الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

شرط لاستمرار الجيش.. التجنيد الإجباري في السويد يلهم أوروبا

  • مشاركة :
post-title
تضاعف عدد المجندين في الجيش السويدي إلى حوالي 8000 هذا العام من 4000 عام 2017

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

سلّط وزير الدفاع السويدي، بال جونسون، الضوء على قيمة التجنيد الإجباري في سلسلة من الخطابات التي ألقاها، لافتًا، خلال جلسة برلمانية عقدت أخيرًا في ستوكهولم، إلى أن التجنيد الإجباري شرط أساسي لاستمرار نمو القوات المُسلحة.

وقال جونسون: "لا يمكن تلبية احتياجات تنظيمنا العسكري بالاستعانة بأفراد مستأجرين فقط".

وبالإضافة إلى 14,850 فردًا يعملون بدوام كامل، تضاعف عدد المجندين في الجيش السويدي إلى حوالي 8000 هذا العام، من 4000 في عام 2017، عندما أعيد تقديم الخدمة العسكرية الإلزامية المحايدة بين الجنسين بعد توقف دام سبع سنوات.

وقالت الحكومة السويدية إنها تريد رفع هذا العدد إلى 10000 سنويًا في الأمد القريب، في حين يبدو أن تصميم نظام التجنيد الجديد، يسمح بالتوسع إلى ما هو أبعد من ذلك إذا لزم الأمر.

إزالة الغبار

يلقي تقرير للنسخة الأوروبية لصحيفة "بوليتيكو" الضوء على "تيجيلودسفاجن"، وهو مبنى إداري عادي يقع على حافة العاصمة السويدية ستوكهولم، لكنه في الوقت نفسه، مركز اختبار التجنيد، ومحطة لا بد من زيارتها بالنسبة لمسؤولي الدفاع الأوروبيين، الذين يحاولون معرفة كيفية إقناع المزيد من شبابهم بارتداء الزي العسكري.

ويقوم المركز، إلى جانب اثنين آخرين في مدينتي "جوتنبرج" و"مالمو"، بفحص 110 آلاف مراهق هذا العام، واستدعاء حوالي ربع هؤلاء؛ لإجراء فحوصات بدنية وعقلية، ثم اختيار الثلث الأفضل للخدمة بين تسعة أشهر وخمسة عشر شهرًا في الجيش، سواء أرادوا ذلك أم لا.

هذا النموذج مصمم لإعادة تشكيل الجيش السويدي، الذي تم تقليص عدد أعضائه بعد نهاية الحرب الباردة. حيث اضطر زعماء البلاد إلى التراجع عن موقفهم بعد ضم روسيا لمنطقة القرم قبل عقد من الزمان "وهو ما أظهر أن التهديد آخذ في الارتفاع مرة أخرى في الشرق"، وفق التقرير.

ولفتت "بوليتيكو" إلى أن هذا النظام يجذب الانتباه في العواصم الأوروبية الكبرى، بما في ذلك برلين ولندن وأمستردام، حيث يسعى المسؤولون جاهدين لإيجاد السُبل لتعزيز قواتهم المستنفدة.

ويتناول التقرير التجنيد الإجباري في السويد، مُشيرًا إلى أن هذا التحول "أحدث هزّة في مجتمع لم يخض حربًا منذ أكثر من مائتي عام".

يقول: "إلى جانب انضمام السويد أخيرًا إلى حلف شمال الأطلسي، فإن إزالة الغبار عن الخدمة العسكرية كان من شأنه أن يؤدي إلى إعادة توجيه عقلي خطير للمراهقين الذين لم يروا بالضرورة تزويد الطائرات المقاتلة بالوقود، أو العمل في مطبخ الغواصات، كجزء من خططهم المهنية".

استراتيجية "الدفاع الشامل"

يبدأ نظام التجنيد السويدي بإرسال استبيان إلى جميع الذين يبلغون من العمر 18 عامًا -رجالًا ونساءً- يسأل عن الصحة، والتعليم، والشخصية، والسجل الجنائي، والمواقف تجاه الخدمة. وإذا أعجبت القوات المسلحة بالإجابات، ولم تكن هناك مشاكل صحية، فسيتم استدعاء المراهق لإجراء الاختبار؛ وأي شخص يرفض الإجابة يواجه الغرامة أو السجن.

