عقب زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأخيرة إلى كوريا الشمالية، وتوقيعه مع زعيمها كيم جونج أون معاهدة أمنية مشتركة، أصبح تفكير سول يركز على كيفية ردع ما تراه تهديدات نووية محتملة من قبل "كيم وبوتين".
وكشف استطلاع للرأي، أن ما يصل إلى 66% من الكوريين الجنوبيين، يعتقدون أن الدولة بحاجة إلى تطوير ونشر رادع نووي مستقل، مقابل 60.2% رأوا الأمر نفسه في العام الماضي.
تقارب يثير القلق
وتشير التقارير إلى أن كوريا الشمالية زودت "بوتين" بملايين القذائف المدفعية والصواريخ قصيرة المدى خلال الحرب الأوكرانية المستمرة لأكثر من عامين، وفي المقابل، حصلت على الوقود الروسي بكميات تتجاوز ما تم تحديده في عقوبات الأمم المتحدة، بالإضافة إلى إمدادات الغذاء، والتكنولوجيا اللازمة للبرامج النووية والصاروخية والفضائية.
وفي هذا الصدد، قال هان دونج هون، وهو سياسي من المتوقع أن يترشح لزعامة حزب قوة الشعب الحاكم في المستقبل بكوريا الجنوبية، إن العلاقة الوثيقة بين بيونج يانج وموسكو أثارت القلق في سول.
ونقلت وكالة "يونهاب" الكورية الجنوبية، عن "هان" قوله: "بما أن الوضع الدولي يمكن أن يتغير دائمًا، فيجب علينا أن نتحرك على الأقل إلى حد تجهيز أنفسنا بالقدرات المحتملة للانتقال إلى الطاقة النووية عندما نقرر القيام بذلك".
وقال السياسي الكوري الجنوبي: "تعزيز الأمن القومي بقوة نووية أمر ضروري بالتأكيد، نظرًا للوضع الأمني العالمي المتغير باستمرار، لذا فإن الاعتماد على حلفائنا وحدهم يشكل قيودًا".
وفي اليوم نفسه، نشرت صحيفة "كوريا تايمز" افتتاحية بعنوان "استكشاف الخيارات النووية"، سلطت فيها الضوء على العداء المتزايد من جانب روسيا وكوريا الشمالية، التي يبدو أنها تشجعت بتحالفها مع موسكو.
تحدي العقوبات الدولية
وصعدت بيونج يانج، أول أمس الاثنين، من التوتر في المنطقة مرة أخرى بإطلاقها صاروخين باليستيين، يبدو أن أحدهما تعطل أثناء الطيران.
ويُحظر على كوريا الشمالية اختبار القذائف الباليستية من قبل الأمم المتحدة وتواجه عدة عقوبات بسبب تطوير قدراتها النووية.
وأعلنت كوريا الشمالية، أمس الثلاثاء، أن جيشها سيجري إطلاقًا آخر لنفس النوع من الصواريخ هذا الشهر، لاختبار "قوة الانفجار" للرأس الحربي الكبير للغاية، حسبما ذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية.
ورغم تصاعد التوترات والخطر الذي يشكله الشمال، فإن الخطة النووية في الجنوب لا تحظى بدعم كبير، إذ وصف حزب المعارضة الرئيسي، الحزب الديمقراطي، الاقتراح بأنه "غير مسؤول وخطير للغاية"، بينما قالت افتتاحية في صحيفة "كوريا جونج آنج اليومية"، إن الأمة ستدفع "ثمنًا باهظًا لتسليح نفسها بالأسلحة النووية".
مناقشة القدرات النووية
وقالت ليم أون جونج، الأستاذة المشاركة للدراسات الدولية بجامعة كونجو الوطنية، إن العديد من الكوريين الجنوبيين يعتقدون أن الولايات المتحدة، التي كانت تريد تجنب الانتشار النووي، منعتهم في الماضي من تطوير قوة ردع نووية.
وأضافت: "كوريا الشمالية واصلت صقل قدراتها النووية، منذ القمة الفاشلة في هانوي عام 2019، وهناك أشخاص يعتقدون أنه لا يمكن موازنتها بالأسلحة التقليدية التي لدينا في الجنوب"، بحسب شبكة "دويتش فيله" الألمانية.
وتابعت: "يعتقدون أن علينا أن نوازن بين الأسلحة النووية التي يملكها الشمال وأسلحتنا، لأن التحالف مع الولايات المتحدة لا يشكل ضمانة بنسبة 100% ضد قيام الشمال بشن هجوم نووي".
ومع ذلك، تحدثت "ليم" أنها تعارض شخصيًا وجود رادع نووي مستقل في الجنوب "لأن التحالف بين كوريا والولايات المتحدة كافٍ لردع الشمال بشكل فعال عن استخدام الأسلحة النووية".
فيما، قالت أستاذة القانون الدولي في جامعة دانكوك، بارك جونج وون، إن حكومة الرئيس يون سوك يول يجب أن تعتبر فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل أمرًا مفروغًا منه وبالتالي "تنظر في خيارات مختلفة، بما في ذلك الخيارات النووية، لحماية الأمن القومي ضد كوريا الشمالية".
وترى "بارك" أن جميع الاتفاقيات مع الإدارة الأمريكية الحالية "يمكن أن تضعف بشكل أساسي أو حتى تلغى مع إعادة انتخاب ترامب، لذلك ينبغي للحكومة الكورية الجنوبية أن تعالج هذا الوضع الفوضوي بشكل استباقي للتعبير عن موقفها".