أشعلت عملية الطعن التي وقعت الجمعة، في مدينة زولينجن بغرب ألمانيا، الجدل مجددًا بشأن الأمن العام في البلاد، وذلك قبل أسبوع من الانتخابات المحلية المهمة في شرق ألمانيا، حيث هاجم اليمين المتطرف الائتلاف الحكومي والأحزاب الأخرى بسبب أوجه قصور مزعومة.
وذكرت صحيفة "دير شبيجل"، اليوم الأحد، نقلًا عن مصادر أمنية لم تسمها، أن الشرطة الألمانية ألقت القبض على المشتبه به في عملية الطعن التي أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة ثمانية آخرين.
وبينما لم يتم الكشف عن أي معلومات رسمية حتى الآن عن المهاجم أو أصله أو دوافعه، وإعلان تنظيم "داعش" الإرهابي مسؤوليته عن الحادث؛ لكن حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف وصفه بأنه "هجوم للمهاجرين"، كما أشارت النسخة الأوروبية لصحيفة "بوليتيكو".
وحث بيورن هوكه، المرشح الرئيسي لحزب "البديل من أجل ألمانيا" في تورينجن، الذي يتصدر استطلاعات الرأي، الألمان على "التصويت من أجل التغيير"؛ مطالبًا، في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "إكس"، بإرسال "أحزاب العصابات المسؤولة إلى الصحراء"، مضيفًا: "لا يمكن أن يكون هناك المزيد".
وأضاف: "أيها الألمان، أهل تورينجن، هل تريدون حقًا أن تعتادوا على هذه الظروف؟ حرروا أنفسكم؛ ضعوا حدًا أخيرًا للمسار الخاطئ المتمثل في التعددية الثقافية القسرية!"
دوافع انتخابية
يلفت تقرير "بوليتيكو" إلى أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" لا يهاجم الائتلاف الحاكم الذي يضم الديمقراطيين الاجتماعيين بزعامة المستشار أولاف شولتس، والخضر والديمقراطيين الأحرار فحسب، بل يهاجم أيضًا الحزبين المعارضين الرئيسيين، الحزب الديمقراطي المسيحي-الاتحاد الاجتماعي المسيحي من يمين الوسط، وتحالف سارا فاجينكنيخت من أقصى اليسار، وهما الخصمان الرئيسيان للحزب في الانتخابات المحلية.
وفي ولاية ساكسونيا، حيث يتنافس "البديل من أجل ألمانيا" جنبًا إلى جنب مع حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، كتب الحزب على موقع "إكس" أن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي "لن يفعل شيئًا لتغيير الوضع الحالي، وسيواصل سياسة الحدود المفتوحة مع المزيد من الهجرة" على مستوى الاتحاد الأوروبي.
وقالت النائبة البرلمانية عن حزب "البديل من أجل ألمانيا"، نيكول هوكست: "التغيير ممكن فقط معنا".
وأكد التقرير أن موجة الانتقادات اليمينية المتطرفة، في ظل نقص المعلومات عن المهاجم، أعادت إلى الأذهان أعمال الشغب الأخيرة في المملكة المتحدة والتي أججتها مزاعم كاذبة بأن المهاجم المشتبه به كان مهاجرًا وصل حديثًا.
ضغوط سياسية
عقب الحادث، وصف شولتس الهجوم في زولينجن بأنه "حدث مروع صدمني بشدة". وفي تجمع انتخابي، أمس السبت، في ولاية براندنبورج بشرق ألمانيا، والتي ستعقد أيضًا انتخابات الشهر المقبل، في 21 سبتمبر، قال المستشار الألماني "يجب ألا نقبل شيئًا كهذا في مجتمعنا. يجب تطبيق القوة الكاملة للقانون هنا".
وقد أدلى شولتس بتعليقات مماثلة في أعقاب حوادث سابقة في ألمانيا، مثل مقتل ضابط شرطة على يد رجل من أفغانستان في نهاية شهر مايو. وتعهد المستشار وقتها بتطبيق سياسات هجرة أكثر صرامة وتكثيف عمليات الترحيل، حتى إلى سوريا وأفغانستان.
ويزيد هجوم الجمعة من الضغوط السياسية على المستشار الألماني، لأنه قد يغذي رواية اليمين المتطرف بأن حكومة شولتس تتحدث كثيرًا وتتصرف قليلًا، وفق "بوليتيكو".
وتعرضت وزيرة الداخلية نانسي فايسر، التي أعربت في أول رد فعل لها يوم السبت عن تعازيها للضحايا، لانتقادات من فلوريان هان، وهو عضو في البرلمان من حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي المعارض من يمين الوسط، واتهمها بتقصير مزعوم في مجال الأمن.
وكتب هان على موقع "إكس": لا يمكن أن يستمر الأمر على هذا النحو.
وكان زعيم المعارضة من يمين الوسط، فريدريش ميرز، أكثر اعتدالًا في رد فعله، حيث كتب: "إن هذا العنف الوحشي لا يطاق. أفكارنا مع الضحايا وأسرهم. نتمنى لهم جميعًا كل القوة في هذه الساعات".