تركت ألمانيا الباب مفتوحًا لنشر أسلحة أمريكية على أراضيها، متمثلة في صواريخ بعيدة المدى، وهو ما رأته وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، أمرًا صائبًا.
وترغب الولايات المتحدة في تركيب أسلحة بعيدة المدى بألمانيا مرة أخرى، لأول مرة منذ تسعينيات القرن الماضي، وقد تم الاتفاق على ذلك في قمة الناتو الأخيرة بواشنطن، بحسب "دويتش فيله".
فجوة في قدرات الجيش
برر المستشار أولاف شولتس، ذلك القرار، بأن هناك عددًا كبيرًا من الأسلحة الروسية التي تهدد الأراضي الأوروبية، وبعد نهاية الحرب الباردة، خفضت الولايات المتحدة بشكل كبير ترساناتها من الأسلحة بعيدة المدى في أوروبا، إلا أن وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، يرى فجوة خطيرة للغاية في قدرات الجيش منذ الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022.
"رادع موثوق
تدعم أنالينا بيربوك، وزيرة الخارجية، الاستثمارات في أمن حلف شمال الأطلسي وأوروبا وألمانيا، مثل نشر أسلحة أمريكية بعيدة المدى على الأراضي الألمانية.
وقالت "بيربوك": "صنع السياسة الخارجية اليوم يعني الاعتراف بأن مبدأ الأمل لن يحمينا من روسيا، وما يحمينا هو أن نستثمر في أمننا وقوتنا في الاتحاد الأوروبي، وهذا يشمل قرار نشر أنظمة أسلحة أمريكية واسعة النطاق".
وأكدت وزيرة الخارجية الألمانية، أن هناك حاجة إلى "رادع موثوق" ضد روسيا، بجانب حماية البولنديين ودول البلطيق والفنلنديين، الذين يحدون روسيا مباشرة.
وفي يوليو الماضي، تم الإعلان عن خطط ألمانيا والولايات المتحدة لنشر أسلحة أمريكية بعيدة المدى على الأراضي الألمانية للمرة الأولى منذ الحرب الباردة، بما في ذلك صواريخ توماهوك كروز، ومن المقرر أن يدخل الاتفاق حيز التنفيذ، عام 2026، قبل أن تهدد روسيا بالرد عسكريًا على النشر المخطط له.
استهداف موسكو
ويمكن استهداف العاصمة الروسية بصواريخ كروز الأمريكية من طراز "توماهوك"، التي يصل مداها 2500 كيلومتر، ويغطي الاتفاق الألماني الأمريكي أيضًا صواريخ SM-6 متعددة الأغراض والأسلحة الأسرع من الصوت المطورة حديثًا.
وترجع أسباب نشر صواريخ أمريكية على أراضيها إلى 3 عوامل رئيسية، من بينها قيام روسيا بنشر ما يُسمى بصواريخ "إسكندر" ذات القدرة النووية في جيب كالينينجراد، إضافة إلى تزويد الطائرات المقاتلة الروسية بصواريخ "كينجال" الأسرع من الصوت، بدءًا من عام 2022.
وأعلنت روسيا أنها ستنشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا، ومن أجل مواجهة هذه التهديدات، فإن الهدف ليس امتلاك أسلحة نووية إضافية، بل صواريخ كروز تقليدية.
وعن تحمل تكلفة نشر الصواريخ الأمريكية وصواريخ كروز في ألمانيا، قد تضطر برلين إلى دفع تكاليف البنية التحتية إذا كانت الصواريخ ستتمركز في ألمانيا على المدى الطويل.
انتقادات للمشروع
وحذر سياسيون من "دوامة إعادة التسلح"، إذ رأى السياسي اليساري ديتمار بارتش، نشر أنظمة الأسلحة الأمريكية يزيد من خطر المواجهة مع روسيا.
وأعرب ممثلو حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني، وحزب اليسار، عن قلقهم بشأن سباق التسلح الجديد، وقال تينو شروبالا، المتحدث الاتحادي لحزب البديل من أجل ألمانيا، إن "هذا الانتشار يجعل ألمانيا مستهدفة.. المستشار أولاف شولتس لا يتصرف لصالح ألمانيا".