بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024، يعتزم الرئيس المنتخب دونالد ترامب، إجراء تغييرات جذرية في سياسات الجيش الأمريكي، إذ تركز خطته على مواجهة ما تصفه بـ"السياسات المترهلة" التي تضر بالاستعداد العسكري، التي تشمل التوجهات المرتبطة بالشمولية وحقوق الأقليات.
ويتوقع أن يسعى ترامب إلى تقليص الميزانية الدفاعية، وتغيير هيكلية الجيش، وتقليص عدد القادة العسكريين في وزارة الدفاع "البنتاجون"، مع التركيز على مواجهة قضايا أخرى تتعلق بالصين وتعزيز الاستراتيجيات النووية.
خطة شاملة للتغيير
وبينما لم يقدم ترامب بعد سياسات واضحة بشأن وزارة الدفاع أو اسم المرشح الذي سيقود البنتاجون، إلا أن معسكره السياسي وبعض المسؤولين في إدارته السابقة وضعوا ملامح خطة شاملة للتغيير.
ووفقًا لصحيفة "ذا هيل" الأمريكية، تتضمن خطة ترامب قضايا مثيرة للجدل مثل تقليص النفقات الدفاعية، وعدد الضباط الكبار، إلى جانب إعادة النظر في برامج الشمولية مثل التوجهات بالهوية الجنسية، التي تروج لتضمين المتحولين جنسيًا في الجيش، وهي سياسات تبناها الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وفي إطار هذه التوجهات، أشارت منصة الحزب الجمهوري لعام 2024 إلى أن الحزب يسعى لضمان أن يكون "الجيش الأمريكي هو الأكثر حداثة وقوة في العالم"، مع تعهدات بإدخال تقنيات متقدمة مثل نظام "القبة الحديدية" المضاد للصواريخ.
كما يتضمن البرنامج دعمًا أكبر للقوات المسلحة من خلال رفع الرواتب، في الوقت الذي يركز فيه الحزب على ما يسميه "إلغاء سياسات اليسار المتطرف" التي تضر بالجيش.
التراجع عن سياسات بايدن
ومن بين أولويات ترامب الدفاعية، أشارت الصحيفة إلى نية لإلغاء السياسات التي تبناها بايدن، والتي سمحت للمتحولين جنسيًا بالخدمة في الجيش، إضافة إلى تعيين مسؤولين عسكريين ملتزمين بمفهوم "الولاء السياسي".
وتشمل التوقعات أن يلغي الرئيس الأمريكي المنتخب المكاتب المعنية بالشمولية والمساواة في البنتاجون، وأن يوقف السياسات التي تسمح للخدمة العسكرية بضم الجنود المتحولين جنسيًا.
ويستند جزء من هذه الخطط إلى وثيقة "مشروع 2025" التي أعدتها مؤسسة "التراث" المحافظة، والتي تطرقت إلى ضرورة القضاء على "البرامج الماركسية" في البنتاجون، مثل تعليم "نظرية العنصرية النقدية" في الأكاديميات العسكرية.
ويلقى هذا التوجه دعمًا واسعًا من التيار اليميني في الحزب الجمهوري، الذي يرى أن سياسات بايدن أضعفت الجيش وأثرت سلبًا في قدرته القتالية.
تقليص القدرة العسكرية
بحسب "ذا هيل" تعد أبرز النقاط بخطة ترامب تقليص عدد الجنرالات، إذ يرى أن البنتاجون يعاني من "البيروقراطية المفرطة" التي تستهلك وقتًا وموارد دون أن تضيف قيمة حقيقية للقدرة القتالية للجيش.
وكتب كريستوفر ميلر، الوزير السابق في إدارة ترامب، في أحد فصول "مشروع 2025" أن البنتاجون يعاني من مشكلة كبيرة في عدد الضباط الكبار مقارنة بالقوات العاملة، إذ يوجد اليوم أكثر من 900 ضابط عام في الخدمة مقابل نحو 1.3 مليون جندي، في حين كان في الحرب العالمية الثانية هناك 2000 ضابط عام لأكثر من 12 مليون، وهو ما يشير إلى وجود خلل في التوازن بين القيادات العسكرية وعدد الجنود، ما يخلق مستويات مفرطة من البيروقراطية.
لكن بعض المحللين العسكريين، مثل بيتر فيفر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ديوك، حذروا من أن تقليص عدد الجنرالات قد يؤدي إلى تسييس الجيش بشكل أكبر.
ويرى "فيفر" أن هذا الإصلاح قد يُستخدم كأداة للترويج للولاء السياسي داخل الجيش، وهو ما يمكن أن يؤثر سلبًا في حيادية المؤسسة العسكرية.
دعوات تقليص الميزانية الدفاعية
وفي ما يخص ميزانية الدفاع، هناك دعوات داخل معسكر ترامب لتقليص الإنفاق الدفاعي المبالغ فيه، لا سيما أن الميزانية الدفاعية الأمريكية تقترب من حاجز 900 مليار دولار، وهو مبلغ يعتبره البعض عبئًا اقتصاديًا على الدولة.
وتدعو مؤسسة "أمريكا فيرست" الفكرية، المرتبطة بعقيدة ترامب، إلى الحد من الإنفاق على القضايا غير العسكرية، مثل الترويج للتغير المناخي والديمقراطية، التي تشمل برامج تخصيص أموال لمكافحة التغيرات المناخية في الجيش، وتحويل أساطيل السيارات غير القتالية إلى طاقة نظيفة بحلول عام 2030.
ويتناقض هذا التوجه مع مواقف بعض الشخصيات في الحزب الجمهوري مثل السيناتور روجر ويكر، الذي يطالب بزيادة ميزانية الدفاع بشكل "جذري" لمواجهة التحديات الدولية، خاصة مع تصاعد التوترات مع الصين.