يسقط يوميًا العديد من المرضى والجرحى الفلسطينيين في غزة ضحايا للحصار الإسرائيلي التعسفي والقيود المفروضة على دخول الإمدادات الطبية للقطاع، بما في ذلك الأجهزة الطبية والأدوية الأساسية، الأمر الذي حذّرت من استمراره المنظمات الإنسانية لما يشكّله من خطر كبير على المتبقين.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، وثّقت منظمة الصحة العالمية ما لا يقل عن 500 هجمة على مرافق الرعاية الصحية في قطاع غزة، وبحسب موقع peoplesdispatch العالمي، أدى ذلك إلى إلحاق أضرار بعشرات المستشفيات و120 سيارة إسعاف، مشيرين إلى أن جميع الخدمات الصحية في غزة معلقة الآن بخيط رفيع للغاية، حيث إن 17 من أصل 19 مستشفى في مدينة غزة و18 من أصل 20 مركزًا للرعاية الصحية الأولية لا تعمل.
التدمير الممنهج
واعتمدت إسرائيل خلال أشهر الحرب على سياسة التدمير الممنهج والواسع النطاق للقطاع الصحي في غزة، وبحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، يتم تسجيل يوميًا عشرات الوفيات بين المرضى خاصة كبار السن، نتيجة عدم كفاية الرعاية الطبية أو الأدوية أو العلاج، مشيرين إلى أن هؤلاء لا يتم إضافتهم للقوائم الرسمية للشهداء نتيجة الإبادة الجماعية.
وتشير بيانات وزارة الصحة الفلسطينية، إلى أن معدل الوفيات في قطاع غزة ارتفع بشكل ملحوظ خلال الأشهر القليلة الماضية مقارنة بالفترة نفسها خلال العامين الماضيين، ولاحظ المرصد وجود علاقة بين ارتفاع عدد الوفيات وتوقف المستشفيات عن العمل وانهيار النظام الصحي بسبب الاستهداف الإسرائيلي الممنهج والحصار.
الطريق الوحيد
وكشف المرصد أنه منذ إعادة الاحتلال نشر قواته العسكرية في غزة، تسبب إغلاق معبر رفح من الجانب الفلسطيني، الذي يعد الطريق الوحيد للسفر إلى قطاع غزة أو الخروج منه، في منع الآلاف من المرضى والجرحى من السفر لتلقي العلاج، ما أسفر عن وفاة المئات منهم حتى الآن.
ويوجد في قطاع غزة الأن أكثر من 12 ألف جريح و14 ألف مريض بحاجة ماسة للسفر لتلقي العلاج، وأشار مرصد حقوق الإنسان إلى أن هؤلاء جزء من عشرات الآلاف الذين هم بحاجة للسفر لاستكمال العلاج أو تلقي خدمات العلاج والتأهيل الأساسية التي لم تعد متوفرة في قطاع غزة.
نقص التغذية
وتلقى المرصد العديد من الشكاوى حول معاناة المرضى أو ذويهم بسبب عدم كفاية العلاج، منهم آلاف من مرضى السرطان نتيجة عدم توفر العلاج الكيميائي، بجانب إصابة المئات بالفشل الكلوي نتيجة اعتمادهم على الأطعمة المعلبة ونقص المعادن والفيتامينات.
كما تسبب نقص التغذية وضعف المناعة في ارتفاع حالات المرض بين الأطفال في شمال غزة في الأيام الأخيرة، حيث انتشرت العديد من الأمراض الجلدية ناجمة عن البكتيريا والفيروسات والفطريات والاكتظاظ في مراكز الإيواء، وسوء النظافة، وإمدادات المياه الملوثة.
الحرمان من الحياة
وشدّد المرصد على أن تدمير إسرائيل للقطاع الصحي يشكل ركيزة أساسية من ركائز الخطة الممنهجة والمنظمة والواسعة النطاق التي تنفذها لتدمير حياة الفلسطينيين في قطاع غزة وإبادتهم بالكامل وتحويل وطنهم إلى مكان غير صالح للسكن وخالٍ من الخدمات الأساسية.
وأدرجت المنظمة ما تفعله إسرائيل في إطار الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب الكاملة، من خلال الاستهداف المتعمد والواسع النطاق للقطاع الصحي، الذي يبدو أن إسرائيل تنوي إخراجه عن الخدمة بشكل كامل، وإعادته إلى نقطة اللاعودة، لحرمان الفلسطينيين من أي فرصة للبقاء والتعافي والمأوى، بل وحتى الحياة نفسها.