في تطور مفاجئ أثار القلق في الأسبوع الأول من أولمبياد باريس 2024، أعلن المنظمون صباح اليوم الثلاثاء، تأجيل سباق الترياثلون للرجال؛ بسبب ارتفاع مستويات البكتيريا في نهر السين، إذ إن هذا الحدث، الذي كان من المقرر أن يكون أول سباق سباحة في النهر منذ أولمبياد 1924، يسلط الضوء على التحديات التي تواجه العاصمة في تنظيم دورة ألعاب طموحة وصديقة للبيئة.
حلم إحياء نهر السين
لعقود طويلة، ظل نهر السين بمثابة حاجز عازل وسط باريس، بدلًا من كونه عنصرًا جاذبًا للترفيه والاستجمام، إذ كانت مياهه الملوثة تُشكل تهديدًا صحيًا خطيرًا؛ ما دفع السُلطات إلى حظر السباحة فيه منذ عام 1923.
ومع ذلك، فإن الجهود المُكثفة التي بذلتها باريس لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2024 فتحت الباب أمام إعادة علاقة المدينة بنهرها العريق.
وفقًا لصحيفة "فايننشال تايمز"، استثمرت السُلطات الفرنسية 1.4 مليار يورو في مشروع ضخم لتحديث شبكات الصرف الصحي وإنشاء محطات معالجة متطورة للحد من تصريف المياه الملوثة في النهر، كما تم العمل على فصل شبكات مياه الأمطار عن شبكات الصرف الصحي بشكل أكثر انتظامًا، وتصحيح حالات سوء التوصيل التي كانت تسمح بتسرب المياه الملوثة إلى النهر.
الأمطار الغزيرة تعطل الجدول الزمني
رغم هذه الجهود الكبيرة، أشارت الصحيفة، إلى أن المنظمين اضطروا لاتخاذ قرار التأجيل الساعة الرابعة من فجر اليوم، بعد مراجعة الاختبارات النهائية لجودة المياه، وأوضح التقرير أن الأمطار الغزيرة التي هطلت منذ افتتاح الألعاب يوم الجمعة الماضي؛ أدت إلى ارتفاع مستويات بكتيريا القولون (E. coli) في النهر إلى ما يتجاوز المستويات الآمنة.
وذكرت الصحيفة أن القرار جاء قبل ساعات فقط من الموعد المحدد لانطلاق 55 رياضيًا في السباق من نقطة البداية بالقرب من جسر ألكسندر الثالث، وقد تم تحديد موعد جديد للسباق يوم الأربعاء المقبل في تمام الساعة 10:45 صباحًا، مباشرة بعد سباق الترياثلون للسيدات.
تحدي الطقس يهدد خطط المنظمين
كشفت الصحيفة عن الرهان الكبير الذي قامت به السُلطات الفرنسية على مشروع تحديث البنية التحتية لنظام الصرف الصحي في العاصمة ومحطات معالجة المياه، إذ بلغت تكلفة هذا المشروع 1.4 مليار يورو، بهدف جعل نهر السين صالحًا لاستضافة سباقات الترياثلون والسباحة الماراثونية.
ومع ذلك، يبدو أن هذه الخطط تظل رهينة لتقلبات الطقس، فعندما تهطل الأمطار بغزارة، يفيض نظام الصرف الصحي إلى النهر لتجنب فيضان الشوارع.
وعلى الرغم من بناء خزان ضخم تحت الأرض لاحتجاز مياه الأمطار الزائدة، إلا أن هذا لم يكن كافيًا لاستيعاب العواصف التي هطلت منذ بداية الألعاب.
تداعيات التأجيل على الرياضيين والمنظمين
نقلت "فايننشال تايمز" عن بنجامين مازي، المدير الفني للفريق الفرنسي للترياثلون، قوله إن الرياضيين الثلاثة في الفريق علموا بإلغاء السباق قبل الفجر، بينما كانوا يتناولون وجبة صباحي قبل الحدث.
وأضاف مازي: "عادوا إلى النوم، حتى لو كان ذلك صعبًا. إنهم يشعرون بخيبة أمل وغضب قليلًا؛ لذا سيتعين عليهم إدارة مشاعرهم."
وأوضح التقرير أن المنظمين سيواصلون اختبار مياه نهر السين في نقاط متعددة؛ لتحديد ما إذا كان من الممكن إجراء الفعاليات، ومن المتوقع أن يساعد الطقس الحار والمشمس في الأيام القادمة في خفض مستويات البكتيريا في النهر.
خطة الطوارئ وتأثيرها على الألعاب
كشفت الصحيفة عن وجود خطة طوارئ وضعها المنظمون في حالة استمرار سوء جودة المياه، إذ يمكن تأجيل سباق الترياثلون للرجال إلى 6 أغسطس، كما يمكن تأجيل سباق السيدات المقرر يوم الأربعاء، وسباق التتابع المختلط في 3 أغسطس إلى نفس اليوم أيضًا.
وفي حال استمرار الظروف الخطرة، أشار التقرير إلى أن المنظمين قد يضطرون لإلغاء مرحلة السباحة وتحويل الحدث إلى سباق ثنائي، وهو سيناريو قد يثير غضب الرياضيين ويشكل كارثة للمنظمين الذين وعدوا لشهور بأن نهر السين سيكون جاهزًا.
تحديات أخرى
لم يقتصر تأثير الأمطار الغزيرة على سباق الترياثلون فقط، إذ أشارت الفايننشال تايمز إلى تأجيل عدة أحداث أخرى منذ افتتاح الألعاب يوم الجمعة الماضي، بما في ذلك مسابقات التزلج على الألواح ومباريات التنس.
كما أثرت الأمطار الغزيرة على حفل الافتتاح المبهر، الذي تضمن عرضًا لـ 10,500 رياضي على متن قوارب في نهر السين.
واضطر المنظمون لتقليص بعض العروض، بينما تعرض المتفرجون ورؤساء الدول للبلل أثناء مشاهدتهم للعرض.