وفي الوقت نفسه، يتعرض الجميع لحملة إعلامية تسلط الضوء على فوائد الخدمة العسكرية في التنمية الشخصية، واستراتيجية الدفاع عن المجتمع بأسره في البلاد، والمعروفة باسم "الدفاع الشامل".

وتقول إحدى الكتيبات الرسمية: "إن الدفاع الشامل في السويد يهدف إلى حماية ديمقراطيتنا ومصالحنا وحقنا في العيش كما نريد. وبصفتك مجندًا، فإنك تقدم مساهمة لا تقدر بثمن للسويد، لأنك تساهم في تأمين هذه الحرية".

ويبدأ أي شخص يتم استدعاؤه للاختبار في "تيجيلودسفاجن" باختبار القدرات العقلية لمدة ساعة على جهاز كمبيوتر. ومن يفشلون يعودون إلى منازلهم. أما الذين يجتازونه، فيواجهون بعد ذلك اختبار القدرة على التحمل على دراجة تمارين رياضية واختبار القوة.

بعد كل هذا، يخوض المرشحون محادثة معمقة مع طبيب نفسي، ويخضعون لسلسلة من اختبارات السمع والبصر.

عند هذه النقطة، تنتهي الاختبارات، ويعود المرشح المحتمل إلى منزله لينتظر ويرى ما إذا كانوا سيقررون ما إذا كانوا سيضعونه في المجموعة التي ستؤدي الخدمة، أم في المجموعة الثانية التي سيتم استبعادها.

ويُشير التقرير إلى أن الجيش السويدي يحتاج إلى مجموعة واسعة من الوظائف لملئها بالمرشحين المناسبين "فهم بحاجة إلى جنود مشاة في القطب الشمالي، غواصين تحت بحر البلطيق، وفنيين مرنين لإصلاح محركات من جميع الأنواع، وملاحين مدربين لضمان وصول سفن البحرية إلى المكان المفترض أن تصل إليه".

وسيقضي الذين يتمتعون بقدرات قيادية 15 شهرًا في قيادة المجندين الآخرين، بينما يخدم المجندون العاديون تسعة أشهر فقط.

النموذج السويدي

قريبًا، قد يبدأ الشباب في الدول الأوروبية الأخرى في السير على خطى هؤلاء المراهقين السويديين، حيث زار وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس مركز "تيجيلودسفاجن" قبل بضعة أسابيع، وغادر المكان قائلًا إنه "تعلم دروسًا" من أجل وطنه.

كما تم إرسال مسؤولين هولنديين إلى "تيجيلودسفاجن"، في حين سلط عدد من كبار المسؤولين السابقين في المملكة المتحدة، بما في ذلك رئيس وكالة الاستخبارات الخارجية السابق (MI6)، الضوء على ما يرون أنه "مزايا النظام السويدي" الخاص بالتجنيد.

وقال الوزير الألماني للصحفيين في ستوكهولم "نحن بحاجة إلى رجال ونساء شباب متحمسين للدفاع عن بلادنا إذا لزم الأمر. لقد سمعت الكثير عن النهج السويدي، وأنا أقدر ذلك. نهجكم يشمل قوة احتياطية قوية، وقد رأينا في أوكرانيا أن هذا مهم".

وفي الثاني عشر من يونيو الماضي، اقترح بيستوريوس فرض الخدمة العسكرية الانتقائية والتركيز على المتطوعين باعتبارها "خطوة أولى".

وأوضحت "بوليتيكو" أن خطة بيستوريوس، التي يدرسها الآن المشرعون وشركاء الوزير في الائتلاف، سوف تطلب من كل الرجال الذين تبلغ أعمارهم 18 عامًا -ويتوقع المخططون أن يبلغ عددهم 400 ألف رجل سنويًا- ملء استبيان؛ ومن بين هذا العدد سوف يتم اختيار نحو 40 ألفًا للخضوع لفحص طبي، ثم يتم السماح لعشرة آلاف آخرين بالتدريب الأساسي.