يواجه كير ستارمر، رئيس الوزراء البريطاني، معضلة سياسية حادة حول قضية الهجرة، مع اقتراب موعد محادثاته الثنائية في روما، فبينما يسعى لاستكشاف الحلول الإيطالية لخفض أعداد المهاجرين، يتعرض لضغوط متزايدة من داخل حزبه ومن منظمات حقوقية للابتعاد عن السياسات المتشددة.
زيارة روما
في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، يستعد ستارمر للتوجه إلى العاصمة الإيطالية روما، اليوم الاثنين، ووفقًا لصحيفة "الجارديان"، فإن الهدف الرئيسي من هذه الزيارة هو دراسة كيفية نجاح حكومة جورجيا ميلوني في خفض عدد المهاجرين الواصلين عبر البحر المتوسط بشكل كبير.
وتشير الأرقام التي أوردتها الصحيفة إلى انخفاض ملحوظ في أعداد المهاجرين، إذ تراجع العدد من 118.000 إلى 44.500، خلال العام الماضي، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة تقارب الثلثين.
لكن هذه الزيارة لم تمر دون انتقادات، إذ أثارت فكرة التعلم من نهج الحكومة الإيطالية اليمينية المتطرفة مخاوف عديدة داخل حزب العمال البريطاني والمنظمات الحقوقية.
ونقلت "الجارديان" عن كيم جونسون، النائبة عن حزب العمال، العضو السابق في لجنة الشؤون الداخلية، وصفها لأجندة الاجتماع الثنائي بأنها "مقلقة".
وأضافت جونسون: "من المزعج أن يسعى ستارمر للتعلم من حكومة نيو-فاشية، خاصة بعد أعمال الشغب المناهضة للاجئين والإرهاب العنصري اليميني المتطرف التي اجتاحت بريطانيا هذا الصيف".
الاستراتيجية الإيطالية
وكشفت "الجارديان" عن تفاصيل الاستراتيجية الإيطالية في التعامل مع قضية الهجرة، إذ ركزت حكومة ميلوني على إبرام اتفاقيات مالية مع بعض الدول المصدرة للهجرة غير النظامية، بهدف تحسين أمن حدودها ومنع انطلاق قوارب المهاجرين عبر البحر المتوسط.
هذا النهج، أسهم بشكل كبير في خفض أعداد المهاجرين إلى السواحل الإيطالية، وفقًا للصحيفة.
لكن الخطة الإيطالية لا تتوقف عند هذا الحد، إذ تشير "الجارديان" إلى أن إيطاليا تخطط لافتتاح مركز احتجاز في ألبانيا، هذا الخريف، لاستقبال طالبي اللجوء الذين يتم إنقاذهم في البحر بواسطة السفن الإيطالية، إذ سيتم احتجازهم هناك في أثناء معالجة طلبات لجوئهم، ما يثير تساؤلات حول مدى توافقها مع القوانين الدولية لحقوق الإنسان وحماية اللاجئين.
موقف الحكومة البريطانية
يبدو أن الموقف البريطاني من هذه القضية يشوبه بعض الارتباك، إذ نقلت الجارديان عن ديفيد لامي، وزير الخارجية البريطاني، في تصريحات لبرنامج تلفزيوني على "بي بي سي"، إن ستارمر سيناقش مع ميلوني جهودها في معالجة الهجرة غير النظامية "والعمل الذي قاموا به، خاصة مع ألبانيا".
وأضاف لامي: "لديهم خطة شاملة مع ألبانيا تدرك أن طريق ألبانيا، إلى جانب القناة والبحر المتوسط الجنوبي، هي طرق يستخدمها المهاجرون. لذلك، بالطبع، لأنها قللت الأعداد، نحن مهتمون بمناقشة الخطط التي طورتها إيطاليا، ليس فقط مع ألبانيا".
لكن هذه التصريحات سرعان ما قوبلت بتوضيح من داخل الحكومة البريطانية، إذ نقلت الجارديان عن مصدر في وزارة الداخلية، إن ادعاء لامي بأن الحكومة البريطانية ترسل أشخاصًا إلى دولة ثالثة مثل ألبانيا ليس سياسة حكومية.
وأضاف المصدر: "إنه ليس شيئًا نعمل عليه"، هذا التضارب في التصريحات يعكس حالة من عدم الوضوح في الموقف الرسمي البريطاني تجاه هذه القضية الحساسة.
دعوات للتركيز على حقوق الإنسان
في ظل هذه التطورات، ارتفعت أصوات المنظمات الحقوقية، مُحذرة من تبني سياسات قد تنتهك حقوق الإنسان، إذ نقلت الجارديان عن جون فيتونبي، كبير المحللين في مجلس اللاجئين: "مثل هذه الصفقات باهظة الثمن للغاية، وأدت إلى احتجاز رجال ونساء وأطفال في بلدان يواجهون فيها خطر التعذيب والقتل والاغتصاب والسجن"، داعيًا الحكومة البريطانية إلى التفكير مليًا قبل السعي للتنصل من مسؤولياتها بموجب القانون الدولي في منح الأشخاص جلسة استماع عادلة على الأراضي البريطانية، من خلال محاكاة هذه المخططات.