الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

جورج وسوف.. سلطان الطرب الذي أحب كوكب الشرق والعندليب واعترض على الأغاني الهابطة

  • مشاركة :
post-title
المطرب السوري جورج وسوف

القاهرة الإخبارية - محمد عبد المنعم

يقف طفل في العاشرة من عمره بين زملاءئه في المدرسة بسوريا، وتحديدًا في مدينة حمص، ليغني موالًا فيبهر كل الحضور، ولكن هذا الإبهار لم يتوقف عند جدران المدرسة، فهناك من سجّل هذا الموال وبدأ في توزيعه لينتشر في أرجاء سوريا، ومنها يعبر الحدود إلى الوطن العربي، الكل يستمع ويستمتع بهذا الصوت الساحر، ولكن لا يعرفون صاحبه، ولكنه قرر أن يستغل هذا الانتشار ويحاول أن يعيد غنائه، وينتشر ليعرفهم من هو؟، وما هي مقومات صوته الذي عشق الفن.

لم تسر الأمور كما يريد جورج وسوف، الذي يحتفل اليوم بعيد ميلاده، حيث بدأت العواقب، وحينما عرف والده بما فعله عنّفه ورفض دخوله هذا العالم، لكنه لا يعرف أن الفن اختار قلب ابنه، وجعله عاشقًا يسير في هيام وراء معشوقته، فلم يستمع السلطان العاشق إلى ما قاله والدهن وقرر أن يسير بين البلاد يغني، وترتسم معاناته في مقطع لإحدى أغانيه التي قدمها بعد ذلك "يا قلبي مين يداويك، يا قلبي مين اللي حاسس بيك، كل اللي حاصل ليك يا قلبي، من الحب الأولاني"، يقويه العشق فيتحمل الصعاب ويواجهها وينام على الأرصفة ليصنع مجداً، استحق عليه لقب سلطان الطرب.

جورج وسوف

الطفل المعجزة كما كان يلقبه أهل لبنان والمولود عام 1961، انتشر صوته بين البلاد العربية وهو ابن الثالثة عشر من عمره، وأصبح يُطلب في أكثر من مكان في البلاد العربية ليستمعوا إلى صوته، الذي يُقدم الطرب الأصيل والمواويل بكل هذه البراعة، وكوّن فرقة وسار معهم وراء الحلم، حتى وصل سن السادسة عشر من عمره ليغني "يا عاشقين الهوى سلطان، أشكي للزمان، ويقول لي الزمان على القلوب الهوى سلطان".

كان يحب السُلطان أن يستمع إلى أغاني كوكب الشرق أم كلثوم والعندليب عبد الحليم حافظ، وظلا معه في كل حفلاته، ويرجع السبب في هذا التعلق بأغاني الطرب والشرق الأصيل، هو خامة صوته القوية التي تعشق كل ما هو مميز وأصيل، فلم ينس الأصالة وأحبّ أن يحافظ على هويته العربية ويقول في لقاء متلفز: "علينا أن نحتفظ بالأصالة الوفية واللغة العربية، وكل فنان مطلوب منه يهذب صوته بالاستماع إلى نجوم الزمن الجميل، وليس سهلاً على المطرب الرجل تحديداً أن يغني لكوكب الشرق أم كلثوم". 

هذه الأصالة جعلت جورج وسوف يعترض على انتشار الأغاني الهابطة، وقال عن ذلك لقاء متلفز: "انتشارها مسؤولية الكل، لأنه حينما يكون هناك مطرب جديد لن يميز الكلمات، ومهما انتشرت الأغنية واللحن في الوطن العربي لن تستمر، ولن يصبح صاحبها نجماً، لأن بقاء الأغاني الهابطة قصير". 

قدّم السلطان أكثر من 20 ألبومًا في مشواره الفني، بجانب الأغاني المنفردة والكليبات، وعمل مع كبار الشعراء والملحنين في الوطن العربي، مُرجعاً سبب هذا النجاح الكبير إلى الصدق حسبما أكد: "النجاح مش أغنية ولا لحن النجاح صدق وأنا كنت صادق ونُلت النجاح، كما أنني حينما اختار الأغاني الخاصة بي لا يُهمني من يكتبها أو يلحنها بل يُهمني أن تصل لي بصدق، وأن تكون أغاني تحمل معنى وفكرة".

 "ياللي تعبنا سنين في هواه، عامل نفسو ما يعرفناش.. بعد العمر ده كله معاه، فاتنا وقال راجع ولا جاش"، صعد نجم السلطان بقوة، وبهذه الكلمات عشقه الجمهور المصري، وكان ينتظر حفلاته في مصر، وعن ذلك يقول "وسوف": "حضر لي في أول حفل في القاهرة 1500 فرد، وعشقوا كلمات أغنيتي وأحببت حبهم لي وكان لي نصيب أن انتشر بسبب هذه الأغنية في الوطن العربي أكثر".

"فعلت كل شيء مُبكرًا".. هكذا يصف جورج وسوف حياته، فقد تزوج مرتين الأولى في سن الحادية وعشرين من عمره، وأنجبَ منها ثلاثة أولاد، هم وديع وحاتم وجورج جونيور، وظل مع زوجته التي تعرف عليها في حفل 28 عاماً، وانفصلا بعدها وتزوج من بطلة رالي، وأنجب منها طفلة تدعى عيون، ورغم ما مر به السلطان في حياته، إلا إنه يقول: "الحياة بسيطة وبعرف أعيشها وأنا دائماً أخذ الحياة ببساطة".

تلك البساطة التي وصفها جورج وسوف هي ما جعلته يُكمل مشواره، فرغم إصابته بجلطة دماغية عام 2011 أثرت عليه ثلاث سنوات، إلا أنه عاد ووقف في حفل بين جمهوره، وقال بكل قوة وصلابه: "لقد أتيت اليوم لأقول لجمهوري إنني ما زلت قادراً على الغناء"، وما زال السلطان يُبدع حتى الآن، ويُمْتِع جمهوره من حين لآخر، وستظل مسيرته باقية بيننا، فهو كتاب مفتوح لا تكفيه كلمات أو حلقات لنحكي عن هذا المطرب الكبير.

المطرب جورج وسوف