كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن تفاصيل تتعلق بلندا ماكمان، مرشحة دونالد ترامب لمنصب وزيرة التعليم، التي تواجه دعوى قضائية خطيرة تتهمها بالتستر على اعتداءات جنسية طالت أطفالًا قاصرين في عالم المصارعة الذي كانت تديره لعقود.
ويأتي الاتهام في وقت يشهد فيه فريق ترامب هزة أخرى بعد انسحاب مات جيتز أمس الخميس من الترشح لمنصب النائب العام، على خلفية مواجهته سلسلة من اتهامات جنسية أيضًا.
الإمبراطورية المظلمة
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى تفاصيل دعوى اتهام ماكمان، التي قادت إمبراطورية المصارعة العالمية WWE لعقود، بالتستر المتعمد على جرائم اعتداء جنسي على أطفال قاصرين، إذ تعود القضية إلى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، حين كانت ماكمان تشغل منصب الرئيس التنفيذي للشركة التي تحولت تحت قيادتها من مجرد شركة مصارعة محلية إلى إمبراطورية ترفيهية عالمية، قدمت للعالم نجومًا مثل هالك هوجان وذا روك.
لكن خلف الأضواء الساطعة والعروض المبهرة، كانت تجري ممارسات مظلمة استهدفت الأطفال الأكثر ضعفًا في المجتمع.
يكشف ملف القضية أن خمسة من "عمال الحلبة" السابقين، الذين كانوا في سن المراهقة آنذاك، تقدموا بدعوى قضائية في أكتوبر الماضي ضد ماكمان وزوجها فينس وشركة WWE ومجموعة TKO القابضة، يتهمون فيها الإدارة العليا للشركة بالإهمال الجنائي والتستر على الانتهاكات التي تعرضوا لها على يد مالفين فيليبس جونيور، المذيع الرئيسي ورئيس طاقم الحلبة، الذي توفي في عام 2012.
منظومة الاستغلال المنهجي
وتتحدث الوثائق القضائية عن منظومة استغلال منهجية مروعة، إذ كان فيليبس -الذي بدأ عمله مع الشركة في السبعينيات عندما كانت تحت إدارة والد فينس ماكمان- يستهدف الأطفال المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عامًا.
كان يلتقي بهؤلاء الأطفال خارج صالات المصارعة حيث ينتظرون بدء العروض، ثم يقدم لهم مقاعد مجانية ويغريهم بلقاء المصارعين المشهورين.
وبعد كسب ثقتهم، كان يصطحبهم إلى غرف خلع الملابس أو الفنادق حيث يقوم بالاعتداء عليهم جنسيًا، موثقًا جرائمه بالفيديو في بعض الأحيان، ثم يقدم لهم مبالغ مالية للحفاظ على صمتهم.
التستر المؤسسي
الأكثر إثارة للصدمة في القضية هو دور المؤسسة في حماية المعتدي، فوفقًا للدعوى القضائية، فصلت إدارة ماكمان فيليبس في عام 1988 بعد ظهور سلسلة من الادعاءات ضده، إلا أن المفاجأة المدوية حسب ما أشارت الصحيفة تمثلت في إعادة توظيفه بعد ستة أسابيع فقط، بل وتوفير حماية قانونية له.
وصل الأمر إلى حد رفع دعوى تشهير في عام 1992 ضد صحفي في "نيويورك بوست" كتب عن مزاعم الاعتداء عندما كشف اثنان من "عمال الحلبة" قصصهم للعلن.
ولم تكن هذه القضية معزولة، إذ يشير ملف الدعوى إلى سلسلة من شكاوى التحرش والاعتداء الجنسي في WWE على مر السنين، من بينها مدفوعات تصل إلى 12 مليون دولار قدمها فينس ماكمان لأربع نساء لإسكات مزاعم سوء السلوك الجنسي ضده، وهي المزاعم التي نفاها.
التداعيات السياسية والأخلاقية
يثير ترشيح "ماكمان" لمنصب وزيرة التعليم مخاوف عميقة، خاصة أن المنصب يتضمن الإشراف على مكتب الحقوق المدنية المسؤول عن تطبيق قوانين التي تحمي الطلاب من التمييز والتحرش الجنسي.
وأثار هذا الترشيح موجة من الانتقادات من جماعات حقوق الطلاب والمنظمات النسائية.
تقول جايلين بوروز، نائبة رئيس التعليم والعدالة في مكان العمل بالمركز الوطني للقانون النسائي: "جميع الطلاب يستحقون الذهاب إلى المدرسة ولديهم الحق في التعلم والنمو دون خوف من التحرش أو التمييز، الغرض الوحيد من وزارة التعليم هو حماية فرص التعلم المتساوية لجميع الطلاب، ويجب أن يركز رئيسها على ذلك".
إرث من الإهمال
ويشير سجل ماكمان المهني إلى نمط مقلق من الإهمال وتجاهل حقوق العاملين، فخلال محاولاتها الانتخابية للكونجرس، واجهت انتقادات حادة بسبب معاملة WWE للمصارعين كمتعاقدين مستقلين، محرومين من التأمين الصحي ومساهمات الضمان الاجتماعي، كما أثيرت شكوك حول محاولتها تحذير طبيب متهم بتوزيع المنشطات على المصارعين من تحقيق فيدرالي محتمل.