أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، اختيار رجل المال والأعمال سكوت بيسنت صاحب الـ 62 عامًا لمنصب وزير الخزانة في إدارته الجديدة، وفي هذا الصدد كشفت صحيفة واشنطن بوست، نقلًا عن ثلاثة مصادر مطلعة على المداولات الداخلية، أن هذا الاختيار يأتي في إطار سعي ترامب لإيجاد توازن دقيق بين خطابه الشعبوي المناهض للمؤسسات المالية التقليدية، وحاجته إلى طمأنة الأسواق المالية في بداية ولايته الثانية.
من صندوق سوروس لوزارة الخزانة
يمثل تعيين بيسنت قصة صعود استثنائية في عالم السياسة والمال الأمريكي، إذ يأتي اختياره للمنصب رغم خبرته المحدودة في العمل الحكومي، إلا أن المسيرة المهنية لبيسنت -بحسب ما كشفته واشنطن بوست- تعد مثيرة للاهتمام، حيث بدأ حياته المهنية في شركة سوروس لإدارة الصناديق عام 1991، وسرعان ما برز كأحد أهم المديرين التنفيذيين في المؤسسة.
وفي خطوة لافتة، تولى إدارة مكتب الشركة في لندن، وهو في التاسعة والعشرين من عمره، ليكون جزءًا من الفريق الشهير الذي حقق ثروة طائلة من خلال المضاربة على الجنيه البريطاني عام 1992، في عملية أدت إلى انهيار العملة البريطانية.
وفي عام 2016، أسس مجموعته الخاصة "كي سكوير" برأسمال أولي ضخم بلغ 4.5 مليار دولار؛ ما يعكس ثقة المستثمرين الكبيرة في قدراته المالية والإدارية.
علاقات بالنخبة
يتمتع بيسنت بشبكة علاقات واسعة تمتد من أروقة وول ستريت إلى القصور الملكية في أوروبا، كما كشفت واشنطن بوست عن علاقاته الوثيقة بالملك تشارلز الثالث والملكة كاميلا، حيث يُعد ضيفًا دائمًا في قصر باكنجهام.
وبحسب "واشنطن بوست"، فإن العلاقات النخبوية تضعه في موقع فريد للتوفيق بين عالمين مُتباعدين، وهما الشعبوية الترامبية من جهة، والنخبة المالية العالمية من جهة أخرى.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مصادر مقربة من عملية الانتقال أن بيسنت نجح في كسب ثقة ترامب، من خلال تأييده لتوقعاته السلبية حول التأثير الاقتصادي المحتمل لفوز الديمقراطيين في انتخابات نوفمبر.
كما استضاف حدثًا لجمع التبرعات لترامب في ساوث كارولينا خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، في وقت كان ترامب يسعى فيه للتفوق على نيكي هيلي في ولايتها.
تحديات اقتصادية
يواجه بيسنت، في حال تأكيد تعيينه من قبل مجلس الشيوخ، مهمة شاقة تتمثل في التوفيق بين وعود ترامب الاقتصادية المتعارضة، إذ نقلت واشنطن بوست عن مارك سوبل، الذي خدم في وزارة الخزانة لأكثر من ثلاثة عقود، قوله إن وزير الخزانة سيكون المتحدث الاقتصادي الرئيسي للإدارة، مما يعني أنه سيضطر للدفاع عن سياسات ترامب المالية المكلفة وتبرير التعريفات الجمركية الحمائية التي قد تضر بنظام التجارة الدولي.
وتشير التقديرات إلى أن خطط ترامب الاقتصادية، تتضمن تخفيضات ضريبية تتجاوز 7 تريليونات دولار؛ ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في العجز المالي للدولة.
كما وعد بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 20% على جميع الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، وهو ما قد يؤدي إلى تجدد التضخم وتراجع في سوق الأسهم، وسيكون على بيسنت إيجاد توازن دقيق بين هذه السياسات المتعارضة وطمأنة الأسواق المالية.
ترحيب في وول ستريت
لقى اختيار بيسنت ترحيبًا واسعًا في أوساط وول ستريت، إذ كشفت واشنطن بوست أن العديد من المديرين التنفيذيين في القطاع المالي، أعربوا لمسؤولي ترامب عن رغبتهم في رؤية بيسنت في هذا المنصب.
ويرجع ذلك جزئيًا إلى مخاوفهم من احتمال اختيار بوب لايتهايزر، المعروف بمواقفه المتشددة في قضايا التجارة.
ورغم أن بيسنت يدافع عن خطاب ترامب التجاري، إلا أنه يُنظر إليه على أنه أقل ميلًا لتنفيذ التعريفات الجمركية المرتفعة التي طالب بها ترامب خلال فترته الرئاسية الأولى.