الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بالرجال والمال وسلاح البترول.. نصر أكتوبر "معركة العرب"

  • مشاركة :
post-title
القوات المصرية بعد العبور في حرب أكتوبر

القاهرة الإخبارية - محمود عبد الغني

يوافق اليوم الأحد الذكرى الـ51 لحرب أكتوبر المجيدة، التي سطّر فيها الجيش المصري تاريخًا جديدًا للمعارك، وأعطى درسًا نموذجيًا يُحتذى به في فنون الحرب، وخرج منتصرًا أمام انكسار وهزيمة إسرائيلية ثقيلة.

ولم تكن المعركة معركة مصر وحدها، أو سوريا وحدها، بل كانت معركة العرب أجمعين، فمنهم من قدم الرجال والسلاح على اتساع جبهات القتال في سيناء والجولان، ومنهم من قدم المال، ومنهم من أشهر سلاح البترول في وجه من يدعم الأعداء، فكانت قومية المعركة.

العراق

كانت مشاركة العراق في الحرب مفاجأة لكلٍ من مصر وسوريا، بسبب ما كان يعانيه من تهديد إيراني لحدوده الشرقية وأزماته الداخلية مع الأكراد، ما يجعل من الصعب تحريك قواته، وما إن اتخذ العراق قراره بالمشاركة في الحرب، حتى اتصل الرئيس أحمد حسن البكر، بالرئيسين المصري والسوري أنور السادات وحافظ الأسد هاتفيًا وأعلمهما بأن القوات الجوية العراقية مستعدة لخوض الحرب، وذلك مع وجود طائرات عراقية من طراز "هوكو هنتر" في مصر منذ السادس من أبريل 1973.

وتضمنت القوات البرية والجوية العراقية التي تم حشدها، فيلقًا مدرعًا، وفرقة مشاة آلية، ولواء قوات خاصة، وخمسة أسراب جوية مقاتلة/قاصفة، وأسرابًا من طائرات النقل الجوي وطائرات الهليكوبتر، وزاد مجموع هذه القوات على 60 ألف مقاتل و700 دبابة ومئات العربات المدرعة وآلاف سيارات النقل و12 كتيبة مدفعية.

وكانت إحدى مميزات وجود الطائرات العراقية في مصر، أنها شاركت في الضربة الأولى، إذ حلّقت 24 طائرة بجانب 200 طائرة مصرية في الساعة الثانية من ظهر السادس من أكتوبر إلى مواقع العدو في شرق قناة السويس، وبلغت خسائر العراقيين في نهاية الحرب 8 طائرات من طراز هوكر هنتر، واستشهاد 3 طيارين وأسر 3 آخرين.

القوات العراقية المشاركة في حرب أكتوبر
الجزائر

كان دور الجزائر في حرب أكتوبر أساسيًا، وعاش الرئيس الجزائري هواري بومدين –ومعه كل الشعب الجزائري- تلك الحرب بكل جوارحه، بل وكأنه يخوضها فعلًا في الميدان إلى جانب الجندي المصري، وعندما رفض الاتحاد السوفييتي تزويد مصر بالدبابات، طار "بو مدين" إلى موسكو، وبذل كل ما في وسعه، بما في ذلك فتح حساب بنكي بالدولار، لإقناع السوفييت بالتعجيل بإرسال السلاح إلى الجيشين المصري والسوري،

وهدد "بومدين"، القيادة السوفييتية قائلًا: "إن رفضتم بيعنا السلاح فسأعود إلى بلدي وسأوجه خطابًا للرأي العام العربي أقول فيه إن السوفييت يرفضون الوقوف إلى جانب الحق العربي، وإنهم رفضوا بيعنا السلاح في وقت تخوض فيه الجيوش العربية حربها المصيرية ضد العدوان الإسرائيلي المدعم من طرف الإمبريالية الأمريكية".

ولم يغادر بومدين موسكو حتى تأكد من أن الشحنات الأولى من الدبابات توجهت فعلًا إلى مصر.

وكانت الجزائر أول دولة عربية تعلن حظر تصدير البترول للدول التي تساند إسرائيل، وعندما اندلعت الحرب، اتصل "بومدين"، بالرئيس الراحل أنور السادات مع بداية حرب أكتوبر، وقال له إنه يضع كل إمكانيات الجزائر تحت تصرف القيادة المصرية، وطلب منه أن يخبره فوراً باحتياجات مصر من الرجال والسلاح.

وقدمت الجزائر ثاني أكبر دعم عسكري خلال حرب أكتوبر بعد العراق، إذ أرسل بومدين 96 دبابة و32 آلية مجنزرة و12 مدفع ميدان و16 مدفع مضاد للطيران وما يزيد على 50 طائرة حديثة من طراز ميج 21 وميج 17 وسوخوي 7.

