مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، تتجه الأنظار نحو المرشحين وبرامجهم الانتخابية، وبينما يُثار الكثير من الحديث حول قضايا الاقتصاد والسياسة الخارجية، يظل إصلاح التعليم العام من بين القضايا المهملة بشكل لافت في الخطط الانتخابية للرئيس السابق دونالد ترامب ومنافسته الحالية كامالا هاريس.
هذا الإهمال يثير التساؤلات حول مستقبل نظام التعليم العام في الولايات المتحدة، خاصة في ظل التحديات التي تواجهه، وفق تقرير لموقع " أكسيوس" الأمريكي.
تدهور التعليم العام
تشير التقارير إلى أن درجات القراءة لدى الطلاب الأمريكيين انخفضت إلى أدنى مستوياتها منذ عشرين عامًا، في حين تعاني الولايات من نقص حاد في عدد المعلمين، إضافة إلى ذلك، عاد الفصل العنصري في المدارس إلى مستويات لم تشهدها البلاد منذ الستينيات.
هذا الوضع المتدهور يجعل من الضروري وضع إصلاح التعليم على رأس الأولويات، إلا أن ذلك لا يبدو واضحًا في برامج المرشحين، حيث تعهد الرئيس السابق دونالد ترامب بتفكيك وزارة التعليم الأمريكية، وتريد منافسته كامالا هاريس وقف حوادث إطلاق النار في المدارس، وبعيدًا عن ذلك، لم يقدم أي منهما خططًا مفصلة لنظام المدارس العامة من الروضة إلى الصف الثاني عشر في البلاد، ما منحهما تفويضًا بعدم فعل أي شيء، وفق "أكسيوس".
البرامج الانتخابية وخطاب الإصلاح
وتضمن خطاب المرشحين بعض الإشارات إلى قضايا التعليم، إلا أنها بقيت ضمن إطار عام دون خطط تفصيلية واضحة، فقد تعهد دونالد ترامب بتفكيك وزارة التعليم الأمريكية ونقل الصلاحيات التعليمية إلى الولايات، وهو حلم محافظ يعود إلى عهد الرئيس ريجان، لكن كامالا هاريس ركزت على قضايا السلامة المدرسية، ولم تقدم تفاصيل حول كيفية إصلاح النظام التعليمي.
وتواجه المدارس العامة الأمريكية اليوم تحديات كبيرة تتعلق بالتفاوت في توزيع المستشارين المدرسيين، ما يؤثر بشكل كبير على الطلاب من الأقليات العرقية الذين يسعون إلى الالتحاق بالكليات في ظل غياب سياسات التمييز الإيجابي.
كما كشفت جائحة كورونا عن تفاوتات كبيرة في الوصول إلى التكنولوجيا التعليمية، خاصة في المناطق الريفية والمجتمعات المهمشة.
رؤية مستقبلية للإصلاح
ورغم أن المدافعين عن التعليم يدعون إلى إصلاحات شاملة تشمل تحسين تحصيل الطلاب وزيادة تمثيل المعلمين من ذوي البشرة الملونة، إلا أن هذه الدعوات لم تجد صدى في خطط المرشحين للرئاسة.
ويرى خبراء، مثل توماس هوليوك، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ولاية كاليفورنيا، أن تركيز الحملات الانتخابية على استمالة أصوات الناخبين المترددين في الولايات المتأرجحة يمنع تقديم مقترحات جريئة للإصلاح.
العوائق أمام الإصلاح
وتتفاقم المشكلة بسبب الانقسام السياسي الذي يعرقل أي حوار بنّاء حول إصلاح التعليم، فتقول أماندا راي أراجون، المديرة التنفيذية لمجموعة الدفاع عن التعليم: "إن حالة التعليم اليوم تشبه لعبة الحظ، حيث يعتمد مستقبل الطلاب على جودة المدارس المتاحة في مناطقهم".
وترى المديرة التنفيذية لمجموعة الدفاع عن التعليم أن "القبلية" السياسية تمنع أي تقدم في هذا المجال، مشيرة إلى أن نظام التعليم الحالي لم يعد يفي بالغرض.
العودة إلى الماضي
يذكّرنا تاريخ الإصلاحات التعليمية في الولايات المتحدة بقدرة المشرعين على تجاوز الانقسامات الحزبية لتحقيق تقدم في هذا المجال، فعلى سبيل المثال، تعاون الرئيس جورج دبليو بوش مع السيناتور الديمقراطي تيد كينيدي لتمرير قانون "عدم ترك أي طفل يتخلف عن التعليم".
كما وقّع الرئيس أوباما قانون "السباق إلى القمة" بدعم من الجمهوريين. لكن يبدو أن هذه الروح التعاونية غائبة في الانتخابات الحالية.
في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة أزمة تعليمية حادة، يظل غياب الخطط التفصيلية لإصلاح التعليم في برامج المرشحين للرئاسة أمرًا مثيرًا للقلق.
ومع استمرار التدهور في مستويات التعليم، تتفاقم الحاجة إلى قيادة قادرة على مواجهة هذه التحديات وتقديم رؤية واضحة لمستقبل التعليم العام في البلاد.