تستعد جنوب إفريقيا لانتخاب برلمان جديد، الذي بدوره يختار رئيسًا جديدًا، وللمرة الأولى منذ عام 1994، أصبح حزب المؤتمر الوطني الإفريقي مُعرضًا لخسارة أغلبيته المطلقة وقد يضطر إلى التفاوض على تشكيل ائتلاف.
وتعد الانتخابات العامة الحالية في جنوب إفريقيا لحظة فاصلة في التاريخ السياسي للبلاد، إذ يسعى حزب "المناضلون من أجل الحرية الاقتصادية" لاقتناص الفوز في الانتخابات، واستكمال الولاية الثانية للرئيس سيريل رامافوزا، بحسب موقع "تاجز شاو" الألماني.
انتخابات تاريخية
فتحت مراكز الاقتراع في جنوب إفريقيا، اليوم الأربعاء، أبوابها لاستقبال الناخبين للإدلاء بأصواتهم في انتخابات عامة يتوقع كثيرون أن تكون تاريخية بعد 3 عقود على تأسيس النظام الديمقراطي ما بعد حقبة الفصل العنصري.
وسجل نحو 27 مليون ناخب للمشاركة في الاقتراع الذي ربما يمثّل أول مرة خسارة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، الأغلبية المطلقة التي يحظى بها، وفقًا لأحدث استطلاعات الرأي التي تتوقع حصوله على ما بين 40 و46% من الأصوات، ما من شأنه أن يجبره على تشكيل تحالفات للبقاء في السلطة، لأن البرلمان المنتخب هو الهيئة التي ستختار الرئيس المقبل.
بداية على يد "مانديلا"
تحت قيادة الراحل نيلسون مانديلا، حصل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي على الحرية للسود في جنوب إفريقيا بعد عقود من الفصل العنصري، ثم ساعد في بناء ديمقراطية قوية وانتشال الملايين من الفقر من خلال إنشاء نظام رعاية اجتماعية واسع النطاق.
يسعى الرئيس سيريل رامافوزا، إلى الولاية ثانية، الذي يعد الأكثر شعبية في البلاد؛ ونسب تأييده أعلى بكثير، وأكد في خطاب ألقاه إلى التقدم المحرز في مكافحة الكسب غير المشروع وإصلاح الفجوات في إنتاج الكهرباء من بين نجاحات أخرى.
تحديات الولاية الثانية
نما الاقتصاد بنسبة ضئيلة بلغت 0.6% في عام 2023، ويأمل السكان البالغ عددهم 62 مليون نسمة من تحسين الأوضاع الاقتصادية، بعد معاناة من ارتفاع معدلات البطالة التي تبلغ حاليا 32.9%.
كانت جنوب إفريقيا التي بدأت في التعافي من عواقب جائحة كوفيد، وثاني أكبر اقتصاد في منطقة جنوب الصحراء الكبرى بإفريقيا تعاني مشكلات ضخمة مع إمدادات الطاقة، مع تعويلها على أنظمة الطاقة الشمسية التي تمنكت من تغطية أكثر من 10% من متطلبات الكهرباء، وهذا الاتجاه آخذ في الارتفاع بشكل ملحوظ، في محاولات للسيطرة على أزمة الكهرباء التي عاني منها السكان في البلاد.
تراجع يهدد الحزب الحاكم
لكن استطلاعات الرأي تشير إلى أن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي قد يفوز بما لا يقل عن 40% من الأصوات، بانخفاض عن 57% في عام 2019.
وبموجب دستور ما بعد الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، يتم انتخاب أعضاء البرلمان على أساس نظام القائمة الحزبية، ويتم اختيار الرئيس التنفيذي من بين أعضاء البرلمان من قبل البرلمان الذي يتخذ من كيب تاون مقرًا له.
تراجع اهتمام الناخبين
وإذا كان لدى حزب المؤتمر الوطني الإفريقي أقل من 201 مقعد، فسيتعين على "رامافوزا" التفاوض مع أحزاب المعارضة والنواب المستقلين لضمان الأغلبية والعودة إلى مقر الحكومة في بريتوريا.
ويتقلص اهتمام الناخبين تدريجيًا كل خمس سنوات، منذ أن وصل أعلى مستوى له بنسبة 89%، وبلغت نسبة المشاركة 66% في الانتخابات الأخيرة في عام 2019 .
إبعاد "زوما" عن الطريق
استبعدت المحكمة الدستورية في جنوب إفريقيا الرئيس السابق جاكوب زوما البالغ من العمر 82 عامًا.
وقال "زوما" إن قرار المحكمة الدستورية، الأسبوع الماضي، بحرمانه من الترشح للرئاسة كان جزءًا من معركة كبيرة، وسجن الرئيس السابق في عام 2021، بعد رفضه الإدلاء بشهادته في تحقيق الفساد المزعوم في الحكومة، خلال الفترة التي كان فيها رئيسًا من 2009 إلى 2018.
أصبح جاكوب زوما أول رئيس دولة سابق في تاريخ جنوب إفريقيا يُسجن لمدة 15 شهرًا، لأنه رفض الإدلاء بشهادته في المحكمة حول الفساد المتفشي خلال فترة وجوده في منصبه.
وأوقف حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الرئيس السابق زوما، بسبب سلوكه الذي أضر بالحزب، وقال فيكيلي مبالولا، الأمين العام للحزب الذي يحكم جنوب إفريقيا بالأغلبية المطلقة منذ أول انتخابات حرة في عام 1994: "إن الرئيس السابق يدعو علانية إلى إقالة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي من السلطة".