حذّر محامون بريطانيون من "انفجار نظام العدالة الجنائية" في المملكة المتحدة، حيث كشفوا أن بعض المحاكمات تم تحديد موعدها بعد شهور طويلة تمتد حتى سبتمبر 2027؛ كما أشار تقرير لصحيفة "الإندبندنت".
ولفت التقرير إلى أن العديد من المحاكمات المؤجلة شملت المتهمين المفرج عنهم بكفالة، والمتهمين بجرائم جنسية أو عنيفة وخطيرة، ولم يكن من المُقرر أن تبدأ قبل أكثر من عامين؛ "مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تأخير المحاكمات لأشهر أخرى وترك الضحايا ينتظرون العدالة".
كما حذّر خبراء من أن المحاكمات التي تشمل المشتبه بهم الذين تم رفض طلباتهم بالإفراج بكفالة، يتم جدولتها في كثير من الأحيان في أواخر عام 2025، أي ما يزيد كثيرًا عن فترة الحبس الاحتياطي -والتي تبلغ ستة أشهر- مما يؤدي إلى تأجيج أزمة الاكتظاظ في السجون، حيث بلغ عدد هؤلاء السجناء أعلى مستوى له على الإطلاق.
وفي تحذيره من أن أحد موكليه تم تحديد موعد للمحاكمة في أبريل 2027، تنقل الصحيفة عن المحامي الجنائي البارز في بريطانيا ماكسيميليان هاردي: "لقد أصبحت المحاكم بيتًا لهواة جمع الأموال ولم يعد بوسعك حتى تجاوز العتبة. هذه ليست عدالة مؤجلة، بل عدالة غارقة".
انتظار طويل
في حين أن خطأ في البيانات منع الحكومة البريطانية من نشر إحصائيات حول أداء المحاكم خلال الأشهر الستة الماضية، يقول الخبراء إن عدد المحاكمات المتراكمة في النظام من المرجح الآن أن يصل إلى مستوى قياسي مرتفع، يتجاوز 70 ألف قضية، ارتفاعًا من أقل من 33 ألف قضية في عام 2019.
وتُشير "الإندبندنت" إلى أنه "بما أن المحاكمات غالبًا ما تكون عُرضة لمزيد من التأخير في اللحظة الأخيرة بعد جدولتها، فإن الأرقام التي حصلت عليها هذه المطبوعة سابقًا تُشير إلى أن عدد القضايا التي تنتظر أكثر من ثلاث سنوات للحصول على حكم، ارتفع بما لا يقل عن سبعة أضعاف منذ عام 2019، ليتجاوز 1280 قضية في يونيو الماضي".
ووجد تحليل آخر أجرته الصحيفة أن 134 قضية اغتصاب كانت من بين 5776 محاكمة انتظرت أكثر من عامين حتى سبتمبر، مُقارنة بـ 10 قضايا اغتصاب فقط من أصل 344 قضية عانت من نفس مدة التأخير في عام 2019.
كما توصل تحليل أجرته رابطة المحامين الجنائيين في المملكة المتحدة إلى أن متوسط الوقت الذي تستغرقه محاكمة المتهم في قضية اغتصاب، منذ إطلاق سراحه بكفالة وتوجيه الاتهام إليه، ارتفع بنسبة 80% في السنوات الخمس الماضية ليصل إلى 555 يومًا في العام الماضي.
تأخير وقلق
حذّر سام تاونيند، رئيس مجلس نقابة المحامين، من أنه إذا كان لمجلس الوزراء أي فرصة لتقليص تراكم القضايا في المحاكم وتحقيق العدالة السريعة، فيجب عليهم السماح للمحاكم بالعمل بكامل طاقتها من خلال إزالة الحد الأقصى لأيام جلسات القضاة، وهو ما يتسبب في تأخير وقلق في المحاكم في جميع أنحاء البلاد.
وأضاف: "من المثير للقلق، وإن لم يكن مفاجئًا للأسف، أن يتم الآن إدراج المحاكمات بشكل روتيني لعام 2027"، مُحذرًا من أن "تأخير العدالة غالبًا ما يعني إنكار العدالة". حيث لا يستطيع الضحايا والمتهمون والشهود مواصلة حياتهم حتى تتم المحاكمة.
ونقلت "الإندبندنت" عن المحامي الجنائي جيمس أوليفيرا-أجنو أن هذا "وضع مُقلق للغاية، يجعل الشهود والمتهمين مضطرين إلى تذكر أحداث وقعت في الماضي البعيد"، مُحذرًا أيضًا من أن خفض أيام جلسات القضاة "لن يؤدي إلّا إلى تواريخ أطول وأطول للمحاكمات".
كما أعرب عن قلقه من "تأجيل قضايا الكفالة إلى وقت بعيد؛ بسبب الأزمة في السجون"، وأضاف: "قد يتساءل البعض عمّا إذا كان هذا قرارًا سياسيًا أعلى لمحاولة تخفيف أزمة السجون".
وقال مُتحدث باسم وزارة العدل: "إن نظام العدالة الجنائية في أزمة. ويتضح ذلك من خلال تراكم القضايا الكبيرة في محكمة الجنايات؛ مما له تأثير مُدمر على انتظار العدالة".
وأضاف: "وفي حين أن عملية الإدراج تظل مسألة تخص القضاء المستقل، فإننا ملتزمون بتقليص عدد القضايا العالقة وتقليص أوقات الانتظار للضحايا".