طيارون جزائريون علي الجبهة المصرية خلال حرب أكتوبر 1973
ليبيا

قدمت ليبيا مليار دولار مساعدات لشراء أسلحة خلال الحرب، وتبرعت أيضًا بمبلغ 40 مليون دولار و4 ملايين طن من البترول، وأرسلت إلى الجبهة المصرية سرب ميراج 5 ليبي تمركز في جناكليس منذ منتصف الحرب، لكن حالة طياريه الفنية المنخفضة منعت من اشتراكه في أية أعمال خوفًا على أرواح الطيارين الليبيين، بالإضافة إلى السرب 69 ميراج-5 المصري، والذي قاده طيارين مصريين، وكان قد تم تمويله بأموال ليبية.

الأردن

لم تعلن المملكة الأردنية الهاشمية الحرب على إسرائيل لكن وضعت الجيش درجة الاستعداد القصوى، بدءًا من الساعة 15:00 من يوم 6 أكتوبر عام 1973 وصدرت الأوامر لجميع الوحدات والتشكيلات بأخذ مواقعها حسب خطة الدفاع المقررة.

وكان على القوات الأردنية أن تؤمن الحماية ضد أي اختراق للقوات الإسرائيلية للجبهة الأردنية، ونظرًا لتدهور الموقف على الجبهة السورية أرسل الملك حسين إلي الواجهة السورية اللواء المدرع 40 الأردني فاكتمل وصوله يوم 14 أكتوبر عام 1973 وخاض أول معاركه يوم 16 أكتوبر، حيث وُضِع تحت إمرة الفرقة المدرعة الثالثة العراقية، وعمل إلى جانب الألوية العراقية.

وأجبر اللواء المدرع 40 الأردني القوات الإسرائيلية على التراجع 10 كيلومترات، وأدت هذه الإجراءات إلى مشاغلة القوات الإسرائيلية، إذ إن الجبهة الأردنية تعد من أخطر الجبهات وأقربها إلى العمق الإسرائيلي، وهو الأمر الذي دفع إسرائيل إلى الإبقاء على جانب من قواتها تحسبًا لتطور الموقف على الواجهة الأردنية.

المغرب

أرسلت المملكة المغربية لواء مشاة إلى الجبهة السورية، سُمِيّت بـ"التجريدة المغربية"، وتم وضع اللواء المغربي في الجولان، كما أرسل المغرب قوات إضافية للقتال رفقة الجيش العربي السوري مدعومة بـ52 طائرة حربية، 40 منها من طراز f5، بالإضافة إلى 30 دبابة.

السعودية

لم تكتفِ السعودية بقرار حظر صادرات البترول، مع باقي الدول العربية النفطية بعد لقاء السادات بالملك فيصل بن عبد العزيز بالسعودية في أغسطس 1973، إذ تبرعت أيضًا بمبلغ بلغ 200 مليون دولار، كما دشّنت جسرًا جويًا لإرسال 20 ألف جندي إلى الجبهة السورية.

وتألفت القوات السعودية من لواء الملك عبد العزيز الميكانيكي المكون من 3 أفواج، وهي: فوج مدرعات بانهارد (مدرعة بانهارد + 18 ناقلة جنود مدرعة + 50 عربة شئون إدارية)، وفوج مدفعية ميدان عيار 105 ملم، وفوج المظلات الرابع، بالإضافة إلى بطارية مدفعية مضادة للطائرات عيار 40 ملليمترًا ، سريّة مدفعية هاون، وقاتلت هذه القوات بجانب القوات السورية في معركة تل مرعي يومي 20 و21 أكتوبر 1973 وصمدوا لأطول فترة ممكنة رغم القصف والهجوم الإسرائيلي العنيف والمكثف على التل.

السودان

كان السودان من أوائل الدول التي أعلنت دعمها الكامل لمصر إذ نظم مؤتمر الخرطوم والذي تم الإعلان من خلاله عن ثلاثية "لا" وهي (لا صلح، لا اعتراف، لا تفاوض) وأرسلت دولة السودان فرقة مشاه على الجبهة المصرية ،كما لم تتردد في نقل الكليات العسكرية المصرية إلي أراضيها.

الكويت

بعد اندلاع الحرب، اقترح وزير الدفاع الشيخ سعد العبد الله الصباح إرسال قوة كويتية إلى سوريا فتشكلت قوة "الجهراء المجحفة" في 15 أكتوبر 1973، بلغ عدد أفراد القوة أكثر من 3000 فرد، وتألفت من كتيبة دبابات، وكتيبة مشاة، وسريتي مدفعية، وسرية مغاوير، وسرية دفاع جوي، وباقي التشكيلات الإدارية.

