شكّل فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية منعطفًا تاريخيًا في العلاقة بين المال والسياسة، فوفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز"، لعب الملياردير إيلون ماسك دورًا محوريًا غير مسبوق في صناعة هذا النصر الانتخابي، ليتجلى نموذج جديد للتأثير السياسي يمكن أن يغير قواعد اللعبة الانتخابية في المستقبل.
مليارات تصنع التاريخ
في أجواء احتفالية صاخبة بمنتجع "مار-لاجو" في فلوريدا، كان المشهد لافتًا، إذ جلس "ماسك" على مقربة من الرئيس السابق، مستعدًا لقطف ثمار استثمار سياسي ضخم.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن ماسك في مقابلته مع المذيع تاكر كارلسون، تأكيده للدور الحاسم الذي لعبته لجنة العمل السياسي الخاصة به "أمريكا باك" في تحسين الأداء الجمهوري في الولايات المتأرجحة.
وفي خطوة تعكس ثقته بحجم إنجازه، نشر "ماسك" صورةً له في المكتب البيضاوي لمتابعيه البالغ عددهم 203 ملايين على منصته "إكس".
Let that sink in pic.twitter.com/XvYFtDrhRm
— Elon Musk (@elonmusk) November 6, 2024
استراتيجية غير مسبوقة
ووفقًا لما كشفته "نيويورك تايمز"، موّل "ماسك" حملة انتخابية موازية بتكلفة تجاوزت 175 مليون دولار، تضمنت عملية طرق أبواب واسعة النطاق في الولايات المتأرجحة، ووصل متطوعو الحملة إلى نحو 11 مليون منزل، منها 1.8 مليون في ميتشيجان، و2.3 مليون في بنسلفانيا.
وخصص ماسك 30 مليون دولار لبرنامج البريد المباشر، و22 مليونًا للإعلانات الرقمية، مستهدفًا المنصات المؤيدة لترامب مثلBarstool Sports.
وكشفت الصحيفة عن أن "ماسك" ركّز في اجتماعاته مع مستشاريه السياسيين في الربيع على هدف محدد، يتمثل في استقطاب ما بين 800 ألف إلى مليون ناخب من فئة "منخفضي المشاركة"، في سبع ولايات متأرجحة.
واستهدفت الحملة بشكل خاص سكان المناطق الريفية المحتمل تصويتهم لترامب، رغم سجلهم الانتخابي المتقطع.
وبينما لم تتضح بعد النتائج النهائية لهذا الجهد، إلا أن الهوامش الكبيرة التي حققها ترامب في المناطق الريفية تشير إلى نجاح استراتيجية ماسك، بحسب "نيويورك تايمز".
ولم يكتف ماسك بالأساليب التقليدية في الحملات الانتخابية، لكنه قدم أسطولًا من السيارات لنقل ناخبي ترامب، بما في ذلك مجتمع الأميش في بنسلفانيا، الذين لا يستخدمون السيارات.
كما تجاوز موقف ترامب السلبي من التصويت المبكر والغيابي، إذ عدّل فريقه الرسائل للمتطوعين لتشجيع التصويت عبر البريد، مع توفير رموزQR لطلب بطاقات الاقتراع.
الحملة واجهت تحديات جدية، منها اتهامات بالاحتيال بين المتطوعين منخفضي الأجر، ومشكلات تقنية في البرمجيات المستخدمة في ولايتي ويسكونسن ونيفادا، فضلًا عن صعوبات في تحقيق الأهداف المرجوة من تعيين المتطوعين في الأيام الأخيرة.
وحول تقييم تداعيات هذا النموذج الجديد في التمويل السياسي، نقلت الصحيفة عن مايك دوهايم، المسؤول السابق في اللجنة الوطنية الجمهورية، تعبيره عن قلقه من تنامي نفوذ المال الكبير في السياسة الأمريكية.
وأشار "دوهايم" إلى أن السيطرة على الإنفاق السياسي يجب أن تبقى في يد الحملات والأحزاب السياسية، لأنها في النهاية مسؤولة أمام الناخبين.
تحالف ممتد
في ختام ليلة الانتصار، أعلن ماسك عن خطط طموح لمستقبل لجنة العمل السياسي الخاصة به، إذ كشف خلال بثٍّ مباشر على منصته "إكس" عن نيته التأثير بقوة في انتخابات التجديد النصفي عام 2026.
من جهته، أشاد ترامب في خطاب النصر بـ"ماسك"، ووصفه بـ"النجم الوليد"، في إشارة إلى تحالف سياسي قد يستمر لسنوات مقبلة.