في أعقاب المناظرة الرئاسية الأولى بين الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن وسلفه دونالد ترامب، ضجّت الصحف العالمية بتحليلات وتقارير تصفها بـ"الكارثة السياسية".
من نيويورك تايمز إلى لوموند الفرنسية، ومن وول ستريت جورنال إلى الصحف الآسيوية، تناولت وسائل الإعلام الحدث بنظرة نقدية حادة، مركزة على أداء بايدن المتعثر وتداعياته المحتملة على السباق الرئاسي، ونستعرض كيف عكست الصحافة العالمية صدى هذه المناظرة، وما كشفته من تحديات تواجه الحزب الديمقراطي والسياسة الأمريكية ككل.
صدمة وقلق في أروقة الديمقراطيين
افتتحت صحيفة "نيويورك تايمز" صفحتها الأولى بعنوان صادم: "أداء متعثر، وحزب في حالة ذعر"، هذا العنوان لم يكن مجرد وصف لليلة المناظرة، بل كان بمثابة جرس إنذار دقّ في أروقة الحزب الديمقراطي.
وفي عمود رأي لافت، خرج نيكولاس كريستوف، الكاتب الديمقراطي المعتدل، عن المألوف بدعوته الصريحة لبايدن بالانسحاب من السباق الرئاسي، قائلًا: "بايدن رجل صالح... لكني آمل أن يراجع أداءه في مناظرة الخميس مساءً وينسحب من السباق".
هذه الدعوة الجريئة من كاتب محسوب على التيار الديمقراطي، تعكس حجم القلق الذي يسود الحزب.
وفي خطوة استباقية، اقترح "كريستوف" بدائل محتملة مثل جريتشن ويتمر، حاكمة ميتشيجان، والسيناتور شيرود براون من أوهايو، وجينا رايموندو وزيرة التجارة الأمريكية، معتبرًا أنهم "في وضع جيد لهزيمة ترامب في نوفمبر".
تعثر بايدن مقابل أكاذيب ترامب
لم تكن "واشنطن بوست" أقل حدة في تناولها للمناظرة، إذ عنونت تقريرها بـ "بايدن يتعثر بينما ينشر ترامب الأكاذيب"، في إشارة واضحة إلى التباين في أداء المرشحيْن.
وصفت الصحيفة أداء بايدن بأنه "كفاح بصوت أجش وأداء غير متوازن"، في حين قالت إن ترامب ردّ على "هجمات بايدن الشخصية والعميقة" بـ"عاصفة من الطعون الشخصية والأكاذيب".
هذا التوصيف يكشف عن معضلة حقيقية يواجهها الناخب الأمريكي: الاختيار بين مرشح يبدو متعثرًا في أدائه، وآخر يتهم بنشر معلومات مضللة.
استبدال بايدن
كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن كواليس السياسة، إذ نقلت عن مناقشات خاصة داخل الحزب الديمقراطي حول إمكانية استبدال بايدن على التذكرة الرئاسية.
وأشارت الصحيفة إلى أن "أداء بايدن المتعثر ترك الحزب الديمقراطي في حالة اضطراب، مع محاولة المسؤولين توسيع آفاق الرئيس بعد ظهور المخاوف الواسعة للناخبين من أنه أكبر سنًا من أن يخدم".
هذه التسريبات -إن صحت- تشير إلى أزمة حقيقية داخل الحزب الديمقراطي، فالتفكير في استبدال المرشح الرئاسي قبل أشهر قليلة من الانتخابات هو خطوة غير مسبوقة في التاريخ السياسي الأمريكي الحديث، وتعكس حجم القلق من تداعيات أداء بايدن على فرص الحزب في الاحتفاظ بالبيت الأبيض.
الصدى العالمي
لم تقتصر ردود الفعل على الصحافة الأمريكية، بل امتدت لتشمل وسائل إعلام عالمية، إذ سلطت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست" الصينية، الضوء على مواقف المرشحين تجاه الصين، مشيرة إلى أن بايدن انتقد مقترحات ترامب لرفع التعريفات الجمركية، بينما اتهم ترامب منافسه بأنه "خائف من التعامل مع الصين ويرفع خطر الصراع العالمي".
أما صحيفة "ذا أستراليان"، فوصفت الديمقراطيين بأنهم في حالة "دوامة" و"غاضبون" من الأداء الضعيف لبايدن، مع تحول الاهتمام سريعًا إلى إمكانية اختيار مرشح جديد للحزب في مؤتمره في أغسطس.
وفي إسبانيا، ذكرت صحيفة "إل بايس" أن "سوء حظ بايدن جمع CNN وFox News معًا"، مضيفة أن "الأداء الضعيف للرئيس يفسح المجال لأصوات ديمقراطية تدعو إلى استبدال عاجل قبل الانتخابات".
وقدمت صحيفة لوموند الفرنسية تحليلًا قاسيًا لأداء بايدن، إذ وصفت ما حدث بـ"غرق جو بايدن خلال المناظرة التلفزيونية ضد دونالد ترامب".
وأضافت الصحيفة أن المناظرة "تحولت إلى كارثة للرئيس الديمقراطي، الذي بدا في عدة مناسبات مغلوبًا على أمره، يتعثر في الكلمات، غير قادر على متابعة أفكاره".
تحليل سي إن إن للمناظرة
كانت شبكة سي إن إن، التي استضافت المناظرة، الأكثر وضوحًا في تقييمها، إذ عنونت تقريرها بـ "المناظرة الكارثية لبايدن تدفع حملة إعادة انتخابه إلى أزمة"، مشيرة إلى أنه إذا خسر بايدن محاولة إعادة انتخابه في نوفمبر، "فإن التاريخ سيسجل أنه استغرق 10 دقائق فقط لتدمير الرئاسة".
وأضافت الشبكة أنه "كان واضحًا أن كارثة سياسية كانت على وشك الحدوث بمجرد أن صعد القائد الأعلى البالغ من العمر 81 عامًا بصعوبة إلى المسرح في أتلانتا".
وفي استطلاع سريع للمشاهدين، قال 67% إن الرئيس السابق هو الفائز في المناظرة.