في بادرةٍ تُعد الأولى من نوعها منذ نهاية نظام الفصل العنصري قبل ثلاثة عقود، دخلت جنوب إفريقيا عهدًا جديدًا من التعاون السياسي، بعد اتفاق تاريخي بين حزب الرئيس، سيريل رامافوزا، المؤتمر الوطني الإفريقي، وحزب المعارضة الرئيسي الديمقراطي على تشكيل حكومة ائتلافية.
هذا الاتفاق الذي جاء بعد انتخابات برلمانية أفقدت "المؤتمر" الحاكم أغلبيته للمرة الأولى منذ التحرر من الاستعمار، يُمهد الطريق أمام مرحلة سياسية جديدة في البلاد.
تفاصيل الاتفاق المثير للجدل
بحسب ما نقلت صحيفة "الجارديان" البريطانية، حصل رامافوزا على 283 صوتًا في البرلمان مقابل 44 صوتًا لمنافسه جوليوس ماليما، زعيم الحزب الشيوعي "جبهة العمال الاقتصادية".
وجاء فوز رامافوزا بولاية رئاسية ثانية بعد اتفاق مفاجئ مع حزب المعارضة الديمقراطي الذي سيحصل على منصب نائب رئيس البرلمان في المقابل.
كان الاتفاق بمثابة ضربة موجعة للمؤتمر الوطني الإفريقي الذي تراجعت شعبيته بشكل كبير في الانتخابات الأخيرة، إذ فقد أغلبيته البرلمانية للمرة الأولى منذ الإطاحة بنظام الفصل العنصري في عام 1994.
الديمقراطيون جزءًا من الحكومة
اعتبر جون ستينهويسن، زعيم حزب المعارضة الديمقراطي، الاتفاق بمثابة "تحول تاريخي" لحزبه ليصبح جزءًا من الحكومة الوطنية بعد عقود من المعارضة.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن المفاوضات ستستمر بشأن السياسات وتوزيع الحقائب الوزارية، في حين تضمن "بيان النوايا" الموقع بين الطرفين التزامًا بـ "خدمة مدنية محترفة وغير حزبية ومبنية على الكفاءة".
آمال اقتصادية واستقرار سياسي
يأمل المراقبون أن يساهم التحالف الحكومي الجديد في استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية في جنوب إفريقيا، حيث من المتوقع أن يواصل رامافوزا سياساته الإصلاحية المعتدلة، والتي تشجع القطاع الخاص على الاستثمار في مجالات مثل الطاقة المتجددة، والتي ساهمت في تقليل انقطاع التيار الكهربائي خلال السنوات الأخيرة، على حد قول الجارديان.
على الجانب الآخر، رفضت الأحزاب المتطرفة مثل "جبهة العمال الاقتصادية" و"أمكهونتو ويسيزوي" الانضمام للتحالف الحكومي الجديد، حيث وصفه جوليوس ماليما بأنه "استعماري جديد".
أما رامافوزا فقد دعا جميع القوى السياسية للانضمام لحكومة الوحدة الوطنية؛ شريطة احترام الدستور، بحسب ما نقلت الجارديان البريطانية عن مصادر حكومية.