وسط غضبٍ عارمٍ بسبب قراره بتسليمها إلى موريشيوس، سوف يضطر رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إلى إجراء تصويت بشأن "جزر تشاجوس"؛ بعد أن أعلنت حكومته، الخميس، أن أرخبيل المحيط الهندي -المهم استراتيجيًا بالنسبة للمملكة المتحدة- سيتم تسليمه بعد أن ظل في أيدي البريطانيين منذ عام 1814.
وتعرض رئيس الوزراء لانتقادات شديدة بسبب هذه الخطوة، التي تم الإعلان عنها خلال العطلة البرلمانية، ودون أن يحصل على رأي النواب في مجلس العموم. بينما تتطلب عملية التسليم صدور قانون من البرلمان، حسب صحيفة "التليجراف".
ونقلت الصحيفة عن روبرت جينريك، المرشح الأوفر حظًا لمنصب زعيم حزب المحافظين المقبل، أن حزب المحافظين يجب أن يظهر "معارضته الشديدة لمبدأ الاتفاق".
وكتب جينريك في الصحيفة: "إن قرار حزب العمال يضع أيديولوجيته فوق المصالح الوطنية لبريطانيا. إنه عمل من أعمال الإيذاء الذاتي الوطني غير العادي. وقد مرروا خيانتهم في وقت لم يكن فيه البرلمان منعقدًا، لتجنب التدقيق."
وقال مارك فرانسوا، وزير القوات المسلحة السابق، لـ "التليجراف": "من المروع كيف أعلن حزب العمال، عمدًا، استسلامه المطلق بشأن جزر تشاجوس أثناء العطلة البرلمانية".
وأضاف: "هذا الأمر أكثر إلحاحًا، قبل أن تصعد الأرجنتين من خطابها بشأن جزر فوكلاند، أو إسبانيا بشأن جبل طارق. نحن الآن بحاجة إلى دحض هذه الادعاءات بشكل قاطع في قاعة مجلس العموم، في وقت مبكر من الأسبوع المقبل".
غير قابلة للتفاوض
أمس السبت، اضطر ستيفن دوجتي، وزير الدولة لشؤون أوروبا وأمريكا الشمالية والأقاليم الخارجية، إلى الحديث بشأن أراضي ما وراء البحار، بعدما لم يستبعد رئيس الوزراء، الجمعة، التوقيع على إعادتها.
وكتب دوجتي على موقع التواصل الاجتماعي "إكس" إن السيادة البريطانية على جزر فوكلاند أو جبل طارق "أو أي من أقاليمنا الخارجية الأخرى" ليست قابلة للتفاوض، حسب تعبيره؛ لافتًا إلى أن "جزر تشاجوس هي قضية مختلفة تمامًا، ولها تاريخ مختلف تمامًا".
وزعم حزب العمال أن الاتفاق من شأنه أن يحمي الأمن العالمي، من خلال إنهاء نزاع طويل الأمد، والذي أعقب حكمًا أصدرته محكمة العدل الدولية لصالح موريشيوس في عام 2018.
وقال روبرت باك لاند، الذي مثّل المملكة المتحدة بصفته المحامي العام في قضية محكمة العدل الدولية، إن نهج الحكومة "كان مخادعًا"؛ مشيرًا لصحيفة "التليجراف" أن القرار "يتعارض مع الأدلة".
وأضاف أن "الأدلة التي قدمتها ورأيتها لم تقترب حتى من وجود مطالبة من جانب موريشيوس".
حاملة طائرات ثابتة
حسب التقرير، أعرب توم توجندهات، وزير الأمن السابق والمرشح لزعامة حزب المحافظين، عن مخاوفه بشأن الآثار المترتبة على الأمن الغربي الأوسع نطاقًا في حالة التنازل عن جزر تشاجوس، والتي تضم قاعدة "دييجو جارسيا" الجوية، والتي تم إرسال طائرات منها إلى أفغانستان والعراق، وتم استخدامها في العمليات البريطانية والأمريكية في المنطقة.
وفي مقال كتبه لصحيفة "التليجراف"، قال: "قاعدة دييجو جارسيا الجوية في الجزر ليست مهمة استراتيجيًا فحسب، بل إنها تقع في وسط المحيط الهندي، وتعمل كحاملة طائرات ثابتة، مما يمنحنا وصولًا استراتيجيًا فوق أفغانستان وشرق إيران وتهيمن على الممرات البحرية وتقع في قلب منطقة الحفاظ البحري".
وأكد: "هذا يجعل من هذه الجزر جائزة استراتيجية كبيرة لأي قوة عالمية. وبدون السيطرة على الجزر النائية، تصبح سيطرتنا على ما يحدث في الجوار أقل".
كما أعرب نايجل فاراج، زعيم حزب الإصلاح في المملكة المتحدة، عن غضبه إزاء القرار، حيث يخطط الحزب لطرح سؤال عاجل في مجلس العموم يوم الاثنين.
وكتب فاراج إلى وزير الخارجية ديفيد لامي، السبت، للمطالبة بـ "إجراء التصويت في أقرب فرصة"، قائلًا إن "الطريقة التي تم بها اتخاذ القرار تعني أن أعضاء البرلمان، من جميع الأحزاب، يظلون في الظلام بشأن العديد من جوانب هذا القرار".
وقال ريتشارد تيس، نائب زعيم الحزب: "أريد من نواب حزب العمال أن ينظروا إلى ضمائرهم، ويقولوا ما إذا كانوا يوافقون أم لا على التنازل عن الأراضي البريطانية التي كانت لدينا خلال المائتي عام الماضية، والتي تشكل مصلحة وطنية استراتيجية لأمة تعتمد بشكل أساسي على الصين".
وأضاف: "يجب على نواب حزب العمال أن يسألوا أنفسهم هذا السؤال. أعتقد أن هذا الأمر خطير للغاية، بصراحة، ويقترب من الخيانة".
كما أعرب عن مخاوفه بشأن حجم أموال دافعي الضرائب التي سيتم تسليمها إلى موريشيوس كجزء من الصفقة وإيجار قاعدة "دييجو جارسيا"؛ وأضاف أن "السرية في هذا الأمر غير عادية".