مع فشله في تحقيق أهداف حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة في قطاع غزة، اتجه جيش الاحتلال الإسرائيلي صوب الضفة الغربية، لإشعال جبهة قتال جديدة، تنضم إلى القطاع المدمر، والحدود اللبنانية القابلة للاشتعال في أي لحظة.
وكان الاحتلال، في العامين الماضيين، قد نفذ سلسلة من العمليات في قلب مخيمات اللاجئين الفلسطينيين لاقتناص عدد من رجال وقيادات فصائل المقاومة. وفي العام الماضي، تم دمج الطائرات الهجومية في العمليات.
وعلى الرغم من القتال العنيف مع حركة حماس في قطاع غزة، والتوتر على الحدود اللبنانية، قام قائد القيادة المركزية لقوات الاحتلال، المنتهية ولايته، الجنرال يهودا فوكس، بشن سلسلة من العمليات، التي ارتكزت على لواء "كفير" وقوات الاحتياط؛ كما أشار موقع "والا" العبري.
وتقرر أمس إطلاق ثلاث عمليات متزامنة ضد فصائل المقاومة في المخيمات الثلاثة "جنين"، "نور الشمس" في طولكرم، "الفارعة" في طوباس؛ في أوسع عملية عسكرية منذ 22 عامًا، ما أسفر عن مقتل 12 وإصابة 26 آخرين، فضلا عن اعتقال 30 على الأقل. ما يرفع حصيلة الشهداء منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى 667 شهيدًا.
ونقل "والا" عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين إن "العملية الثلاثية تهدف إلى زيادة الضغط على البنى التحتية" للفصائل المقاومة.
وشملت العمليات، وفق الإسرائيليين، تدمير عبوات ناسفة وإعطاب آليات عسكرية وكشف عبوات ناسفة واعتقالات وقتل نشطاء المقاومة، وزعم أن العملية الثلاثية تضمنت اغتيال ما لا يقل عن عشرة من رجال المقاومة الفلسطينية، من بينهم قائد كتيبة طولكرم محمد جابر و4 آخرين، كما قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، اليوم الخميس.
وأضاف متحدث جيش الاحتلال، في بيان على منصة "إكس"، أن وحدة خاصة اغتالت المقاومين الخمس في مخيم "نور الشمس"، بينهم جابر الملقب بـ "أبو شجاع".
وأوضح مسؤولون أمنيون أن الأمر "مسألة وقت" حتى تكون هناك حاجة لعملية تقسيم في مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم وطوباس وأريحا.
حرب غير معلنة
شملت العملية، التي أطلقها جيش الاحتلال بالتعاون مع جهاز "الشاباك"، طائرات بدون طيار، وجرافات، وقوات عسكرية وأمنية، وأربع كتائب من شرطة الحدود الإسرائيلية، ووحدة من قوات النخبة.
ولفتت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن التوغل أظهر أزمة القوى البشرية في الجيش الإسرائيلي "تتمركز معظم القوة هناك في كتائب احتياطية أقل مهارة، بما في ذلك الكتيبة التي احتجزت أسرى الضفة الغربية. في السنوات الأخيرة، تمركزت هناك كتيبة دورية النخبة من المظليين وألوية جولاني وجفعاتي وتم استبدالها الآن بكتيبة احتياطية من قيادة الجبهة الداخلية؛ ومن المحزن والخطير أن يكون بيننا من يستغل ذلك".
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن العملية كانت تهدف إلى "إحباط البنية التحتية الإيرانية"، زاعمًا أن إيران "تعمل على إقامة جبهة شرقية ضد إسرائيل". كما نقلت عنه "سي إن إن".
وكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مواقع التواصل الاجتماعي: "يتعين علينا التعامل مع التهديد بنفس الطريقة التي نتعامل بها مع البنية التحتية للإرهاب في غزة، بما في ذلك الإخلاء المؤقت للسكان الفلسطينيين وأي خطوات أخرى مطلوبة. هذه حرب بكل المقاييس والأغراض، ويجب علينا الفوز بها".
في المقابل، أدانت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين "العدوان الشامل" الذي يشنه جيش الاحتلال الإسرائيلي على مناطق في الضفة الغربية المحتلة، ووصفته بأنه "حرب مفتوحة وغير معلنة".
