أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، عقب فوزه في انتخابات الخامس من نوفمبر، عن اختياره "بريندان كار" لرئاسة لجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC)، في خطوة تعكس رؤية واضحة لإدارته الثانية في التعامل مع قطاع الاتصالات والتكنولوجيا، إذ يأتي هذا التعيين وسط توقعات بتغييرات جذرية في المشهد التنظيمي للقطاع، خاصة في ظل العلاقة الوثيقة التي تربط "كار" بالملياردير إيلون ماسك والموقف المتشدد تجاه شركات التكنولوجيا الكبرى.
معركة التكنولوجيا والحريات
كشفت شبكة "سي بي إس نيوز" أن تعيين "كار" يمثّل تحولًا استراتيجيًا في السياسة الأمريكية تجاه قطاع التكنولوجيا والاتصالات، إذ إن الرجل الذي وصفه ترامب بأنه "محارب من أجل حرية التعبير" له تاريخ طويل في معارضة ما يصفه بـ"الحرب التنظيمية" التي تقيّد حريات الأمريكيين.
وفي بيان تعيينه، شدّد ترامب على أن "كار" سيعمل على إنهاء ما وصفه بـ"الهجمة التنظيمية" التي أعاقت المبتكرين وخالقي فرص العمل في أمريكا.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل تعهد "كار" نفسه، في سلسلة تغريدات على منصة "إكس"، بتفكيك ما أسماه "عصابات الرقابة" واستعادة حقوق حرية التعبير للأمريكيين العاديين، موجهًا انتقادات لاذعة لعمالقة التكنولوجيا مثل فيسبوك وجوجل وآبل ومايكروسوفت.
تحالف استراتيجي
ووفقًا لصحيفة "الجارديان"، فإن العلاقة بين كار وإيلون ماسك، أكبر داعمي ترامب في قطاع التكنولوجيا، تتجاوز مجرد التوافق الفكري إلى تحالف استراتيجي له أبعاد اقتصادية وسياسية عميقة.
وتجلى ذلك بوضوح في موقف "كار" المتشدد ضد قرار اللجنة السابقة بإلغاء منحة بقيمة 885 مليون دولار كانت مخصصة لشركة ستارلينك المملوكة لـ"ماسك".
وفي مقال رأي نشره في صحيفة "وول ستريت جورنال"، وصف "كار" هذا القرار بأنه "حرب منظمة" ضد ماسك، معتبرًا إلغاء المنحة كان مدفوعًا بدوافع سياسية.
ويكتسب هذا الموقف أهمية خاصة في ضوء خطط ستارلينك التوسعية لتوفير خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية للمناطق الريفية في الولايات المتحدة.
خارطة طريق
بحسب ما تشير إليه شبكة "سي بي إس"، فإن الفصل الذي كتبه "كار" في وثيقة "مشروع 2025"، التي تحدد رؤية إدارة ترامب الثانية، يكشف عن خطة لإحداث تحول جذري في المشهد التنظيمي للاتصالات والتكنولوجيا في الولايات المتحدة.
وتتمحور هذه الخطة حول أربعة أهداف رئيسية، أولها ترويض شركات التكنولوجيا الكبرى من خلال فرض رقابة أكثر صرامة على ممارساتها، وثانيها تعزيز الأمن القومي عبر تشديد الرقابة على البنية التحتية للاتصالات، وثالثها إطلاق العنان للازدهار الاقتصادي من خلال تخفيف القيود التنظيمية على الشركات الصغيرة والمتوسطة، ورابعها ضمان مساءلة اللجنة نفسها وتعزيز الشفافية في عملها.
صراع مع وسائل الإعلام التقليدية
بحسب ما تشير صحيفة "الجارديان"، يواجه تعيين "كار" تحديات كبيرة، خاصة في ظل موقفه المتوافق مع توجهات ترامب تجاه وسائل الإعلام التقليدية.
وقد أثار اهتمامًا خاصًا بتأييده لدعوات ترامب المتكررة لسحب تراخيص شبكات البث الرئيسية مثل ABC وNBC وCBS، وتفاقم هذا التوتر أخيرًا بعد بث برنامج "60 دقيقة" مقابلة مع المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، ما دفع ترامب لرفع دعوى قضائية ضد شبكة CBS News، متهمًا إياها بالتحرير المضلل للمقابلة.
وقد نفت الشبكة هذه الاتهامات، معتبرة أنها "لا أساس لها من الصحة" ومؤكدة عزمها على الدفاع عن موقفها بقوة.
مستقبل غير مؤكد
على الرغم من الصلاحيات الواسعة التي سيتمتع بها "كار" في منصبه الجديد، إلا أن تنفيذ أجندته قد يواجه عقبات في المدى القريب، إذ إن اللجنة ستحتفظ بأغلبية ديمقراطية (3-2) حتى العام المقبل، عندما سيتمكن ترامب من تعيين عضو جديد.
ومع ذلك، فإن سجل "كار" المهني، الذي يتضمن شغل منصب المستشار العام للجنة وحصوله على موافقة مجلس الشيوخ ثلاث مرات، بما في ذلك ترشيحات من كل من ترامب وبايدن، قد يمنحه القدرة على بناء توافقات عبر الخطوط الحزبية.