الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تجربة العمال البريطاني تحت المجهر.. اليسار الفرنسي يبحث عن الاعتدال

  • مشاركة :
post-title
زعيم حزب فرنسا الأبية جان لوك ميلينشون

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

بدأ السياسيون الفرنسيون النظر إلى تجربة حزب العمال البريطاني كمصدر إلهام لإعادة بناء اليسار الفرنسي، إذ يأتي هذا التوجه في وقت تتصاعد فيه الضغوط داخل التحالف اليساري الفرنسي للانفصال عن جان لوك ميلانشون، الذي يُنظر إليه بشكل متزايد على أنه عقبة أمام وصول اليسار المعتدل إلى السلطة.

صحوة اليسار المعتدل

أشارت صحيفة "بوليتيكو" إلى أن النائب الأوروبي رافائيل جلوكسمان، الذي برز كقائد وطني محتمل بعد أدائه الجيد في انتخابات الاتحاد الأوروبي في يونيو، دعا اليسار الفرنسي إلى التخلص من ميلانشون والعودة إلى جذوره الاشتراكية الديمقراطية المعتدلة، وشبه ميلانشون بالزعيم اليساري البريطاني السابق جيريمي كوربين، الذي تسبب في انقسامات عميقة داخل اليسار البريطاني.

ووفقَا لتصريحات "جلوكسمان" لمجلة "لو بوان" الفرنسية: "من خلال طي صفحة كوربين، سمح حزب العمال البريطاني لنفسه بطي صفحة الشعبوية اليمينية، سنفعل ذلك هنا أيضًا".

نموذج "العمال"

وقالت بوليتيكو إن حزب العمال البريطاني حقق فوزًا ساحقًا تاريخيًا الشهر الماضي تحت قيادة الزعيم المعتدل كير ستارمر، الذي أصبح الآن رئيسًا للوزراء، بعد أن ظل الحزب خارج السلطة لمدة 14 عامًا، ما يلهم اليسار الفرنسي المعتدل للسعي نحو مسار مماثل.

فيما لفتت بوليتيكو إلى أن التحالف اليساري الفرنسي، المعروف باسم الجبهة الشعبية الجديدة، والذي يضم حزب فرنسا الأبية بقيادة ميلانشون، والاشتراكيين، والخضر، والشيوعيين، حقق فوزًا مفاجئًا في الانتخابات المبكرة، لكنه مع ذلك يواجه تحديات كبيرة في تشكيل حكومة، إذ يحتاج إلى التحالف مع أحزاب أخرى تكره ميلانشون.

عامل انقسام

وقالت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية إن ميلانشون لم يتوقف عن تصعيد التوترات داخل التحالف اليساري، إذ بلغ عدم الارتياح ذروة جديدة هذا الأسبوع بعد دعوته لعزل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كما أنه كان مثيرًا للانقسام في مواضيع تتراوح من أوكرانيا إلى دعم القضية الفلسطينية.

معضلة طويلة الأمد

أوضحت "بوليتيكو" أن اليسار المعتدل يواجه معضلة طويلة الأمد، فإذا بقي في التحالف مع ميلانشون، فلن يكون لديه فرصة تذكر للفوز بالسلطة، إذ أوضح معسكر ماكرون والأحزاب الرئيسية الأخرى أنهم لن يدخلوا في حكومة ائتلافية تضم حزب فرنسا الأبية.

لكن البديل يثير أسئلة سياسية صعبة أخرى، خاصة أن اليسار المعتدل لا يزال يتعافى من الانهيار السياسي الذي عانى منه خلال فترة ماكرون الأولى.

وترى "لو بوان" أن الأمور بدأت تبدو أكثر إشراقًا لليسار المعتدل هذا الصيف، عندما حقق الاشتراكيون وجلوكسمان نتائج أفضل من حزب فرنسا الأبية التابع لميلانشون في انتخابات البرلمان الأوروبي، ومع ذلك، فإن ضعف الاشتراكيين والخضر دفعهم للانضمام مرة أخرى إليه في الانتخابات المبكرة في يونيو.

استراتيجيات متباينة

ونقلت بوليتيكو عن هيلين جيوفروي، رئيسة بلدية اشتراكية بارزة وإحدى الشخصيات القيادية في المعسكر المناهض لميلانشون داخل اليسار، قولها: "استراتيجية فرنسا الأبية هي إثارة انتخابات رئاسية بينما هدفنا هو أن نكون قادرين على الحكم... هناك استراتيجيات مختلفة."

وأضافت جيوفروي: "قال ميلينشون ذات مرة: أنا الصوت والغضب.. لكننا لا نريد أن نكون الصوت والغضب، نريد أن نغير حياة الناس".

وأشارت بوليتيكو إلى أوجه الشبه بين ميلانشون وكوربين، مستشهدة بتصريح سيباستيان مايار، المستشار المقيم في لندن لمعهد جاك ديلور، الذي قال: "لديهما الكثير من القواسم المشتركة، بما في ذلك معارضتهما لليبرالية الاقتصادية، ودعمهما القوي لفلسطين وغموضهما تجاه حماس، واتهامات معاداة السامية الموجهة إليهما، وتشككهما في الاتحاد الأوروبي".

تحديات مستقبلية

وتعتقد "بوليتيكو" أن اليسار الفرنسي لا يزال "عالقًا بعض الشيء"، وفقًا لماثيو جالارد، مدير الأبحاث في شركة استطلاعات الرأي إبسوس.

وأضاف "جالارد" أن الأحزاب الأخرى في التحالف اليساري لا تستطيع تحمل الانفصال عن حزب ميلانشون لأنه "ليس لديهم أي حلفاء بديلين حقيقيين".

ومع ذلك، يرى الاشتراكيون الأمور بشكل مختلف، ويعتقدون أنه إذا بدأ اليسار المعتدل في الدفاع عن جدول أعماله السياسي الخاص، فسيكسب الناخبين.

وقالت "جيوفروي" إن اليسار المعتدل يرغب في التركيز أكثر على القضايا الاقتصادية وسياسات العمل والأمن، في محاولة لتوحيد البلاد بدلًا من تأجيج الانقسامات.