في محاولة منه لاستعادة زخمه الانتخابي، استطاع الرئيس الأمريكي جو بايدن، أن يقلب الطاولة على منتقديه بعد أداء متواضع في المناظرة الرئاسية، أمس الجمعة، أمام منافسه دونالد ترامب، إذ في تجمع انتخابي بولاية كارولاينا الشمالية، ظهر بايدن بصورة مغايرة تمامًا، مُفعمًا بالحيوية والحماس، ما أعاد الأمل إلى قاعدته الانتخابية وأربك حسابات خصومه السياسيين.
هذا التحول المثير في أداء بايدن، الذي وصفه مراقبون بأنه "مختلف كالليل والنهار"، يفتح الباب أمام تساؤلات عديدة حول ديناميكيات السباق الرئاسي الأمريكي المقبل، وقدرة بايدن على مواجهة التحديات المتزايدة.
بايدن يستعيد الزخم
في مشهد مليء بالحماس والطاقة، وقف بايدن أمام حشد متحمس في مدينة رالي بولاية نورث كارولاينا، ليُلقي خطابًا استمر 15 دقيقة كان كفيلًا بتغيير الانطباعات السلبية التي خلفتها المناظرة الرئاسية، إذ إنه وفقًا لما نقلته صحيفة "الجارديان" البريطانية، بدا صوت بايدن أعلى وأكثر حيوية، وهو يصرّح بثقة: "أعرف ما يعرفه ملايين الأمريكيين، عندما تسقط، عليك أن تنهض مرة أخرى". إذ أشارت الصحيفة إلى أن هذه الكلمات لم تكن مجرد شعار بل بدت وكأنها تجسيد حي لحالة بايدن نفسه، الذي استطاع النهوض سريعًا بعد كبوة المناظرة.
لم يكتفِ بايدن بالدفاع عن نفسه، بل شن هجومًا لاذعًا على منافسه دونالد ترامب، الذي وصفه بأنه "يمتلك أخلاق قط الأزقة"، مضيفًا بسخرية أن ترامب حقق رقمًا قياسيًا جديدًا في عدد الأكاذيب التي قيلت في مناظرة واحدة".
هذه التصريحات النارية عكست استراتيجية بايدن في تأطير المعركة الانتخابية كصراع بين الصدق والكذب، بين النزاهة والفساد.
تفاعل الجماهير
كان رد فعل الجمهور على خطاب بايدن بمثابة مقياس لمدى نجاحه في استعادة الثقة، إذ وصفت بريندا بولارد، مندوبة للمؤتمر الوطني الديمقراطي بولاية كارولاينا الشمالية، الفرق بين أداء بايدن في المناظرة وفي التجمع بأنه "مختلف كالليل والنهار".
وأضافت: "بالنسبة لي، اليوم كان هو نفسه. إنه يستمد طاقته من الناس. الليلة الماضية لم يكن لديه ذلك".
رغم وجود بعض المساحات الفارغة في المدرجات، إلا أن الحماس كان واضحًا في هتافات الجمهور، وعندما بدأ بايدن الحديث عن قدرته على أداء مهام الرئاسة في منتصف الثمانينيات من عمره، هتف الحشد مشجعًا: "نعم، تستطيع!".
قضايا مُلحة
في خطابه تطرق بايدن إلى مجموعة واسعة من القضايا، من الإنترنت عالي السرعة إلى أمن الحدود، لكن ما لفت الانتباه هو تركيزه على القضايا التي تمس حياة المواطن الأمريكي العادي بشكل مباشر، إذ إنه وفقًا لتقرير "الجارديان"، أكد العديد من الحاضرين أن قضايا مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية وسلامة المدارس والعنف المسلح كانت على رأس أولوياتهم.
شهادات مؤيدة لبايدن
أحد أبرز الجوانب في خطاب بايدن كان التباين الحاد الذي رسمه بين سياساته وسياسات سلفه دونالد ترامب، ومن جانبه؛ قدم ويسلي بويكين، الذي ترشح كديمقراطي للهيئة التشريعية للولاية، عام 2022، شهادة مؤثرة حين قال إنه كرجل أسمر البشرة شعر بالخوف عندما كان ترامب رئيسًا، لكنه لم يعد يشعر بنفس الخوف خلال إدارة بايدن.
قدمت تينا برونر، أمينة سر الدائرة الديمقراطية في الولاية، منظورًا آخر حين أشادت بتعامل بايدن مع جائحة كورونا، إذ قالت: "الطريقة التي تعامل بها ترامب مع الوباء كانت مرعبة، وشعرت على الفور أننا سنخرج من هذا عندما تولى جو السلطة".
تحديات مستمرة
رغم النجاح الظاهر لبايدن في هذا التجمع الانتخابي، إلا أن التحديات لا تزال كبيرة أمامه، فالانتقادات حول عمره وقدرته على تحمل ضغوط المنصب لم تختفِ تمامًا، كما أن المنافسة مع ترامب، المعروف بقدرته على حشد قاعدته الانتخابية لا تزال محتدمة.
بايدن نفسه أقر بهذه التحديات في خطابه، قائلًا: "لا أمشي بسهولة كما كنت من قبل، لا أتحدث بسلاسة كما كنت من قبل، لا أناظر جيدًا كما كنت من قبل، لكنني أعرف ما أعرفه. أعرف كيف أقول الحقيقة"، هذا الاعتراف الصريح بنقاط ضعفه مقرونًا بتأكيده قيمة الصدق، يمثل استراتيجية جريئة في مواجهة الانتقادات.