في مشهد درامي مليء بالتوتر والغموض، تطفو على السطح تفاصيل تحقيق حساس حول تسريب وثائق سرية تحمل أبعادًا سياسية وأمنية من مكتب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وتكشف هذه القضية، التي سُلّطت الأضواء عليها من داخل أروقة القضاء الإسرائيلي، عن شبكة من الأحداث والشخصيات التي تتداخل فيها المصالح السياسية مع الحساسيات الأمنية، فما حقيقة هذه الوثائق؟.. ومَن يقف وراء تسريبها؟.. وما الغاية من نشرها؟
تفاصيل التسريب
سمحت محكمة الصلح في مدينة ريشون لتسيون في دولة الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، بالكشف عن تفاصيل جديدة ومثيرة تتعلق بتحقيقات تسريب وثائق سرية من مكتب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
يأتي ذلك مع تمديد اعتقال المشتبه بهما، إيلي فيلدشتاين (المتحدث السابق باسم نتنياهو عسكريًا) وضابط احتياطي، لمدة خمسة أيام إضافية، وفقًا للنيابة العامة الإسرائيلية، حيث تم تقديم إفادة للمدعي العام كخطوة تمهيدية قبل تقديم لائحة اتهام رسمية ضدهما، مع طلب إبقائهما رهن الاحتجاز حتى نهاية الإجراءات.
وثيقة "حماس"
تشير التحقيقات إلى أن فيلدشتاين، الذي كان يعمل متحدثًا باسم مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي للشؤون الأمنية، يُشتبه في محاولته التأثير على صفقة تحرير المحتجزين من خلال تسريب وثيقة تُعرف بـ"وثيقة حماس".
ونُشرت الوثيقة في صحيفة "بيلد" الألمانية بعد أيام من مقتل 6 محتجزين في نفق بقطاع غزة، ويُعتقد أن الوثيقة سُرّبت بهدف توجيه الرأي العام الإسرائيلي ضد الحكومة، خصوصًا بعد تصاعد الاحتجاجات المناهضة لها في سبتمبر الماضي.
الشبكة المتورطة في التسريب
وفقًا للتحقيقات، قُدمت الوثائق لـ"فيلدشتاين" بواسطة ضابط احتياطي، وشملت "وثيقة حماس" التي تضمنت معلومات حساسة حول مواقف حماس من المفاوضات، وبيّن التحقيق أن الوثائق نُقلت إلى وسائل الإعلام الأجنبية لتجنب الرقابة الإسرائيلية، ما أضاف مزيدًا من التعقيد إلى القضية.
واستجابةً لطلب من رئيس الأركان الإسرائيلي، فتح الشاباك تحقيقًا سريًا لتحديد مصدر التسريب، وتوصلت التحقيقات إلى ضلوع عدد من الضباط والمستشارين الأمنيين في القضية، ومن بينهم إيلي فيلدشتاين، وتم ضبط وثائق إضافية مصنفة "سرية للغاية" خلال التحقيق.
الآثار الأمنية والسياسية
وصفت سلطات الاحتلال الإسرائيلي التسريب بأنه "خطير ويمس أمن الدولة"، محذرةً من أن نشر الوثائق قد يُعرض العمليات الأمنية والاستخباراتية في قطاع غزة للخطر.
وبحسب القاضي الإسرائيلي مناحيم مزراحي، فإن الوثائق المسربة تضمنت معلومات حول نشاطات غير تقليدية لحماس تهدف إلى التأثير على إسرائيل وموقفها التفاوضي بشأن صفقة المحتجزين.
منشورات مثيرة للجدل
نُشرت الوثائق في وسائل إعلام دولية، من بينها صحيفة "بيلد" الألمانية و"جويش كرونيكل"، ما أثار جدلًا حول مصداقيتها، وأظهرت تحقيقات لاحقة أن بعض الوثائق المزعومة إما مزيفة أو محرفة، ما أضر بمصداقية المنشورات وزاد من التوتر بين رئيس الوزراء الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية.
وأشارت مصادر أمنية إلى أن الشرطة حاولت تجنيد شهود دولة بين المتهمين، إلا أن المحاولات باءت بالفشل، ورغم اعتراف فيلدشتاين بمسؤوليته عن التسريب، إلا أنه أصر على أن الهدف من أفعاله كان التأثير على النقاش العام حول المفاوضات مع حماس.