تنطلق فعاليات أولمبياد باريس 2024، اليوم الجمعة، وسط توقعات بحفل افتتاح مبهر على نهر السين، لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يواجه تحديات سياسية غير مسبوقة، يأمل في استغلال الحدث الرياضي العالمي للحصول على هدنة سياسية تمكنه من إعادة ترتيب أوراقه الداخلية.
أزمات ماكرون السياسية
يدخل ماكرون أولمبياد باريس 2024 في أضعف حالاته السياسية منذ توليه الرئاسة، إذ تعرض لهزيمة قاسية من اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان الأوروبي في يونيو الماضي، أعقبها خسارة تحالفه لعشرات المقاعد في الانتخابات البرلمانية الفرنسية.
ونقلت "بوليتيكو" عن مصدر مقرب من ماكرون قوله: "نحتاج إلى استراحة، نحتاج إلى وقت للتهدئة، للتوقف عن الهجمات السياسية المتعددة والمتنوعة".
وأدى الوضع الحالي إلى عدم وجود أغلبية برلمانية لأي حزب أو تحالف، ما جعل تشكيل حكومة جديدة أمرًا بالغ الصعوبة، وهذا الجمود السياسي دفع ماكرون للدعوة إلى "هدنة سياسية" على أمل أن تمنحه الألعاب الأولمبية والعطلة الصيفية فرصة لإعادة تقييم الموقف وبناء تحالفات جديدة.
فرصة أولمبياد باريس
ويرى خبراء استطلاعات الرأي أن استضافة فرنسا لأولمبياد باريس 2024 قد توفر لماكرون "استراحة فعلية" من الضغوط السياسية، وقال ماثيو جالار، خبير استطلاعات الرأي في شركة إبسوس، لصحيفة "بوليتيكو": "سيكون كل اهتمام وسائل الإعلام والفرنسيين على الألعاب".
ومن المتوقع أن يستغل ماكرون هذه الفرصة لتحسين صورته العامة، إذ عُرف الرئيس الفرنسي بحبه للرياضة وحرصه على الظهور بمظهر "المدرب الوطني"، حيث يقدم خطابات تحفيزية للاعبي كرة القدم ويحتفل مع المنتخب الفرنسي، كما أنه يحرص على تصويره وهو يمارس الملاكمة ويلعب كرة القدم للأعمال الخيرية.
وسيكون حفل افتتاح أولمبياد باريس 2024 فرصة لماكرون لإظهار عظمة فرنسا أمام العالم، وفقًا لـ"بوليتيكو"، من المتوقع أن يكون الحفل عرضًا فنيًا ولوجستيًا استثنائيًا، مع موكب عائم على نهر السين ومشاهدين على ضفاف النهر.
سيستضيف ماكرون نخبة من المشاهير العالميين، بما في ذلك المغنية سيلين ديون ومغني الراب سنوب دوج والملياردير إيلون ماسك.
في تصريحات للتلفزيون الفرنسي نقلتها "بوليتيكو"، دعا ماكرون مواطنيه للشعور بالفخر بكونهم فرنسيين رغم الوضع السياسي المتوتر.
وقال: "سنستقبل العالم، إنه فخر هائل.. فرنسا دولة مضيافة، فرنسا جريئة.. فرنسا فخورة بتاريخها".
تحديات ما بعد الأولمبياد
رغم الآمال في أن تؤدي الهدنة الأولمبية إلى انفراجة في السياسة الفرنسية، يبدو المشهد السياسي معقدًا للغاية، إذ نقلت "بوليتيكو" عن برونو جانبارت، خبير استطلاعات الرأي، تشككه في إمكانية استفادة ماكرون من أي دفعة أولمبية، مشيرًا إلى اختلاف الوضع السياسي الحالي عما كان عليه في السابق.
كما أشار التقرير إلى مخاوف داخل حزب ماكرون "النهضة" من صعوبة التوصل إلى اتفاق في البرلمان لتشكيل حكومة، إذ صرح كريستوف فايسبرج، النائب السابق عن الحزب: "عندما تنتهي الألعاب الأولمبية، سنواجه مرة أخرى اليسار الذي يطالب الرئيس بقبول مرشحهم لرئاسة الوزراء وبرلمانًا مشلولًا، ما لم ينجح ماكرون في التفاوض على تحالف".