نشرت صحيفة "ميكوميت" العبرية شهادات لعدد من جنود الاحتلال الإسرائيلي ممن توغلوا في قطاع غزة، أشار بعضهم فيها إلى أنهم كانوا يطلقون النار على الفلسطينيين العزّل "لقتل الملل"، أو لأنهم دخلوا منطقة يقرر الجيش أنها محظورة، أو لأنهم اقتربوا من الجنود.
وقال أحد الجنود في هذا السياق: "لقد سُمح بإطلاق النار على الجميع".
وشهد ستة جنود تحدث إليهم المصور الإسرائيلي أورين زيف، أنه لم تكن هناك أبدًا سياسة منظمة لإطلاق النار في غزة، وأن إطلاق النار يتم في كثير من الأحيان حتى بدون أهداف محددة، بما في ذلك إطلاق النار الذي يبدو ظاهريًا غير رسمي، ويتم منح هذا الإذن ليتم إطلاق النار تلقائيًا تقريبًا، حتى على المباني.
ووفقًا للمنشور، فإن مصطلح "إطلاق النار المناسب"، الذي كان يهدف في الأصل إلى التمييز بين إطلاق النار من قِبل الجيش وإطلاق النار من المقاومة الفلسطينية، أصبح في كثير من الأحيان كلمة رمزية لإطلاق النار دون سبب.
وكتب زيف: "خلاصة القول، شهد الجنود، أنه لا توجد قيود حقيقية على إطلاق النار".
ووصف الجنود أنهم شاهدوا خلال خدمتهم في قطاع غزة العديد من جثث الفلسطينيين متناثرة في المنطقة، وأن الجيش لا يعمل على إجلائهم.
وقال أحد الجنود إن الجيش "طهّر" المنطقة من الجثث قبيل دخول القوافل الإنسانية التابعة لمنظمات الإغاثة الدولية. كما وصف اثنان من الجنود "سياسة ممنهجة تتمثل في حرق منازل الفلسطينيين بعد مغادرة الجنود لها".
قتل عشوائي
نقل التقرير عن أحد الجنود قوله إنه إذا اقترب شخص ما، يجوز إطلاق النار عليه في مركز الكتلة (الجسم)، وليس في الهواء.
ووفقًا له: "يجوز إطلاق النار على الجميع، فتاة أو امرأة عجوز، ولكن إذا كان طفلًا، عليك أن تشرح سبب إطلاق النار". لكن، بشكل عام، يتم إطلاق النار على امرأة عجوز أو فتاة بجانبهما أو في الساق، على أمل أن يهربوا إلى المدارس والمستشفيات".
وقال الجندي: "سمعنا عبارات كثيرة: ليس هناك أبرياء، لماذا لم يهربوا، هذه منطقة حرب، لماذا ليسوا في رفح الفلسطينية؟" لكنه شهد أنه "من الصعب معرفة مَن هم المدنيون، كلهم مدنيون. كل رجل يتراوح عمره بين 16 و50 عامًا مشتبه به كإرهابي".
وأضاف: "لقد تعلم الفلسطينيون ألا ينظرون إلى القوات. عندما ندخل، فإنهم يهربون، وهذا يخلق حلقة أمان، ومنطقة معقمة".
وقال الجندي إنه حتى بعد أن أطلق الجنود النار وقتلوا ثلاثة مجتجزين إسرائيليين في الشجاعية في ديسمبر الماضي، على الرغم من أنهم رفعوا العلم الأبيض ولم يشكلوا تهديدا للقوات، فإن تعليمات إطلاق النار لم تتغير".
ولفت جندي احتياط خدم في قطاع غزة، إلى أن عددًا من المدنيين الفلسطينيين الذين قتلوهم "جاءوا إلى المنطقة التي مرت فيها القوافل لجمع بقايا الطعام، لكن السياسة كانت تقضي بإطلاق النار على أي شخص يحاول دخول المنطقة".
