تتجه أنظار العالم نحو الولايات المتحدة الأمريكية، كل أربع سنوات، إذ تدور انتخابات رئاسية تحبس الأنفاس، هذا الحدث العالمي لا يتوقف فقط على عدد الأصوات التي يحصل عليها المرشحون، بل يعتمد على آلية مُعقدة تكشف الكثير عن النظام الانتخابي الأمريكي الفريد.
ورغم ما قد يبدو من تناقضات، فإن رحلة انتخاب رئيس أكبر ديمقراطية في العالم مليئة بالمفاجآت والتشويق، كيف يُنتخب الرئيس، وما الولايات المتأرجحة التي تُميز هذا السباق؟
النظام الانتخابي
على عكس العديد من دول العالم، لا يتم انتخاب رئيس الولايات المتحدة بناءً على الأغلبية الشعبية مباشرة، بل يعتمد الأمر على أصوات المجمع الانتخابي.
ويختار الناخبون الأمريكيون المندوبين الذين يمثلونهم في التصويت الرسمي للرئيس، وفقًا لتوزيع المندوبين بين الولايات على أساس التعداد السكاني، ويحتاج المرشح إلى الحصول على 270 صوتًا من أصل 538 ليفوز بالرئاسة.
توزيع غير متساوٍ للأصوات
وتعكس الانتخابات الأمريكية تعقيدًا في توزيع أصوات المندوبين بين الولايات، إذ تحصل الولايات ذات الكثافة السكانية الأعلى على عدد أكبر من الأصوات، فولاية كاليفورنيا مثلًا تتمتع بـ54 مندوبًا، بينما تملك ولايات أصغر مثل داكوتا الشمالية 3 مندوبين فقط، ما يجعل بعض الولايات أكثر أهمية من غيرها في الحساب النهائي.
الولايات المتأرجحة.. المعركة الحقيقية
في كل انتخابات، يتم تحديد مصير الرئاسة عبر ما يُعرف بـ"الولايات المتأرجحة"، وهي الولايات التي تكون فيها المنافسة بين المرشحين قوية وغير محسومة.
ولا يهتم المرشحون كثيرًا بالولايات التي تُصوت بشكل متوقع لصالح حزب معين، مثل نيويورك للديمقراطيين أو أوكلاهوما للجمهوريين، بل يركزون جهودهم وأموالهم على الولايات المتأرجحة مثل ويسكونسن وميشيجان.
الفائز يأخذ كل شيء
يعمل النظام الانتخابي في معظم الولايات على أساس "الفائز يأخذ كل شيء"، بمعنى أن المرشح الذي يفوز بأغلبية الأصوات في ولاية معينة يحصد كل أصوات المندوبين فيها، حتى لو كانت الأغلبية بسيطة.
وهذا النظام يفتح الباب لاحتمال انتخاب رئيس رغم حصوله على أصوات أقل من منافسه في التصويت الشعبي، وهو ما حدث بالفعل في انتخابات 2016 عندما فاز دونالد ترامب على هيلاري كلينتون رغم حصولها على أصوات أكثر منه.
خيانة الناخب.. قضية مثيرة للجدل
تاريخيًا، كانت هناك حالات نادرة، إذ صوّت بعض الناخبين ضد إرادة ناخبي ولايتهم، وهو ما يُعرف بـ"خيانة الناخب".
ورغم أنه لا يوجد قانون فيدرالي يمنع هذه الخيانة، فإن بعض الولايات تفرض قوانين تعاقب الناخبين الذين يخالفون إرادة ناخبيهم.
تصويت البريد.. جدل مستمر
أحد العناصر التي زادت من تعقيد الانتخابات الأمريكية هو التصويت عبر البريد، الذي شهد توسعًا ملحوظًا في انتخابات 2020، بسبب جائحة كورونا.
ورغم أنه يسهم في زيادة الإقبال على التصويت، لا سيما بين الشباب والأقليات، فإنه أثار جدلًا واسعًا خاصة في صفوف الجمهوريين الذين اعتبروه وسيلة للتزوير.
إعلان النتائج.. لحظات حاسمة
وعادةً ما يتم إعلان الفائز في الانتخابات الرئاسية، ليلة التصويت، لكن في بعض الأحيان يستغرق فرز الأصوات أيامًا أو أسابيع، كما حدث في انتخابات 2020، وهذه التأخيرات تجعل العالم يتابع بترقب لحظات حاسمة لمعرفة من سيتولى قيادة الولايات المتحدة، في السنوات الأربع المقبلة.
وتمثل انتخابات الولايات المتحدة واحدة من أعقد الأنظمة الديمقراطية في العالم، فبينما يتمتع الناخب الأمريكي بفرصة اختيار الرئيس، يظل النظام القائم على المجمع الانتخابي مليئًا بالمفاجآت والتحديات.