تحولات اقتصادية ودعم أمني.. مخاوف بشأن موقع إفريقيا بإدارة ترامب الثانية
أثار فوز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بفترة رئاسية ثانية موجة من ردود الفعل المتباينة في قارة إفريقيا، إذ يترقب القادة والمراقبون السياسيون والاقتصاديون بحذر شديد ملامح السياسة الأمريكية المقبلة تجاه القارة السمراء.
تحولات اقتصادية متوقعة
كشفت تحليلات "بي بي سي" عن مشهد معقد للعلاقات الاقتصادية المستقبلية بين الولايات المتحدة وقارة إفريقيا، فخلال فترة إدارة بايدن، شهدت العلاقات التجارية نموًا ملحوظًا، وتجاوزت الاستثمارات الأمريكية في القارة حاجز 22 مليار دولار.
وتجلى هذا الاهتمام في مشروعات استراتيجية مهمة، مثل ممر لوبيتو للسكك الحديدية، الذي يمتد عبر ثلاث دول إفريقية، هي أنجولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وزامبيا.
وتتصاعد المخاوف من احتمالية تراجع هذه الاستثمارات في ظل توجهات ترامب الحمائية المعروفة تحت شعار "أمريكا أولاً".
وتبرز المخاوف بشكل خاص حول مصير قانون النمو والفرص الأفريقية (أجوا)، الذي يمثل شريان حياة للصادرات الإفريقية إلى السوق الأمريكية منذ عام 2000، إذ سبق لترامب خلال فترة رئاسته الأولى أن أعلن عدم نيته تجديد هذا القانون عند انتهاء صلاحيته في 2025، كما تعهد خلال حملته الانتخابية الأخيرة بفرض تعريفة جمركية موحدة بنسبة 10% على جميع السلع المستوردة.
برامج المساعدات
وسلطت "بي بي سي" الضوء على تحديات جدية تواجه برامج المساعدات الأمريكية لإفريقيا، التي تبلغ قيمتها السنوية نحو 3.7 مليار دولار.
فخلال فترة رئاسته الأولى، حاول "ترامب" مرارًا تقليص المساعدات الخارجية على مستوى العالم، لكن الكونجرس آنذاك، الذي كان يتمتع بدعم ثنائي الحزب للمساعدات الخارجية، تصدى لهذه المحاولات.
وتوقعت "BBC" أن يختلف المشهد هذه المرة مع سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ وأغلبيتهم في مجلس النواب.
ويثير مصير برنامج "بيبفار" لمكافحة الإيدز في إفريقيا قلقًا خاصًا، إذ واجه البرنامج معارضة شديدة من المشرعين الجمهوريين العام الماضي، بدعوى الترويج لخدمات الإجهاض.
ورغم حصوله على تمديد قصير الأجل حتى مارس المقبل، فإن موقف ترامب المعارض للإجهاض قد يهدد استمرارية هذا البرنامج الحيوي.
المعادلة الأمنية المعقدة
شهدت الساحة الأمنية في إفريقيا تحولات كبيرة خلال غياب ترامب عن البيت الأبيض، إذ عززت روسيا حضورها في القارة من خلال تقديم الدعم العسكري والأمني لدول مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو التي تواجه تحديات إرهابية.
ويرى جيود مور، الخبير في مركز التنمية العالمية والوزير الليبيري السابق، في حديثه لـ"بي بي سي"، أن الموقف الأمريكي تجاه هذا التمدد الروسي قد يكون غير تقليدي، في ظل العلاقة الخاصة التي تربط ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ومع ذلك، يشير سجل ترامب السابق إلى قدرته على اتخاذ مواقف داعمة للأمن الإفريقي عندما تتطلب المصلحة ذلك، إذ وافق خلال فترة رئاسته الأولى على بيع طائرات توكانو المقاتلة إلى نيجيريا لمساعدتها في حربها ضد جماعة بوكو حرام الإرهابية، وهو ما لم يفعله سلفه الديمقراطي باراك أوباما، رغم المناشدات المتكررة من الجالية النيجيرية-الأمريكية.
تحديات الهجرة
تكشف الأرقام التي أوردتها "بي بي سي" عن زيادة كبيرة في أعداد المهاجرين الأفارقة على الحدود الأمريكية-المكسيكية، إذ ارتفع العدد من 13 ألف مهاجر في 2022 إلى 58 ألفًا في 2023.
ويثير هذا الارتفاع مخاوف جدية في ظل تعهد ترامب خلال حملته الانتخابية بترحيل مليون شخص لا يحملون وثائق إقامة قانونية.
وتزداد هذه المخاوف مع سجل ترامب السابق في تقييد الهجرة من عدة دول إفريقية، بما فيها نيجيريا وإريتريا والسودان وتنزانيا.
وأشارت صحيفة "تايفو ليو" الكينية إلى قلق الجالية الكينية في الولايات المتحدة، البالغ عددها نحو 160 ألف شخص، من احتمال تعرضهم للتمييز خلال فترة رئاسة ترامب الثانية.
وخلصت "بي بي سي" إلى أن مستقبل العلاقات الإفريقية-الأمريكية في عهد ترامب يظل مفتوحًا على جميع الاحتمالات، فرغم المخاوف من سياساته وتوجهاته المتشددة تجاه الهجرة والمساعدات الخارجية، فإن إدراكه لأهمية مواجهة النفوذين الصيني والروسي في القارة قد يدفعه للحفاظ على مستوى معين من الشراكة الاستراتيجية مع دول القارة.