الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

خطة طموحة أم فشل ذريع؟.. تداعيات الإفراج المبكر عن السجناء في المملكة المتحدة

  • مشاركة :
post-title
سجن واندسوورث في بريطانيا

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

كشف تقرير حصري لصحيفة "التليجراف" البريطانية عن أزمة جديدة تواجه نظام العدالة في المملكة المتحدة، فبعد أيام قليلة فقط من تنفيذ خطة الإفراج المُبكر عن السجناء لمواجهة اكتظاظ السجون، بدأ العديد من هؤلاء السجناء في العودة إلى الحبس، ما يثير القلق ويسلط الضوء على التحديات العميقة التي تواجه نظام السجون البريطاني وبرامج إعادة تأهيل المجرمين.

حل عاجل لأزمة مُزمنة

في خطوة غير مسبوقة، أطلقت الحكومة البريطانية خطة للإفراج المبكر عن آلاف السجناء، إذ إنه وفقًا لصحيفة التليجراف البريطانية، تم إطلاق سراح ما يقرب من 1,750 سجينًا يوم الثلاثاء الماضي، في محاولة لتخفيف الضغط على نظام السجون المكتظ بشدة في إنجلترا وويلز.

تقضي الخطة بإطلاق سراح السجناء بعد قضاء 40% فقط من مدة عقوبتهم، بدلًا من النصف المعتاد، ومن المقرر أن يتم الإفراج عن دفعة ثانية تضم حوالي 1,700 سجين آخر يوم الثلاثاء 22 أكتوبر.

يأتي هذا القرار الاستثنائي في ظل أزمة حادة تواجهها السجون البريطانية، إذ اقتربت المنشآت الإصلاحية في البلاد من نقطة الانهيار بسبب الاكتظاظ الشديد، مما دفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة.

صدمة العودة السريعة

في تطور صادم كشفت عنه الصحيفة البريطانية، عاد بعض السجناء الذين تم إطلاق سراحهم مبكرًا إلى السجن في غضون أيام قليلة فقط من حصولهم على حريتهم، وفي حالة مثيرة للدهشة، تمت إعادة أحد السجناء إلى الحبس بعد 36 ساعة فقط من إطلاق سراحه يوم الثلاثاء.

هذه العودة السريعة ترجع في معظمها إلى انتهاكات لشروط إطلاق السراح المشروط، والتي تشمل قيودًا صارمة على تحركات السجناء المفرج عنهم.

تتضمن هذه القيود تحديد الأماكن التي يمكنهم الذهاب إليها، وتقييد الأشخاص الذين يمكنهم مقابلتهم، وتحديد مكان إقامتهم، بالإضافة إلى إلزامهم بحضور اجتماعات دورية مع ضباط المراقبة.

في حالة السجين الأول الذي تمت إعادته، يُعتقد أنه فشل في الالتزام بالحضور إلى عنوان محدد مسبقًا، مما دفع ضباط المراقبة إلى تنبيه الشرطة التي تمكنت من العثور عليه وإعادته إلى الحجز بسرعة كبيرة.

توقعات قاتمة

في تصريحات مثيرة للقلق، أدلى مارتن جونز، كبير مفتشي المراقبة في بريطانيا، بتوقعات قاتمة حول مصير السجناء المفرج عنهم مبكرًا، إذ إنه أشار إلى أن هؤلاء السجناء "ملزمون تقريبًا" بالعودة إلى السجن "في غضون أيام أو أسابيع" من إطلاق سراحهم.

ويرجع هذا التشاؤم إلى عدة عوامل معقدة تواجه السجناء المفرج عنهم، أولًا، هناك صعوبة كبيرة في التكيف مع الحياة خارج السجن بعد فترة قصيرة من الحبس.

ثانيًا، يُعاني نظام السجون من نقص واضح في برامج إعادة التأهيل الفعالة، بالإضافة إلى ذلك، يواجه السجناء المفرج عنهم تحديات اجتماعية واقتصادية هائلة فور خروجهم إلى المجتمع.

وأخيرًا، هناك احتمالية كبيرة "لحدوث أمور خاطئة في المجتمع" قد تدفع السجناء إلى انتهاك شروط إطلاق سراحهم؛ مما يؤدي إلى عودتهم السريعة إلى خلف القضبان.

تحديات إعادة التأهيل

كشفت تقارير تشارلي تايلور، كبير مفتشي السجون في بريطانيا، عن مشكلة خطيرة تواجه نظام السجون وتؤثر بشكل مباشر على فرص نجاح برنامج الإفراج المبكر، إذ أدى الاكتظاظ الشديد في السجون إلى تقييد العمل التأهيلي بشكل كبير، مما يترك السجناء غير مستعدين للحياة خارج أسوار السجن.

هذا النقص في برامج التأهيل يشمل التدريب المهني، وفرص التعليم داخل السجون، وبرامج علاج الإدمان على المخدرات والكحول.

النتيجة المباشرة لهذا القصور، هي ضعف قدرة السجناء على الاندماج في المجتمع بعد إطلاق سراحهم، مما يزيد بشكل كبير من احتمالية عودتهم إلى الجريمة والسجن.

هذه الحلقة المفرغة من نقص التأهيل وارتفاع معدلات العودة إلى الإجرام تشكل تحديًا كبيرًا أمام نجاح برنامج الإفراج المبكر، وتحقيق أهدافه المرجوة في تخفيف الضغط عن نظام السجون المثقل.

إحصائيات مُقلقة

تكشف الأرقام الصادرة عن وزارة العدل البريطانية عن حجم الأزمة التي يواجهها نظام العدالة في البلاد، إذ بلغ عدد حالات استدعاء السجناء المفرج عنهم 7,415 حالة بين شهري يناير ومارس من هذا العام، وهو ما يمثل زيادة مقلقة بنسبة 9% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق.

ما يثير القلق بشكل أكبر هو أن هذا الرقم يعادل أكثر من نصف عدد السجناء الذين تم إطلاق سراحهم خلال نفس الفترة والبالغ 13,829 سجينًا.

على المستوى الوطني، تشير التقديرات إلى أن حوالي 12,000 سجين -أي ما يعادل 13% من إجمالي عدد نزلاء السجون- يتم استدعاؤهم إلى السجن في أي وقت. هذه الأرقام تسلط الضوء على حجم التحدي الهائل الذي يواجه نظام العدالة البريطاني وتثير تساؤلات جدية حول فعالية البرامج الحالية لإعادة تأهيل السجناء ودمجهم في المجتمع.