الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

فرنسا في أزمة.. ماكرون يرفض تعيين رئيس وزراء يساري وسط تهديدات بالعزل

  • مشاركة :
post-title
العلم الفرنسي - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تشهد فرنسا أزمة سياسية حادة بعد رفض الرئيس، إيمانويل ماكرون، تعيين رئيس وزراء من التحالف اليساري الذي فاز بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية في الانتخابات الأخيرة، ما أثار غضبًا شديدًا في صفوف المعارضة، مع تهديدات بعزل الرئيس؛ ما يضع البلاد في موقف سياسي حرج غير مسبوق.

انقسام عميق في المشهد السياسي الفرنسي

وفقًا لصحيفة "لوموند" الفرنسية، فإن الانتخابات البرلمانية الأخيرة في فرنسا كشفت عن انقسام عميق في المشهد السياسي، إذ أدت النتائج إلى تقسيم الجمعية الوطنية الفرنسية إلى ثلاث كتل رئيسية متساوية تقريبًا، هي اليسار، والوسط، واليمين المتطرف، ما يترك البلاد في حالة من الجمود السياسي، حيث لا تمتلك أي من هذه الكتل الأغلبية المطلقة اللازمة لتشكيل حكومة مستقرة بمفردها.

وتشير الصحيفة إلى أن هذا الانقسام يعكس تحولًا كبيرًا في المشهد السياسي الفرنسي، حيث تراجعت الأحزاب التقليدية لصالح تحالفات جديدة وقوى سياسية صاعدة، ما يضع تحديات كبيرة أمام النظام السياسي الفرنسي الذي اعتاد على وجود أغلبية واضحة في البرلمان.

جهود تبوء بالفشل

في محاولة لكسر حالة الجمود السياسي، سعى الرئيس ماكرون إلى إجراء مشاورات مكثفة مع قادة الأحزاب والبرلمانيين، كان الهدف الأساسي منها هو تعيين رئيس وزراء يحظى بدعم من مختلف الأطراف السياسية، مما قد يسمح بتشكيل حكومة قادرة على العمل بفعالية.

وذكرت صحيفة لوباريزيان الفرنسية أن هذه المشاورات استمرت لمدة يومين، وشملت لقاءات مع ممثلين عن مختلف الأحزاب والكتل البرلمانية.

ومع ذلك، وبعد هذه الجهود المكثفة، أصدر قصر الإليزيه بيانًا وصف فيه المناقشات بأنها "عادلة وصادقة ومفيدة" لكنها في النهاية فشلت في التوصل إلى حل عملي يرضي جميع الأطراف.

ماكرون يبرر رفضه لمرشح التحالف اليساري

في خطوة مثيرة للجدل، رفض ماكرون تعيين رئيس وزراء من التحالف اليساري الجديد المعروف باسم الجبهة الشعبية الجديدة ن مبررا قراره هذا بعدة أسباب.

إذ أوضح ماكرون أن تشكيل حكومة من قبل التحالف اليساري، سيؤدي حتمًا إلى تصويت فوري بحجب الثقة وانهيار الحكومة، مضيفًا أن مثل هذه الحكومة ستواجه على الفور معارضة من أكثر من 350 نائبًا؛ ما يعني أنها ستكون عاجزة عن اتخاذ أي إجراءات فعّالة.

وأكد ماكرون في بيانه أن "الاستقرار المؤسسي لبلادنا يعني أنه لا ينبغي متابعة هذا الخيار".

رد فعل غاضب من المعارضة اليسارية

أثار قرار ماكرون موجة من الغضب والاستياء في صفوف المعارضة اليسارية، وقد نقلت صحيفة لوفيجارو الفرنسية، تصريحات حادة من قادة المعارضة، تعكس حجم الأزمة السياسية التي تمر بها فرنسا.

جان لوك ميلينشون، رئيس حزب فرنسا الأبية، اتهم ماكرون بخلق "وضع خطير للغاية".

ودعا حزبه إلى تنظيم مظاهرات واسعة النطاق تحث الرئيس على "احترام الديمقراطية"، والأمر الأكثر خطورة هو إعلان ميلينشون عن نية حزبه تقديم مذكرة لعزل ماكرون، مما يصعد الأزمة إلى مستوى غير مسبوق.

مرشحة اليسار لوسي كاستيتس
المرشحة المرفوضة للتحالف اليساري

كشف التقارير الإعلامية عن تفاصيل مثيرة للاهتمام حول مرشحة التحالف اليساري لمنصب رئيسة الوزراء، إذ رشح التحالف لوسي كاستيتس، وهي اقتصادية شابة تبلغ من العمر 37 عامًا وتشغل حاليًا منصب مديرة الشؤون المالية في بلدية باريس.

اختيار كاستيتس يعكس رغبة التحالف اليساري في تقديم وجه جديد وشاب للسياسة الفرنسية، وقد أصر التحالف على أن أي رئيس وزراء جديد يجب أن يأتي من صفوفه، مستندًا في ذلك إلى فوزه بأكبر عدد من المقاعد في الجمعية الوطنية المكونة من 577 مقعدًا.

تهديدات بالعزل وحجب الثقة

في رد فعل على رفض ماكرون، صعد التحالف اليساري من لهجته وإجراءاته، إذ أعلن التحالف، أنه لن يشارك في مزيد من المحادثات إلا لمناقشة تشكيله للحكومة، ما يضع عقبة إضافية أمام أي محاولات لحل الأزمة عبر الحوار.

الأخطر من ذلك هو تهديد التحالف بتقديم مذكرة لعزل ماكرون، واعتبر التحالف في بيان له أن الرئيس "لا يعترف بنتيجة الاقتراع العام".

وفي تصعيد إضافي، أعلن التحالف أن أي اقتراح لرئيس وزراء غير لوسي كاستيتس سيواجه باقتراح لحجب الثقة، ما يضع أي محاولة لتشكيل حكومة من خارج التحالف اليساري في مواجهة خطر الإطاحة الفورية.

ردود فعل متباينة من الأحزاب الأخرى

لم تقتصر ردود الفعل على التحالف اليساري فقط، إذ نقلت ليبراسيون الفرنسية تصريحات من قادة أحزاب أخرى تعكس تباين المواقف حيال قرار ماكرون.

مارين توندولييه، الأمينة العامة لحزب الخضر، وصفت تصرف الرئيس بأنه "عار" و"لا مسؤولية ديمقراطية خطيرة"، هذه التصريحات تعكس حجم الغضب والإحباط في صفوف الأحزاب البيئية من قرار ماكرون.

في المقابل، لم يصدر عن الأحزاب اليمينية واليمينية المتطرفة ردود فعل حادة مماثلة؛ ما يشير إلى احتمالية أن تكون هذه الأحزاب أكثر انفتاحًا على التفاوض مع ماكرون.

جولة جديدة من المشاورات

في محاولة لاحتواء الأزمة وإيجاد مخرج للمأزق السياسي، أعلن ماكرون عن جولة جديدة من المشاورات مع قادة الأحزاب والسياسيين المخضرمين.

وذكرت لوموند أن هذه الجولة الجديدة من المقرر أن تبدأ، اليوم الثلاثاء.

في بيانه، دعا ماكرون جميع القادة السياسيين إلى "الارتقاء إلى مستوى الحدث من خلال إظهار روح المسؤولية"، مؤكدًا أن هذه الفترة غير مسبوقة في تاريخ الجمهورية الخامسة تتطلب تعاونًا استثنائيًا من جميع الأطراف.

وشدد ماكرون على أن مسؤوليته تكمن في "ضمان عدم تعطيل البلاد أو إضعافها".