قبل ساعات قليلة على انطلاق دورة الألعاب الأولمبية في باريس، اليوم الجمعة، يواجه المنظمون تحديًا حرجًا يتمثل في ارتفاع منسوب نهر السين، ما يهدد بتعطيل الاستعراض المائي المخطط له كجزء رئيسي من حفل الافتتاح.
وفي هذا السياق، سلطت صحيفة "لوموند" الفرنسية الضوء على عمل السلطات على مدار الساعة لمراقبة حالة النهر واتخاذ إجراءات عاجلة للتحكم في تدفق المياه، سعيًا لضمان نجاح هذا الحدث العالمي، رغم الظروف الطبيعية غير المتوقعة.
منسوب نهر السين
يبدأ يوم المسؤولين الفرنسيين هذه الأيام بقراءة تقارير حالة نهر السين، فوفقًا لما ذكرته "لوموند"، يُجري كلٌ من مارك جيوم، محافظ منطقة إيل دو فرانس، وآن هيدالجو، عمدة باريس، متابعة دقيقة لمنسوب المياه وسرعة تدفقها.
وأشار التقرير إلى أن هذه المعلومات أصبحت حيوية مع اقتراب موعد حفل الافتتاح، وكشف "جيوم"، في تصريحات للصحيفة، أن منسوب المياه وصل مؤخرًا إلى 1.25 متر، وهو ما يعد أعلى من المعدل الطبيعي.
وأضاف: "إذا ارتفع المنسوب إلى 1.40 متر، سنضطر لتغيير اثنين من القوارب الرئيسية في الاستعراض لعدم قدرتها على المرور تحت الجسور، وإذا وصل إلى 1.60 متر، سنحتاج لاستبدال أربعة قوارب أخرى".
تحديات غير مسبوقة
لم يكن ارتفاع منسوب النهر هو التحدي الوحيد الذي يواجه المنظمين، إذ أشارت " لوموند" إلى أن فرنسا شهدت في نهاية يونيو وأوائل يوليو أمطارًا غزيرة أدت إلى فيضان نهر مارن، وهو أحد روافد السين.
ووصف التقرير هذا الفيضان بأنه "حدث يحصل مرة كل 100 عام خلال فصل الصيف"، ما فاجأ الجميع وأجبر السلطات على اتخاذ إجراءات استثنائية.
وفي هذا السياق، نقلت الصحيفة عن سيباستيان ميركلي، رئيس قسم السلامة والأمن في هيئة أحواض نهر السين الكبرى، قوله: "لقد قررنا هذا العام مضاعفة سعة التخزين الاستثنائية أربع مرات".
وأضاف أن فريقه يعمل على موازنة دقيقة بين الاحتفاظ بالمياه والسماح بتدفقها، لتجنب أي مفاجآت غير سارة قبل الحدث الأولمبي.
الاستعراض المائي
كشف تقرير " لوموند" عن تفاصيل مثيرة حول تنظيم الاستعراض المائي المرتقب، فالخطة تتضمن مرور 187 قاربًا على مدى 6 كيلومترات من محطة أوسترليتز إلى ساحة تروكاديرو، في رحلة محددة بـ42 دقيقة.
وستتوزع القوارب على ثلاثة مسارات، الأول مخصص للقنوات التلفزيونية، والثاني للوفود الرياضية، والثالث لفرق التنظيم والإدارة.
وأوضح التقرير أن المسافة بين كل قارب وآخر ستكون 150 مترًا بالضبط، لا أكثر ولا أقل، وسيتم مراقبة ذلك عن كثب باستخدام زوارق مطاطية.
كما سيشارك في العرض 8500 رياضي من أصل 10500 موجودين في باريس، مما يجعل هذا الحدث الأكبر من نوعه في تاريخ الألعاب الأولمبية.
تدفق المياه
أفادت " لوموند" أن السلطات الفرنسية اتخذت إجراءات غير مسبوقة للتحكم في منسوب نهر السين، ففي الوقت الذي يتم فيه عادة إفراغ خزانات المياه في يوليو، قرر المسؤولون هذا العام الاحتفاظ بأكبر كمية ممكنة من المياه.
ونقلت الصحيفة عن ريجين بام، محافظة منطقة هوت مارن، وجوزيان شوفالييه، محافظة منطقة جراند إيست، قرارهما بوقف أي "إعادة" للمياه من بحيرة دير إلى نهر مارن، وذلك للتخفيف من الضغط على المجرى المائي باتجاه باريس.
وأضاف التقرير أنه بمجرد انتهاء الدورة الأولمبية، سيتم فتح البوابات مجددًا للسماح بتدفق المياه.
وقال ميركلي: "سنعيد تدفق المياه بشكل أقوى لاستعادة قدرة تخزين جيدة، ثم سيتم إغلاق البوابات مرة أخرى مع اقتراب موعد الألعاب البارالمبية في نهاية أغسطس".
ترقب وأمل
في ختام تقريرها، أكدت "لوموند" أن السلطات الفرنسية تواصل مراقبة الوضع عن كثب، مع الأمل في أن تسمح الظروف بإقامة حفل افتتاح استثنائي يليق بمكانة باريس والألعاب الأولمبية.