.
وبحسب المبادرة، فإن القانون يهدف إلى إزالة المخاوف لدى أعضاء الأجهزة الأمنية من تقديم معلومات حساسة للقيادة السياسية دون تعريضهم للمساءلة.
تسريب ومخاطر أمنية
تكشفت خيوط الأزمة، عندما قادت تحقيقات الشاباك إلى اكتشاف وثائق مسربة تضمنت معلومات حساسة عن نوايا حماس قبل وأثناء حرب 6 أكتوبر، وأوضحت التحقيقات أن هذه المعلومات لم تصل إلى رئيس الوزراء في الوقت المناسب، ما أثار غضبًا سياسيًا وأمنيًا واسع النطاق.
وتشير الأدلة إلى أن فيلدشتاين تلقى هذه الوثائق من ضابط احتياطي وقام بتمريرها إلى وسائل إعلام دولية، بما في ذلك صحيفة بيلد الألمانية، بهدف توجيه الرأي العام الإسرائيلي ضد الحكومة.
مشروع القانون
بحسب مذكرة شرح القانون، فإنه يسعى لضمان "الخط الأخضر" لنقل المعلومات الحساسة لرئيس الوزراء، ومنع أي تجريم لهذا النوع من التواصل الذي يُعتبر حيويًا لاتخاذ قرارات مصيرية.
غير أن معارضي المشروع يحذرون من أن توفير حصانة مطلقة قد يُستخدم كغطاء لإخفاء تجاوزات أو انتهاكات قانونية؛ ما قد يؤدي إلى مزيد من الغموض وعدم الشفافية في التعامل مع القضايا الأمنية الحساسة.
انقسام السياسيين والأمنيين
فيما يروّج أنصار القانون لضرورته في حماية الأمن القومي يعارضه منتقدون داخل الكنيست وخارجه، ويرون أنه محاولة لتعزيز سلطة نتنياهو على حساب المؤسسات الأمنية، مع فتح الباب أمام استغلال الثغرات القانونية لتحقيق مكاسب سياسية.
ووصفت سُلطات الاحتلال التسريبات الأخيرة بأنها "ضربة خطيرة لأمن الدولة"، محذرة من أن نشر الوثائق قد يعرض العمليات الأمنية والاستخباراتية في قطاع غزة للخطر.
وأكدت التحقيقات أن التسريبات تضمنت معلومات عن نشاطات حماس غير التقليدية للتأثير على إسرائيل، بما في ذلك مواقفها من المفاوضات حول المحتجزين، في المقابل، دافع فيلدشتاين عن أفعاله، مشيرًا إلى أن الهدف كان فتح النقاش العام حول إدارة الحكومة للأزمات الأمنية.
نتنياهو يبرئ "فيلدشتاين "
قال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام عبرية السبت الماضي "إن التسريبات الأخيرة تمثل خطرًا داهمًا على أمن دولتنا، وخرجت من المجلس الأمني المصغر ومنحت معلومات ذات قيمة كبرى لأعدائنا".
وأكد أن "إيلي فيلدشتاين المتهم بتسريب معلومات من مكتبي شخص وطني ولا يمكن أن يمس بأمن الدولة، والتسريبات صدرت من داخل المجلس الوزاري المصغر والفريق المفاوض والهيئات الأكثر حساسية في دولة إسرائيل".