لفتت شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية، إلى أن "التضخم" الذي دفع بالمرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، قد يمثل مشكلة للرئيس المنتخب في ولايته الثانية.
وذكرت الشبكة في تقرير لها، أن ترامب ركب موجة قوية من السخط بشأن ارتفاع تكاليف المعيشة إلى البيت الأبيض، مشيرة إلى الناخبين، الذين سئموا من ارتفاع أسعار كل شيء بدءًا من البقالة وحتى تأمين السيارات، أطاحوا بالديمقراطيين من السلطة في واشنطن.
وقالت الشبكة، إنه خلال حملته الانتخابية، ذكّر ترامب الناخبين في كثير من الأحيان بأن التضخم لم يكن مشكلة عندما كان هو من يتخذ القرارات، كما وعد بمهاجمة الأسعار المرتفعة من خلال إحداث تغييرات جذرية.
وأضافت: "لكن إذا لم يكن ترامب حذرا، فقد يواجه مشكلة التضخم الخاصة به، فبعض الوعود الانتخابية ذاتها التي جذبت الناخبين، بما في ذلك الترحيل الجماعي والرسوم الجمركية الباهظة، من شأنها أن تؤدي إلى التضخم إذا تم تنفيذها، وربما إلى التضخم الشديد".
وبخلاف ذلك، بدأت سوق السندات بالفعل تشعر بالتوتر إزاء خطط ترامب لإضافة تريليونات الدولارات إلى الدين الوطني، إذ ارتفعت عائدات السندات بشكل حاد، وهو الوضع الذي من شأنه أن يجعل الحصول على قرض عقاري أو قرض على المنزل وتمويل شراء سيارة أكثر تكلفة.
وقال ريان سويت، كبير خبراء الاقتصاد الأمريكي في أكسفورد إيكونوميكس، لسي إن إن: "إن الدرس المستفاد من هذه الانتخابات لا ينبغي أن يمر دون أن يلاحظه الجمهوريون، فالتضخم لا يلقى استحسان الناخبين، ولن ينسوا ذلك".
وأعرب الناخبون، الثلاثاء الماضي، عن إحباطهم إزاء حالة الاقتصاد. وبحسب استطلاعات الرأي التي أجرتها "سي إن إن"، وصف ثلثا الناخبين (67%) الاقتصاد الأمريكي بأنه ليس جيدًا أو سيئًا.
ورغم انخفاض معدل البطالة تاريخيا، صنف 32% فقط الاقتصاد بأنه ممتاز أو جيد، وقد ثبت أن هذا كان محوريًا في النتيجة.
ومن بين أولئك الذين وصفوا الاقتصاد بأنه ليس جيدًا أو سيئًا، صوت 69% لصالح ترامب.
وعلى نحو مماثل، أشار 40% من الناخبين اللاتينيين إلى أن الاقتصاد كان القضية الأولى.
وترى الشبكة الأمريكية، أن ترامب فاز بشكل حاسم بأصوات الناخبين اللاتينيين الذين اختاروا الاقتصاد باعتباره القضية الأولى.
وخلال حملته الانتخابية، وعد ترامب ليس فقط بهبوط معدل التضخم ولكن بخفض الأسعار من خلال ترحيل ملايين الأشخاص الذين لا يحملون وثائق، وإطلاق العنان لإنتاج الوقود الأحفوري.
وفي هذا الصدد، يرى سويت، أن "مستوى أسعار العديد من السلع والخدمات الاستهلاكية لن ينخفض، بل إن مستوى أسعار العديد من الأشياء سوف يظل مرتفعًا بشكل دائم".
وليس هذا فحسب، بل إن عناصر أجندة ترامب قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار إذا تم سنها، فقد اعتبر ترامب الرسوم الجمركية حلا سحريًا لأي مشكلة تقريبا، ووصف هذه الضرائب على الواردات بأنها "أعظم شيء اخترع على الإطلاق". كما هدد بفرض رسوم جمركية باهظة بشكل لا يمكن تصوره على الأصدقاء والأعداء على حد سواء.
ووفقًا لورقة عمل حديثة أصدرها معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، فإن وعود ترامب بفرض تعريفات جمركية ضخمة، وترحيل ملايين العمال غير المسجلين، والتأثير المحتمل على بنك الاحتياطي الفيدرالي، من شأنها أن تضعف النمو، وتعزز التضخم، وتخفض معدلات التشغيل.
ووجد الباحثون أن التضخم سوف يرتفع إلى 6% على الأقل بحلول عام 2026، وبحلول عام 2028، سوف ترتفع أسعار المستهلك بنسبة 20%.
وبحسب تحليل منفصل من معهد بيترسون، فإن مقترحات ترامب بشأن التعريفات الجمركية من شأنها أن تكلف الأسرة الأمريكية النموذجية أكثر من 2600 دولار سنويًا.
وفرض الرسوم الجمركية على الملابس والألعاب والأثاث والأجهزة المنزلية والأحذية والسلع السياحية وحدها من شأنه أن يكلف الأمريكيين ما لا يقل عن 46 مليار دولار سنويا، وفقا للاتحاد الوطني لتجارة التجزئة، وهي مجموعة تجارية تمثل تجار التجزئة.
وقال دانييل ألبرت، الشريك الإداري في ويستوود كابيتال، لسي إن إن: "سنخلق أسوأ ما في العالمين: سنشهد ارتفاعًا في الأسعار المحلية للسلع وبعض الخدمات.. ولن نشهد أي تحسن عام في صورة الوظائف أو صورة الأجور".
حتى ستيفن مور، الخبير الاقتصادي المحافظ الذي كان داعمًا جدًا لأجندة ترامب الشاملة، قال مؤخرًا لسي إن إن، إنه "ليس من المعجبين" بالرسوم الجمركية مثل التي اقترحها ترامب.
وقال مور خلال مقابلة هاتفية في أواخر أكتوبر: "عندما يستخدم ترامب التعريفات الجمركية كأداة للتفاوض، فأنا موافق على ذلك، لكنني لا أريد أن أرى الولايات المتحدة ترفع التعريفات الجمركية بشكل كبير على السلع المستوردة.. التعريفات الجمركية هي ضرائب، ومخاوفي هي أنه إذا تمادى المرء في الأمر، فسوف يدخل في موقف متبادل".
وهذا يثير أحد أهم الأسئلة الاقتصادية في عهد ترامب القادم، يتمثل فيما إذا كان لدى مقترحاته الاقتصادية القدرة على تجنب إعادة إشعال الأسعار، أم أنه سيزيد التعريفات الجمركية على نحو يدعو إلى عودة التضخم.