في خضم الاستعدادات للانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، تعود قضية الإجهاض لتشكل تحديًا كبيرًا لحملة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي يحاول الحفاظ على تأييد قاعدته المحافظة، لكنه يواجه ضغوطًا متزايدة من الناخبين الذين يطالبونه بموقف واضح وحاسم بشأن هذه القضية الحساسة للمجتمع الأمريكي.
وحسب "سي بي سي نيوز" هيئة الإذاعة الكندية، فقد أظهرت التطورات الأخيرة في ولاية فلوريدا مدى تعقيد هذه القضية وعمق تأثيرها على مسار الحملة الانتخابية.
موقف ترامب المتردد
اختار ترامب ولاية فلوريدا كمقر إقامته الرئيسي قبل بضع سنوات، ولم يكن يتوقع أن تلك الخطوة ستجلب له مأزقًا سياسيًا معقدًا خلال الأسبوع الماضي، حين سئل عن استفتاء الإجهاض المرتقب في الولاية، الذي سيسمح بإعادة الإجهاض إلى وضعه السابق قبل عام 2022، فبدا أن ترامب يواجه معضلة كبيرة.
ففي البداية، أظهر دعمه للتعديل الرابع الذي من شأنه أن يلغي الحظر المفروض على الإجهاض لمدة ستة أسابيع في فلوريدا، إلا أن هذا الموقف أثار غضب قاعدته المحافظة، ما اضطره للتراجع والتأكيد على معارضته للتعديل في تصريحات لاحقة.
التحدي الانتخابي
تأتي هذه المعضلة في وقت حساس بالنسبة لترامب، إذ تشير استطلاعات الرأي إلى أن مسألة الإجهاض قد تكون العامل الحاسم في تحديد نتائج الانتخابات المقبلة، فهو يحاول الحفاظ على توازنه بين خيارين خطرين، هما إرضاء قاعدته المحافظة، أو جذب الناخبين المعتدلين.
وقال أوبري جيويت، أستاذ العلوم السياسية بجامعة سنترال فلوريدا، إن "ترامب يجد نفسه في موقف صعب، حيث يحاول إرضاء الجميع.. لكنه يخاطر بفقدان دعم أحد الأطراف".
ردود الفعل وتوترات
وأثارت تعليقات ترامب ردود فعل غاضبة من المحافظين المتشددين الذين اعتبروا موقفه خيانة للقيم الأساسية التي يدافعون عنها، حيث وصف المعلق اليميني المتطرف "مات والش" دعم ترامب المحتمل للتعديل بأنه "انتحار سياسي"، بينما انتقد آخرون مثل إريك إريكسون تراجع ترامب عن موقفه الأصلي، محذرين من أن هذا التردد قد يكلفه الانتخابات.
ومع اقتراب الانتخابات، يتعين على ترامب أن يتعامل مع تداعيات هذه القضية بحذر، فيشير مايكل بايندر، مدير مختبر أبحاث الرأي العام بجامعة شمال فلوريدا، إلى أن الناخبين المناهضين للإجهاض يمكن أن يكون لهم تأثير كبير على نتيجة الانتخابات.
ولفت مدير مختبر أبحاث الرأي العام بجامعة شمال فلوريدا إلى أن إحباط هؤلاء من موقف ترامب قد يؤدي إلى تراجعهم عن المشاركة النشطة في الحملة الانتخابية، ما يشكل تهديدًا حقيقيًا لفرص ترامب في الفوز.
تحدٍ كبير
لا يزال ترامب يواجه تحديًا كبيرًا في كيفية التعامل مع قضية الإجهاض خلال حملته الانتخابية، وبينما يحاول التوفيق بين مطالب قاعدته المحافظة وجذب الناخبين المعتدلين، تبقى هذه القضية عقبة كبيرة قد تؤثر على مسار الانتخابات المقبلة.
وفي ظل هذه الظروف، يترقب الجميع كيف سيتعامل ترامب مع هذا التحدي المعقد، وما إذا كان سيتمكن من الخروج من هذا المأزق السياسي بسلام.