بينما تشير تقارير الاستخبارات الأمريكية إلى أن إيران أرسلت أكثر من 200 صاروخ باليستي من طراز "فتح 360" إلى موسكو، فإن آمال أوكرانيا تبددت في إقناع الرئيس الأمريكي جو بايدن بالسماح لها بإطلاق صواريخ طويلة المدى على الأراضي الروسية.
وعندما التقى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بالرئيس الأمريكي في واشنطن، الجمعة الماضي، أرجأ الزعيمان قرارًا "كان متوقعًا" بالسماح لأوكرانيا بإطلاق الصواريخ الغربية بعيدة المدى على روسيا، فيما بدا وكأنهما يتراجعان بسبب التهديدات الأخيرة التي أطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بشن حرب مباشرة مع حلف شمال الأطلسي، كما أشارت صحيفة "كييف بوست" الأوكرانية.
وقال "ستارمر" للصحفيين في البيت الأبيض إنه أجرى "مناقشة واسعة النطاق حول الاستراتيجية" مع بايدن، لكن "الاجتماع لم يكن حول قدرة معينة"، بينما قال بايدن عندما سئل عن تعليقات الرئيس الروسي "لا أفكر كثيرًا في فلاديمير بوتين".
حتى الآن، تظل بريطانيا في توافق تام مع الولايات المتحدة بشأن استخدام الصواريخ طويلة المدى داخل روسيا، ورغم قيام المملكة المتحدة وفرنسا بتزويد أوكرانيا بمئات من صواريخ كروز طويلة المدى من طراز "ستورم شادو" و"سكالب"، لكن حتى الآن لم يُسمح لكييف باستخدامها إلا داخل الأراضي الأوكرانية.
وتستخدم الصواريخ بالتزامن مع بعض الأنظمة العسكرية الأمريكية، وهو ما يعني أن واشنطن هي صاحبة القرار بشأن كيفية ومكان استخدام هذه الصواريخ، حسب موقع Forces News.
وإذا تم رفع القيود المفروضة على الصواريخ بعيدة المدى، فقد يشكّل ذلك مشكلة كبيرة للدفاعات الجوية الروسية، ويسمح لأوكرانيا باستخدام عدد صغير من طائراتها من طراز إف-16 لتحقيق تأثير أكثر تدميرًا.
1000 رطل
وفق Forces News، فإن السلاح الأمريكي الرئيسي الذي يدور الحديث حوله هو صاروخ AGM-158 JASSM، وهو صاروخ كروز جو-أرض مشترك، يتم إطلاقه جوًا، ومصمم ليكون خفيًا، ويقترب من الأرض لتجنب الدفاعات الجوية.
يحتوي الصاروخ على رأس حربي يزن 1000 رطل، ويجد هدفه باستخدام نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، وباحث التصوير بالأشعة تحت الحمراء، ويستهدف الهدف من مسافة بعيدة، ما يعني أنه أقل عُرضة للتشويش الإلكتروني.
وهناك نسختان من الصاروخ، نموذج أقدم بمدى يصل إلى نحو 230 ميلًا، وصاروخ ذو مدى أطول يمكنه ضرب أهداف على بُعد أكثر من 500 ميل، ويعتقد أن الأمريكيين يفكرون في تقديم النسخة ذات المدى الأقصر لأن لديهم مخزونًا أكبر منها، وفق التقرير.
وتشير التقارير إلى أن الجيش الأمريكي يسعى إلى شراء ما يصل إلى 12 ألف صاروخ باليستي من طراز JASSM.
وإذا سمحت الحكومة الأمريكية لأوكرانيا باستخدام هذا الصاروخ، فإن ما لا يقل عن 30 قاعدة جوية روسية ستكون في مرمى الهجوم، بحسب Forces News.
ويشير الموقع العسكري إلى أن "إطلاق هذه الصواريخ من نقاط قريبة من الحدود الشمالية لأوكرانيا مع روسيا قد يسمح لها بضرب منشآت عسكرية بعيدة، مثل مدينتي "فورونيج" و"بريانسك" الروسيتين.
وفي الجنوب، قد يؤدي إطلاقها بالقرب من خطوط المواجهة إلى تمكين توجيه ضربات إلى المطارات أو المنشآت البحرية في شبه جزيرة القرم، وقد يضطر موسكو -أيضًا- إلى نقل مناطق تجمعها ومستودعات إمداداتها إلى مسافة مئات الأميال داخل الأراضي الروسية.
ويمكن إطلاق الصواريخ من أسطول كييف الصغير من طائرات "إف-16"، على الرغم من أن القوات الجوية الأوكرانية أثبتت أيضًا قدرتها على تكييف طائرات "ميج" و"سوخوي" من الحقبة السوفيتية لإطلاق أسلحة غربية.
تردد بايدن
يبدو القرار الأمريكي البريطاني المشترك سبّب إحراجًا لجهود الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي يسعى بكل طاقته لتوسيع نطاق المواجهات داخل روسيا، بعد أن سلّمت كييف واشنطن ولندن قائمة بالأهداف المحتمل ضربها في روسيا حال السماح لها باستخدام الصواريخ بعيدة المدى.
وبدا الغضب الأوكراني واضحًا في تقرير "كييف بوست"، الذي أشار إلى أنه "في حين قال بايدن إنه من الواضح أن بوتين لن ينتصر في هذه الحرب، فإن أفعاله منذ بدء الحرب الشاملة في فبراير 2024 كانت حذرة ومحبطة من وجهة نظر كييف".
يضيف التقرير: "لقد تردد الرئيس الأمريكي في كل نقطة قرار رئيسية، بدءا من شحن مدفعية "هيمارس"، ثم خلال المناقشات حول ما إذا كان ينبغي إرسال دبابات "أبرامز إم1"، ومقاتلات "إف 16"، وصواريخ "أتاكمز"قصيرة وطويلة المدى".
وبينما قال مسؤولون أمريكيون، بمن فيهم وزير الدفاع لويد أوستن، إن الصواريخ لا "تغير قواعد اللعبة" ولن تُحدث سوى فرق محدود في حملة أوكرانيا، فقد أشاروا أيضًا إلى أن "مخزونات واشنطن من الذخائر معرضة لخطر النضوب"، بينما يرى الأوكرانيون أن "الفارق المحدود لا يزال أفضل من لا شيء".