أطلق حكام الولايات الديمقراطية في الولايات المتحدة خططًا شاملة لمواجهة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، في تحرك سريع عقب إعلان فوزه في الانتخابات الرئاسية مساء الأربعاء، وفي هذا الصدد كشفت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية أن الحكام الديمقراطيين بدأوا في تنفيذ استراتيجية متعددة المحاور، تشمل إجراءات قانونية وتشريعية، تهدف إلى حماية سياساتهم في مجالات الهجرة والبيئة وحقوق المثليين والإجهاض من أي تغييرات متوقعة في السياسات الفيدرالية.
تحركات في كاليفورنيا
في ولاية كاليفورنيا، التي تمثل أكبر معاقل المعارضة لسياسات ترامب، يتحرك المسؤولون بسرعة وحزم، إذ كشفت "بوليتيكو" عن خطة تفصيلية وضعها المدعي العام للولاية روب بونتا وفريقه القانوني على مدار الأشهر الماضية.
وتتضمن الخطة مسودات لدعاوى قضائية محتملة، وتحليلًا دقيقًا للحجج القانونية المحتملة، واختيارًا مسبقًا للمحاكم التي يمكن أن تنظر هذه القضايا.
وفي خطوة غير مسبوقة، دعا حاكم الولاية جافين نيوسوم، الذي يعد من أبرز منتقدي ترامب، إلى عقد جلسة تشريعية خاصة لتعزيز الترسانة القانونية للولاية.
ويركز نيوسوم، وفقًا لما نقلته الصحيفة الأمريكية، على أربعة محاور رئيسية، وهي حماية حقوق المهاجرين، والحفاظ على السياسات البيئية للولاية، وضمان حقوق مجتمع الميم، وحماية الحقوق الإنجابية.
وقال نيوسوم في تصريحات نارية: "الحريات التي نعتز بها في كاليفورنيا تتعرض للهجوم، ولن نقف مكتوفي الأيدي أمام أي محاولات لتقويضها".
تحصينات الساحل الشرقي
على الجانب الآخر من البلاد، تتخذ ولاية نيويورك إجراءات مماثلة، ولكن بنكهة مختلفة، إذ أطلقت الحاكمة كاثي هوشول والمدعية العامة ليتيشيا جيمس، التي تخوض معركة قانونية شرسة مع ترامب في قضية احتيال تجارية، مبادرة "إمباير ستيت للحرية".
وتكشف "بوليتيكو" أن المبادرة تتضمن برنامجًا شاملًا لمواجهة ما يصفونه بـ "التهديدات السياسية والتنظيمية" المتوقعة من إدارة ترامب الثانية.
وتشمل الاستعدادات في نيويورك تعزيزًا غير مسبوق للتنسيق بين مكتب الحاكم والمدعي العام، مع التركيز بشكل خاص على حماية الحقوق الإنجابية وحقوق مجتمع الميم وقوانين السلامة من الأسلحة والعدالة البيئية.
وتؤكد هوشول، وفقًا للصحيفة، أنها ستقترح تشريعات جديدة وتتخذ إجراءات تنفيذية لمواجهة سياسات ترامب المحتملة، مشددة على أن "نيويورك ستظل حصنًا للحرية وسيادة القانون".
معركة التمويل
يكشف التقرير عن جانب آخر من المواجهة المرتقبة يتعلق بالجوانب المالية والاقتصادية، إذ بدأت مجموعة من حكام الولايات الديمقراطية مناقشات سرية حول كيفية تأمين وصول التمويل الفيدرالي لمشاريع ولاياتهم قبل تولي ترامب السلطة في يناير 2025.
وتنبع هذه المخاوف من احتمال قيام الإدارة الجديدة، بدعم من الكونجرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون، بتجميد أو حتى إلغاء برامج الرئيس بايدن الرئيسية، مثل قانون CHIPS وقانون خفض التضخم.
وفي هذا السياق، يقول حاكم ولاية إلينوي جي بي بريتزكر، في تصريحات نقلتها "بوليتيكو": "هناك الكثير من الناس الذين تتعرض حياتهم وسبل عيشهم للخطر، وهناك الكثيرون الذين بكوا عند إعلان نتيجة الانتخابات لأنهم يدركون التأثير الذي قد يحدثه ذلك على عائلاتهم".
وأضاف محذرًا: "إذا اقتربتم من شعبي، فعليكم المرور من خلالي أولًا".
باحثون عن أرضية مشتركة
رغم حدة المواقف المعلنة، تكشف الصحيفة عن وجود تيار عملي محدود بين القادة الديمقراطيين، إذ أشار حاكم نيوجيرسي فيل مورفي إلى إمكانية التعاون مع إدارة ترامب في بعض المجالات، خاصة ما يتعلق بمشاريع البنية التحتية التي تعتمد بشكل كبير على التمويل الفيدرالي.
وقال مورفي: "إذا كان الأمر مخالفًا لقيمنا، سنقاتل حتى النهاية، لكن إذا كانت هناك فرصة لأرضية مشتركة، فسنغتنمها بأسرع ما يمكن".
ويبدو عمدة مدينة نيويورك إريك آدامز أكثر عملية في موقفه، إذ أعلن أنه تواصل بالفعل مع الرئيس المنتخب لمناقشة القضايا التي تهم المدينة.
وقال في مؤتمر صحفي: "هناك العديد من القضايا هنا في المدينة التي نريد العمل مع الإدارة لمعالجتها.. المدينة يجب أن تمضي قدمًا".
وردًا على كل هذه التحركات، أصدر فريق ترامب بيانًا مقتضبًا نقلته "بوليتيكو" جاء فيه: "الشعب الأمريكي أعاد انتخاب الرئيس ترامب بهامش كبير، مما يمنحه تفويضًا لتنفيذ الوعود التي قطعها خلال حملته الانتخابية. وسوف يفي بها".