وفي بيان منفصل، قالت سرايا القدس، الجناح العسكري للحركة، إنها استهدفت وأسقطت طائرة مسيرة إسرائيلية بالقرب من جنين. وقالت الحركة إن مقاتليها يستهدفون القوات الإسرائيلية "برشقات كثيفة من الرصاص المباشر".
كما دعت حركة حماس إلى "التعبئة العامة ضد الاحتلال ومستوطنيه في كل مكان على أرضنا المحتلة". وقالت الحركة إن العملية الإسرائيلية كانت "واسعة النطاق" واتهمت الجيش الإسرائيلي بـ "تدمير البنية التحتية بشكل متعمد باستخدام قوات عسكرية كبيرة مصحوبة بقصف جوي من طائرات بدون طيار وطائرات حربية".
واليوم الخميس، أعلنت فصائل فلسطينية خوضها اشتباكات مسلحة عنيفة مع قوات الاحتلال التي اقتحمت مخيم طولكرم في محاور القتال المختلفة.
وأضافت أنَّ قوات الاحتلال أطلقت قذائف "أنيرجا" تجاه أحد المنازل، ما تسبب في اشتعال النيران فيه، ولم يُعرف إن كان هناك إصابات في صفوف المواطنين بسبب الحصار المشدد ومنع الإسعاف من دخول المخيم.
وأشارت إلى أنَّ قوات الاحتلال تطلق النار بشكل عشوائي تجاه كل ما يتحرك في المخيم، وتحديدًا في حارة "مربعة حنون"، في الوقت الذي تواصل فيه نشر آلياتها في شوارع المدينة ومحاصرة مستشفيي الشهيد ثابت ثابت الحكومي والإسراء التخصصي.
تعطيل المستشفيات
حذرت وزارة الصحة الفلسطينية من أن عملية جيش الاحتلال الإسرائيلي أثرت على المستشفيات، حيث أفادت التقارير بأن قوات الاحتلال حاصرت عدة مرافق طبية في جنين، وأعاقت حركة سيارات الإسعاف.
وقالت الوزارة إن عشرات المرضى يتلقون العلاج حاليًا في المستشفيات الحكومية والخاصة والخيرية في جنين، مضيفة أن حياة المرضى والطواقم الطبية معرضة للخطر.
وأظهرت مقاطع فيديو مركبات عسكرية إسرائيلية عند مدخل مستشفى جنين الحكومي، والتي بدا أنها تعيق الدخول، وتحاصر مستشفى ابن سينا في جنين. بينما نقلت "سي إن إن" عن المتحدث باسم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، محمود السعدي، أن الجيش الإسرائيلي يقيد حركة سيارات الإسعاف وأن "الوصول إلى المستشفى في جنين أمر صعب".
كما نقلت الشبكة الأمريكية عن مدير مستشفى جنين الحكومي وسام بكر، أمس الأربعاء، أن "ثلاث مركبات عسكرية إسرائيلية كانت عند مدخل المستشفى"، وأن محافظ جنين أُبلغ بنية القوات الإسرائيلية "اقتحام مستشفى جنين الحكومي".
وقال مدير مستشفى جنين وسام بكر لوكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، اليوم الخميس، إن آليات الاحتلال لا تزال تتمركز على مداخل المستشفى وتضع سواتر ترابية في الشوارع المؤدية إليه.
وأضاف أن التيار الكهربائي لا يزال مقطوعًا عن أجزاء كبيرة من شوارع جنين والمخيم بما فيها المستشفى الحكومي، وأن المستشفى يعتمد حاليًا على المولدات الكهربائية.
وتابع: "نعتمد حتى الآن على مخزوننا من الوقود لتشغيل أقسام المستشفى وغرفه، وبالنظر إلى انقطاع المياه عن جنين فإننا نلجأ إلى خزان المياه الموجود في المستشفى، حيث يتوفر فيه حتى الآن نصف سعته".
وأشار إلى أن قوات الاحتلال تعيق عمل الطواقم الطبية وتواصل التدقيق في البطاقات الشخصية للمرضى الداخلين إلى المستشفى والخارجين منه.
في المقابل، زعم المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن قوات الاحتلال "ليس لديها خطة للاستيلاء على المستشفى في جنين"، لكنها وضعت قوات لمنع نشطاء المقاومة من البحث عن مأوى والعمل من هناك.