في الأشهر الأخيرة، تابعت الصين عن كثب المشهد السياسي المضطرب في الولايات المتحدة بمزيج من الإعجاب والقلق، إذ توضح التقارير الواردة من وسائل الإعلام الرسمية الصينية تحولًا ملحوظًا في النظرة نحو مكانة أمريكا العالمية.
اعتُبرت مشكلات الرئيس جو بايدن وأخطاؤه العامة من قِبل الكثيرين في الصين علامة على انحسار هيبة الغرب بشكل عام، ومع هذا الإحساس بالارتياح الناتج عن الضرر الذي تعرّضت له أمريكا، هناك قلق واضح بين المسؤولين الصينيين حيال عودة رئاسة دونالد ترامب مرة أخرى، مع مخاوف من التقلبات التي قد يجلبها معه.
وعبّر متابعون صينيون عن دعمهم لحاكم ولاية كاليفورنيا، جافين نيوسوم، الذي التقى بزعيم الصين شي جين بينج في بكين العام الماضي، إذ ينظرون إليه باعتباره أكثر إمكانية للتفاهم والحوار مع الصين، على عكس الإدارة الحالية، حسبما رصدت مجلة "ذي إيكونوميست".
ووفقًا لتحليل نشرته المجلة، تقف بكين على توازن حساس بين الارتياح والقلق، فبالرغم من الرضا المعتدل الذي قد يشعر به الصينيون من حالة التفكك الداخلي في الولايات المتحدة، فإن احتمالية عودة ترامب تضيف حالة من عدم اليقين في حسابات استراتيجية الصين.
وتتصاعد النقاشات داخل الدوائر السياسية الصينية حول أي من الزعماء الأمريكيين سيخدم مصالح الصين بشكل أفضل، إذ يدعم كل من بايدن وترامب فرض رسوم جمركية أكثر صرامة على السلع الصينية، لكن توجهات السياسة الخارجية لترامب تضيف طبقة إضافية من التعقيدات.
ويشير تقرير من معهد "بروكينجز" إلى أن المسؤولين الصينيين يشعرون بالقلق من أن بايدن قد يستمر في سياساته الشديدة في المنافسة الاقتصادية مع الصين، خاصة وأنهم لا يعرفون بالضبط أي نوع من السياسات التي قد يفضلها الرئيس ترامب، في ظل حديث مستشاري حملته عن أساليب صارمة للغاية في التعامل اقتصاديًا مع بكين.
وبغض النظر عن الفائز في الانتخابات الأمريكية المقبلة، هناك اتفاق عبر الطيف السياسي الأمريكي على أن رغبة الصين في خلق نظام عالمي متعدد القطبيات يجب أن تكون محدودة، كما يرون أن النتيجة ستؤثر بالتأكيد على علاقات الولايات المتحدة مع الصين وعلى المشهد الجيوسياسي العالمي في السنوات المقبلة.
وعلّقت صحيفة "ذا هيل" الأمريكية على زيارة "نيوسوم" للصين، قائلة إن المُعلن أن حاكم كاليفورنيا يدير حملة ظل للترشح للرئاسة عن الحزب الديمقراطي، إلا أنها قد تتحول لحملة رئاسية شخصية له، ففي حالة استسلام بايدن لواقع عمره وتراجع قدراته العقلية، من المحتمل أن يكون نيوسوم هو الرئيس الفعلي للولايات المتحدة، حال انتخاب بايدن لولاية جديدة في البيت الأبيض.
وقالت الصحيفة، إن احتمالية انسحاب بايدن من هذه الانتخابات بعيدة، لكن سواء رحل بايدن العام المقبل أو في عام 2028، فإن الديمقراطيين لديهم جافين نيوسوم للاعتماد عليه، مشيرة إلى أنه البديل الأفضل لبايدن.
في حين يواصل العالم مراقبته لكيفية تكيف الصين مع هذه التحولات غير المتوقعة، تظل الحسابات الاستراتيجية والقرارات السياسية لبكين محط اهتمام دولي لتحديد كيفية تكيفها مع تحولات ديناميكيات القوة العالمية.