كُلفت القوة بحماية دمشق واحتلت مواقعها بالقرب من منطقة السيدة زينب السورية، ثم أُلحِقت بعدها بالفرقة الثالثة في القطاع الشمالي في هضبة الجولان، وظلت القوة في الأراضي السورية حتى 25 سبتمبر 1974، حين أُقيم لها حفل عسكري لتوديعها في دمشق.

وعلى الجبهة المصرية، قررت الكويت إرسال قوة حربية إلى مصر أسوة بما أرسلته إلى سوريا، وتقرّر إرسال 5 طائرات "هوكو هنتر" إلى مصر، إضافة إلى طائرتي نقل من طراز "سي – 130" تحملان الذخيرة وقطع الغيار، ووصلت الطائرات إلى مصر في مساء يوم 23 أكتوبر، وحطّت في قاعدة قويسنا.

عدد من ضباط وجنود الكويت المشاركين في حرب أكتوبر
الإمارات العربية المتحدة

الإمارات كغيرها من شقيقاتها العرب، عندما بدأت حرب أكتوبر، أكد رئيس الإمارات في ذلك الوقت الشيخ زايد آل نهيان، خلال مؤتمر صحفي له في لندن، وقوف بلاده إلى جانب مصر، قائلًا جملته الشهيرة (ليس المال أغلى من الدم العربي، وليس النفط أغلى من الدماء العربية التي اختلطت على أرض جبهة القتال في مصر وسوريا)، وقطَعَ النفط عن إسرائيل والدول التي تدعمها كعامل ضغط قوي على الدول الأجنبية.

الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات ورئيس الإمارات الشيخ زايد آل نهيان
البحرين

مع اندلاع الحرب، شهدت شوارع البحرين اجتماعات ولقاءات شعبية للتبرع بالأموال والإعانات العينية والتبرع بالدم لمساندة الجيش المصري كما أعلنت حكومة البحرين، أنه "بالنظر للموقف الذي تقفه الولايات المتحدة الأمريكية من الأمة العربية، وهي في غمرة نضالها العادل والمشروع ضد العدو الصهيوني انسجامًا مع كل ما يتطلبه الواجب القومي حيال الأمة، فقد قررنا وقف تصدير البترول للولايات المتحدة الأمريكية"، ثم لحقته بقرار ثانٍ بإنهاء جميع الاتفاقيات الموقعة بينها وبين أمريكا الخاصة بمنح تسهيلات للبواخر الأمريكية في ميناء البحرين.

تونس

أرسلت تونس إلى مصر كتيبة مشاة قبل الحرب كما أعطتها 5 طائرات "هوكر هنتر".

اليمن

خلال حرب أكتوبر، كانت السواحل اليمنية تشهد أول عملية إغلاق بحري أمام السفن الإسرائيلية وتلك الداعمة لها في باب المندب، ليتعرض كيان الاحتلال لأول حصار بحري في تاريخه، الأمر الذي دفع رئيسة الوزراء الإسرائيلية، حينها، جولدا مائير للقيام بجولة "استغاثة" مكوكية إلى الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، والتي لبّتها الأخيرة بتهديد اليمن ومصر بأنها "ستحرّك أسطولها الرابع -الأسطول البحري العسكري- لرفع الحظر والحصار عن تل أبيب"، دون أن يتم الإعلان عن ذلك، وبعملية استخباراتية مصرية-يمنية مشتركة، توجهت المدمرات المصرية "سكورى" من ميناء بور سعيد إلى المحيط الهندي بذريعة حاجتها لإعادة ترميم وضرورة التوجه إلى باكستان لإجراء الإصلاحات اللازمة.

إلا أن هذا السرب توقف في ميناء عدن بناء على تنسيق مسبق مع رئيس اليمن الجنوبي سالم ربيع، الذي أكد وقتها أنه سيقدم كل ما يلزم لتستطيع هذه المدمرات البقاء أكثر من 7 أشهر في حالة جهوزية تامة لتنفيذ عملية الإغلاق التام لباب المندب، ومنع الإمدادات النفطية إلى كيان الاحتلال، إضافة إلى منع السفن التجارية من وإلى إفريقيا وأوروبا من الوصول إلى ميناء إيلات.

وبغطاء استخباراتي ضخم، تمت العملية بنجاح، أكثر من نصف مليون كيلومتر ما بين البحر الأحمر والبحر الأبيض كانت ضمن الغطاء العملياتي في تلك الفترة، حيث تم اعتراض وتفتيش أكثر من 200 سفينة من بينها سفن حربية أمريكية (Charles Adams) ما بين جزيرتي "بريم" و "جبل الطير".

فلسطين

نصبت قوات المقاومة الفلسطينية الكمائن وزرعت الألغام وتنفيذ الغارات على تجمعات العدو الإسرائيل، ما أشغل العدو عن المخابرات المصرية.