تشهد بريطانيا حاليًا أسوأ موجة من الاضطرابات العرقية منذ عقود، مما وضعها على مسار تصادمي مع عملاق التكنولوجيا، إيلون ماسك، إذ في الوقت الذي تكافح فيه الحكومة البريطانية للسيطرة على الوضع، تبرز قضايا جديدة تتعلق بدور منصات التواصل الاجتماعي في تأجيج الأحداث وانتشار خطاب الكراهية، في هذا الصدد تسلط صحيفة "بوليتيكو" الضوء على تفاصيل الأزمة وتداعياتها على العلاقة بين الحكومة البريطانية وشركات التكنولوجيا الكبرى.
تصريحات ماسك تثير غضب الحكومة البريطانية
أثار إيلون ماسك، مالك منصة إكس (تويتر سابقًا)، غضب الحكومة البريطانية بتصريحات مثيرة للجدل حول الأحداث الجارية، إذ علق على مقاطع فيديو للاضطرابات اليمينية المتطرفة قائلًا إن "الحرب الأهلية أمر حتمي"، فيما أدان مكتب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، هذه التصريحات بشدة، مُؤكدًا أنه "لا يوجد مبرر" لمثل هذه التعليقات، وفقًا لما ذكرته صحيفة بوليتيكو.
لكن ماسك لم يتراجع، بل واصل هجومه على الحكومة البريطانية، إذ رد على تصريح لستارمر يتعهد فيه بعدم التسامح مع الهجمات على المساجد أو المجتمعات المسلمة، اتهم ماسك رئيس الوزراء ضمنيًا بالانحياز، متسائلًا: "ألا ينبغي أن تكون قلقًا بشأن الهجمات على جميع المجتمعات؟"
دور وسائل التواصل الاجتماعي في تأجيج الاضطرابات
تلعب منصات التواصل الاجتماعي دورًا محوريًا في الأحداث الجارية، إذ ساهمت قنوات الأخبار الكاذبة على منصة أكس في نشر معلومات مضللة حول مقتل ثلاثة أطفال في ساوثبورت الأسبوع الماضي، كما استخدم مؤثرون يمينيون مثل تومي روبنسون، مؤسس رابطة الدفاع الإنجليزية، ولورانس فوكس، الممثل المتحول إلى ناشط مناهض للوعي الاجتماعي، منصات مختلفة لنشر رسائلهم إلى آلاف المتابعين.
وأشارت صحيفة بوليتيكو إلى أن تطبيقات واتساب وتيليجرام استخدمت لتنظيم تجمعات في وقت قصير، بينما انتشرت منشورات تدعو إلى احتجاجات محددة على فيسبوك، أما تيك توك، فقد عج بمقاطع فيديو للعنف.
الحكومة البريطانية في مواجهة التحدي
صرح بيتر كايل، وزير التكنولوجيا البريطاني، بأنه "لا يمكن إنكار" دور وسائل التواصل الاجتماعي في توفير منصة للمشاغبين، مؤكدًا أن الحكومة كانت واضحة مع هذه الشركات بشأن مسؤوليتها في عدم نشر الأذى الذي يسعى إلى إلحاق الضرر بالمجتمع وتقسيمه.
لكن بوليتيكو تتساءل، ما الذي يمكن للحكومة البريطانية فعله فعليًا؟ تمتلك الحكومة أداة تشريعية قوية تتمثل في قانون السلامة عبر الإنترنت، لكنه لن يدخل حيز التنفيذ حتى نهاية عام 2024. وبموجب هذا القانون، ستكون المنصات ملزمة باتخاذ "إجراءات قوية" ضد المحتوى غير القانوني، بما في ذلك المحتوى الذي يحرض على العنف أو المرتبط بـ "جرائم النظام العام ذات الدوافع العرقية أو الدينية".
تحديات التنفيذ والرقابة
وفقًا لصحيفة بوليتيكو، قد تواجه شركات وسائل التواصل الاجتماعي غرامات تصل إلى 18 مليون جنيه استرليني أو 10% من إيراداتها العالمية، أيهما أكبر، في حال فشلها في الامتثال للقانون الجديد. لكن حتى ذلك الحين، لا يمكن للسلطات البريطانية سوى مناشدة شركات التكنولوجيا لفعل الصواب وتطبيق سياساتها الخاصة بصرامة.
وقال متحدث باسم هيئة تنظيم الاتصالات البريطانية (أوفكوم): "لا حاجة للخدمات عبر الإنترنت للانتظار حتى دخول القوانين الجديدة حيز التنفيذ قبل أن تجعل مواقعها وتطبيقاتها أكثر أمانًا للمستخدمين".