الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تضليل وتشفير ومجرمو الإنترنت.. لماذا يثير "تليجرام" الجدل في أوروبا؟

  • مشاركة :
post-title
أكثر من 900 مليون شخص يستخدمون تطبيق "تليجرام" الذي يزعم أنه ينظم المحتوى بشكل أقل صرامة

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

أثار اعتقال الرئيس التنفيذي لشركة "تليجرام"، بافيل دوروف، وشقيقه المؤسس المشارك نيكولاي، بعد صدور مذكرة بحقه لدى السلطات الفرنسية في مارس الماضي -كما أشار تقرير لصحيفة "بوليتيكو"- عاصفة دبلوماسية للحكومة الفرنسية، فضلًا عن اعتراضات عالمية بشأن حرية التعبير ومسؤولية منصات التواصل الاجتماعي عن المواد التي يشاركها مستخدموها.

من أكثر من أقلقهم أمر الاعتقال المعارضة الروسية، التي تعتبره منفذًا لها، بينما يتم استخدام "تليجرام" من قبل جميع الأطراف في روسيا، سواء المؤيدين للحكومة أو المعارضين لها؛ إضافة لكونه واحدًا من أكثر خدمات المراسلة شعبية في العالم منذ أن شارك في تأسيسه دوروف عام 2013.

وأدى اعتقال دوروف إلى موقف غريب في روسيا، حيث جمع الرفض بين الكرملين -الذي يحتفظ بالعديد من قنوات تليجرام- وزعماء المعارضة الروس رفيعي المستوى.

ووصفت جورجيا ألبوروف، وهي زميلة قديمة للناشط الروسي الراحل أليكسي نافالني، اعتقال دوروف بأنه "ضربة قوية لحرية التعبير"، بحسب "بوليتيكو". 

وعلى مدار الأعوام الماضية، لعب "تليجرام" دورًا في عدد من الاحتجاجات التي اندلعت في أنحاء متفرقة من العالم. بينها الاحتجاجات الإيرانية التي انطلقت من مدينة "مشهد" وامتدت إلى أرجاء البلاد عامي 2017 و2018، والاحتجاجات التي انتهت بإعلان حالة الطوارئ في تايلاند 2020، وكذلك المظاهرات الحاشدة في بيلاروسيا في العام نفسه، عقب إعلان الرئيس ألكسندر لوكاشينكو إعادة انتخابه لفترة جديدة.

حسابات مجهولة

يشير تقرير لموقع "دويتش فيله" الألماني، إلى أن أكثر من 900 مليون شخص يستخدمون تطبيق "تليجرام"، الذي يزعم أنه ينظم المحتوى بشكل أقل صرامة من خدمات المراسلة الأخرى. كما يتميز بأنه يعمل عندما تعمل الإنترنت بسرعات بطيئة للغاية.

علاوة على ذلك، يمكن إنشاء مجموعات دردشة تضم ما يصل إلى 20 ألف مشارك، إضافة إلى تمتع التطبيق بمستوى عالٍ من الحماية وعدم الكشف عن هوية المستخدمين.

ورغم أن المستخدمين يحتاجون إلى تسجيل رقم هاتف محمول عند فتح حساب، إلا أنهم يستطيعون تقديم اسم مستخدم يمكن استخدامه دون السماح لأعضاء مجموعة الدردشة الآخرين برؤية هذا الرقم "وكل هذه الوظائف تجعل "تليجرام" مثيرًا للاهتمام بشكل خاص لمجموعات معينة"، حسب التقرير.

يقول التقرير: "بعد أن تم إغلاق Parler بشكل مؤقت، وهي منصة يفضلها إلى حد كبير المتطرفون اليمينيون والشعبويون الراديكاليون الذين ينشرون محتوى يميني متطرف، أصبح تليجرام هو منصتهم المفضلة الجديدة، مع ظهور العديد من حملات الأخبار المزيفة والتضليل".

يضيف: "كما يجذب تطبيق تليجرام مجرمي الإنترنت أيضًا، حيث يُتهم بافيل دوروف، من بين أمور أخرى، بالسماح للجريمة المنظمة بالازدهار على منصته، وعدم عرقلة توزيع المواد الإباحية للأطفال، والتغطية على الجرائم".

على عكس "واتساب" أو "سيجنال" لا يتم تشفير المحتوى على "تليجرام" من البداية إلى النهاية
ثغرات أمنية

من الغريب أيضًا أن دوروف لا يبدو قادرًا على إبقاء شركته في مكان واحد لفترة طويلة. فبعد مغادرته روسيا، نقل "تليجرام" أولاً إلى برلين، ثم لندن وسنغافورة، قبل أن يستقر في دبي.

يقول الخبير التقني يورجن شميت، رئيس موقع أخبار تكنولوجيا المعلومات الألمانيheise online: "يمكنك التحدث إلى أي شخص تريده داخل الدوائر الأمنية، وسيخبرك الجميع أن تليجرام يتخلف بشدة عن المنصات الأخرى عندما يتعلق الأمر بسرية المحتوى".

ورغم تلك المميزات، فإن المنصة ليست آمنة ولا مجهولة على الإطلاق كما يعتقد معظم المستخدمين، بل على العكس تمامًا، وفق "دويتش فيله".

على عكس خدمات المراسلة مثل "واتساب" أو "سيجنال"، لا يتم تشفير المحتوى على "تليجرام" من البداية إلى النهاية، أي على طول المسار بالكامل بين هاتف مستخدم وهاتف آخر.

وقال شميت: "يبدو أن تليجرام غير واضح في بعض الأحيان فيما يتعلق بكيفية التواصل. يتحدثون عن تشفير جميع الرسائل، لكنهم يقصدون فقط تشفيرها على المسار بين الجهاز والخادم. بمجرد وصولها إلى الخادم، يتم فك تشفيرها في شكل نص عادي.

وعلى الرغم من أنه من الممكن -في الواقع- تغيير الإعدادات لتمكين تشفير البيانات من البداية إلى النهاية، إلا أن الأمر ليس سهلاً للغاية، كما أنه لا يعمل مع كل أنواع الدردشة.

وقال شميت الذي وصف التطبيق بأنه "كابوس الخصوصية" في أحد مقالاته: "هذا يعني في الأساس أن كل ما هو مكتوب على التطبيق يتم تخزينه على خوادم تليجرام، حيث يتمتع دوروف وفريقه بالوصول الكامل إليه".

ولكن من غير المعروف أين توجد هذه الخوادم بالفعل. وبالتالي، فمن غير المعروف أيضًا من لديه حق الوصول إلى المعلومات المخزنة عليها. بينما لم يعلن "تليجرام" قط عن موقع خوادمه.