تعد حرب السادس من أكتوبر عام 1973 رابع مواجهة عسكرية بين الدول العربية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وجاءت بعد فترة طويلة من التخطيط بين البلاد العربية، وبتنسيق بين مصر وسوريا.
ويطلق على حرب أكتوبر عدة أسماء منها: العبور وحرب العاشر من رمضان في مصر، أو حرب تشرين التحريرية كما تعرف في سوريا أو حرب يوم الغفران (بالعبرية: ميلخمت يوم كيبور) كما تعرف في إسرائيل.
بعد الهزيمة العسكريّة التي أصابت الدّول العربيّة وعلى رأسها مصر وسوريا في نكسة يونيو 1967 حاولت هذه الدول استرداد المناطق التي احتُلّت منها، إذ احتلت إسرائيل شبه جزيرة سيناء من مصر، وهضبة الجولان الاستراتيجيّة التابعة لسوريا، وشعرت القوات الإسرائيليّة بنشوة النّصر في هذه المعركة، وظنّت بأنّ جيشها هو الجيش الذي لا يقهر ولا يغلب، وساهم الدّعم الأمريكي لإسرائيل في انتصارها في هذه المعركة.
ردّ الاعتبار لهيبة الجيوش العربيّة
بعد انتهاء هذه المعركة ظلّت القوات العربيّة تفكّر في استرداد المناطق التي احتلتها إسرائيل، وردّ الاعتبار لهيبة الجيوش العربيّة التي انكسرت هيبتها في هذه الحرب، وبدأت التّحضيرات العسكريّة لهذه الحرب مبكرًا، وتمّ التّخطيط لها تخطيطًا محكمًا، واتّفقت القوات المصريّة والسّوريّة على مباغتة القوات الإسرائيليّة في منطقتين استراتيجيتين هما: خط بارليف الذي بنته إسرائيل في الضّفة الشّرقيّة لقناة السّويس، وخط آلون في هضبة الجولان.
كما استخدم الجيش المصري عنصر المفاجأة في هذه الحرب، حيث هاجم إسرائيل في يوم عيد الغفران الذي يعد من الأيام التي يتم فيها تعطيل كل الخدمات في الدولة كالخدمات الجماهيرية، وخدمات الإعلام، فتلقت الحكومة الإسرائيلية الخبر في الخامس من أكتوبر، ما دعا رئيسة الوزراء الإسرائيلية آنذاك جولدا مائير إلى عقد اجتماع طارئ لحل هذه الأزمة.
يوم 6 أكتوبر 1973
بدأت الحرب فى الساعة الثانية من بعد ظهر يوم 6 أكتوبر 1973، حين كانت إسرائيل لا تزال تبدو أمام العالم قلعة عسكرية منيعة لا يمكن اقتحامها، ولكن هذه الأوهام الإسرائيلية لم تلبثْ أن تبددت منذ الساعات الأولى من القتال، إذ نجحت القوات المصرية في اقتحام قناة السويس واجتياح حصون خط بارليف، وعلى الجبهة السورية نجحت القوات السورية في عبور الخندق الصناعي الذي أقامته إسرائيل، واندفعت كالسيل الجارف تشق طريقها فى مرتفعات الجولان .
وهكذا انهارت نظرية الأمن الإسرائيلي بكل أسسها ومقوماتها، وتقوضت سمعة الجيش الإسرائيلي الذي ذاعت شهرته في الآفاق بأنه الجيش الذي لا يقهر، وأصيب الشعب الإسرائيلي بصدمة عنيفة وصفها بعض المحللين العسكريين بالعبارة الشهيرة "زلزال في إسرائيل".
أبرز نتائج الحرب
ومن أبرز نتائج الحرب: نجاح القوات المصرية في عبور قناة السويس وتحطيم أكذوبة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر.
لقد كانت حرب أكتوبر حدثا فريدا بلا شك، بل نقطة تحول في مسار الصراع العربي الإسرائيلي، وكان من أبرز سمات حرب أكتوبر هو ظهور كفاءة المقاتل العربي، ومدى ارتفاع مستوى نوعيته وقدرته على استيعاب واستخدام الأسلحة الحديثة والمعقدة، بما فيها الأسلحة الإليكترونية.
أثبتت حرب أكتوبر أنّ الحرب باهظة التكاليف فادحة الخسائر، وأنّ من المستحيل على أي دولة صغيرة أن تستمر في القتال لمدة طويلة دون أن تتلقى الإمدادات من دولة عظمى تساندها ساعدت كل من الإمدادات الأمريكية التي زوّدت بها الولايات المتحدة إسرائيل عن طريق الجسرين البحري والجوي، والإمدادات السوفييتية التي أمد بها الاتحاد السوفيتي سوريا ومصر عن طريق الجسرين البحري والجوي، على إمكانية استمرار الطرفين هذه الحرب طوال المدة التي استغرقتها.
حظر البترول
كما شهدت حرب 1973 بروز استراتيجية عربية أكثر اتحادًا في الحظر البترولي الذي أعلنته الدول العربية المنتجة للبترول (أوابك) وساعد ذلك الحظر على إعادة تحديد الدور السياسي العالمي للدول العربية.
كان لحرب أكتوبر تداعيات سياسية، فلولا الحرب ما استطاع السادات أن يبدأ مسير التسوية السلمية، فقد كانت الحرب بمثابة تحريك للمياه الراكدة، وفتحت المجال لعقد صلح بين مصر وإسرائيل، فلا شك في أن تطورات الحرب هي التي اقتضت من كلا الطرفين الاقتناع بأن السلام العادل هو السبيل الوحيد لإتاحة الفرصة للتنمية والتقدم والاستقرار في المنطقة، وكان السادات قد أعلن أن حرب أكتوبر هي آخر الحروب.