وأشار جندي آخر إلى أنهم يطلقون النار كثيرًا، حتى بدون سبب "أي شخص يريد إطلاق النار، مهما كان السبب، يطلق النار، ثم يبلغ عن أن الأمر طبيعي".
وفقًا للجندي، فإن إطلاق النار العشوائي هذا "يأتي من الأعلى والأسفل، سفن البحرية، الدبابات، الطائرات، وأيضًا الأسلحة الصغيرة بشكل رئيسي. أنا شخصيًا صعدت إلى الموقع وأطلقت بضع رصاصات على البحر أو على مبنى مهجور، ويقال إنه اسم رمزي لـ"أنا أشعر بالملل فأطلق النار".
إخفاء وحرق
قال ضابط يخدم في جناح العمليات إن إطلاق النار على المستشفيات والعيادات والمدارس والمؤسسات الدينية ومباني المنظمات الدولية، عادة ما يتطلب موافقة هيئة الأركان العامة "نحن نطلب الإذن، لكن من الناحية العملية، تبدو الموافقة رسمية فقط، يكون السائد هو أن ما هو مطلوب ستتم الموافقة عليه، لا تقلق".
وتساءل الضابط عن عدد أعضاء حماس الذين أبلغ الجيش عن مقتلهم. وقال: "عندما أبلغنا اللواء 17 عن عدد القتلى في اليوم الأخير، حسبنا كل شخص قتلناه إرهابيًا. كان الهدف هو عد القتلى. الكل يريد أن يظهر ليقول قضينا على مقاتلي حماس".
ويتفق هذا التصريح مع ما نشره شاي ليفي مراسل "ماكو" العسكري، الذي أشار إلى أن طائرة مسيّرة تعمل تحت لواء بتصفية الفلسطينيين في منطقة عمليات لواء آخر "وتشاور ضباط من اللواءين فيما بينهم حول من يجب أن يتم تسجيل الاغتيالات. سجل معي ومعك"، هكذا قال أحدهما للآخر، بحسب المنشور.
أيضًا، شهد الجنود أن العديد من جثث المدنيين الفلسطينيين ظلت متناثرة في المناطق المفتوحة وعلى الطرق.
وقال جندي احتياط: "كانت المنطقة بأكملها مليئة بالجثث. آسف على الوصف، لكن هناك كلابًا وأبقارًا وخيولًا نجت من القصف، وليس لديها مكان تذهب إليه. لا يمكننا إطعامهم، ولا نريدهم أن يقتربوا كثيرًا أيضًا. لذا أحيانًا ترى كلابًا تتجول حول أجزاء من الجثث المتعفنة وتأكل الموتى".
ويتم إخلاء الجثث، كما وصف الجندي، قبل وصول القوافل الإنسانية "تنزل طائرة من طراز D-9، ومعها دبابة، وتقوم بتطهير المنطقة من الجثث، تدفنها تحت الأنقاض، حتى لا تراها القوافل".
وعلى حد تعبيره: "رأيت العديد من المدنيين، عائلات ونساء وأطفال. هناك قتلى فلسطينيون أكثر مما ورد في التقارير. كنا في منطقة صغيرة. كل يوم، يُقتل واحد أو اثنان من المدنيين، ولا أعرف من هو الإرهابي ومن هو غير ذلك، لكن معظمهم لم يحملوا السلاح".
كما أشار جنديان إلى أن "حرق المنازل" هي سياسة يتبعها الاحتلال "كنت أقف خارج المنزل، وجاء أحد الأصدقاء وأحرق المنزل من تلقاء نفسه".
وفي خان يونس، بحسب الجندي، كان الحرق منظمًا بالفعل. وكرر: "إذا انتقلت، عليك أن تحرق المنزل. كان ذلك في وسط خان يونس، ولا يوجد سيناريو أنه جزء من أي قطاع أمني. لم تكن هناك مشكلة تشغيلية. سألت النائب، فقال إننا لا نترك المعدات العسكرية، وإننا لا نريد للعدو أن يرى أساليب القتال لدينا".