في ظل تصاعد وتيرة الهجمات العنيفة التي تستهدف مراكز إيواء طالبي اللجوء في المملكة المتحدة، يعيش الآلاف من اللاجئين وطالبي اللجوء في حالة من الخوف والقلق المستمر، وفي هذا الصدد سلطت صحيفة "الجارديان" البريطانية الضوء على الأوضاع المتردية التي يعيشها هؤلاء الأشخاص، في ظل تزايد الهجمات العنصرية والتحريض من قبل جماعات اليمين المتطرف.
تاريخ من الاستهداف والعنف
منذ عام 2020، دأبت الجماعات اليمينية المتطرفة على استهداف الفنادق التي تؤوي طالبي اللجوء في بريطانيا. وقد بدأت هذه الهجمات بشكل بسيط نسبيًا، حيث كانت مجموعات مثل "بريطانيا أولًا" (Britain First) تقتحم الفنادق وتطرق أبواب الغرف للاستفسار عمّا إذا كان النزلاء يدفعون مقابل إقامتهم، ومع مرور الوقت، تصاعدت حدة هذه الهجمات لتصل إلى مستويات خطيرة من العنف.
وفقًا لما ورد في تقرير الجارديان، شهدت مدينة نولسي في فبراير 2023 هجومًا عنيفًا على فندق "سويتس" الذي يؤوي طالبي لجوء، إذ ألقى حشد من اليمين المتطرف الحجارة والألعاب النارية وغيرها من المقذوفات على الفندق، مرددين هتافات عنصرية مثل "أخرجوهم".
تصاعد العنف في الآونة الأخيرة
في الأيام القليلة الماضية، شهدت مدن بريطانية أخرى هجمات مماثلة، ففي مدينة روذرهام، تعرض فندق يؤوي طالبي لجوء لهجوم من قبل مجموعات يمينية متطرفة، رغم التحذيرات المسبقة التي تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي مدينة هال، خرجت مظاهرات مُعادية للاجئين في وسط المدينة؛ مما أثار الرعب بين طالبي اللجوء المقيمين هناك.
وقد نقلت الصحيفة عن أحد طالبي اللجوء في فندق روذرهام قوله: "كان الأمر مرعبًا عندما اخترقوا بوابة الفندق ودخلوا إليه، لقد تسببوا في الكثير من الأضرار وهدد بعضهم بقتلنا. أنا سعيد لأننا نُقلنا إلى مكان أكثر أمانًا."
الخوف والقلق يسيطران على طالبي اللجوء
نتيجة لهذه الهجمات المتكررة، أصبح العديد من طالبي اللجوء يعيشون في حالة من الخوف المستمر، وقد نقت الصحيفة عن أحد المقيمين في فندق هال قوله: "قبل يوم السبت، كان الفندق والمنطقة المحيطة به مكانًا نشعر فيه بالأمان، كنا نغادر الفندق للذهاب إلى مواعيدنا ونعود إليه في نهاية اليوم، دون أن نشعر بالتهديد، الآن تغير كل شيء، نحن نخشى الخروج من الفندق؛ لأننا نخاف أن نتعرض للهجوم في الدقائق الخمس القادمة."
الشائعات والتحريض تغذي العنف
يشير التقرير إلى أن الشائعات والمعلومات المضللة تلعب دورًا كبيرًا في تأجيج العنف ضد طالبي اللجوء، ففي حالة الهجوم على فندق نولسي، كان السبب المباشر هو انتشار مقطع فيديو مشكوك في صحته، يزعم أن أحد طالبي اللجوء قام بالتحرش بفتاة مدرسة.
وفي الحوادث الأخيرة، انتشرت شائعات كاذبة تدعي أن المشتبه به في هجوم على أطفال في ساوثبورت كان قد وصل حديثًا إلى المملكة المتحدة عبر قارب صغير، في حين أنه في الواقع من مواليد كارديف.
دور المنظمات الحقوقية في دعم طالبي اللجوء
في ظل هذه الظروف الصعبة، تلعب المنظمات الحقوقية والخيرية دورًا هامًا في دعم طالبي اللجوء، وقد نقل التقرير عن ستيف سميث، الرئيس التنفيذي لمنظمة Care4Calais الخيرية، قوله: "متطوعونا يدعمون طالبي اللجوء في جميع أنحاء البلاد الذين يشعرون بالخوف والعزلة، وهم يشاهدون البلطجية اليمينية المتطرفة تنخرط فيما لا يمكن وصفه إلا بأعمال شغب عنصرية."
وأضاف سميث: "نحن على يقين من أن استهداف أماكن إقامة طالبي اللجوء هو جزء من مسعى عنصري متعمد من قبل هذه الجماعات؛ لزرع الكراهية والانقسام في مجتمعاتنا."
الأمل وسط المحنة
رغم المخاوف والتحديات، لا يزال بعض طالبي اللجوء يحتفظون بالأمل ويؤمنون بطيبة الشعب البريطاني، إذ نقلت الجارديان عن لاجئ أفغاني يعيش في هال قوله: "كنت خائفًا جدًا عندما رأيت المتظاهرين اليمينيين المتطرفين في وسط هال يوم السبت، لكنني أعلم أن هؤلاء الأشخاص هم مجرد أقلية صغيرة وأن الشعب البريطاني طيب جدًا ولطيف. عندما أفكر في العنصريين وأشعر بالخوف، أقول لنفسي أن أتذكر ذلك."